كان تخوف رئيسة حزب كديما تسيبي ليفني من انتخاب شيلي يحيموفيتش (الصورة) رئيسةً لحزب العمل، صائباً، فلم تمض أيام حتى تبيّن رسمياً أنَّ ليفني هي الخاسرة الأكبر من انتخاب يحيموفيتش في زعامة حزب العمل. لقد بيّن استطلاع رأي نشرته صحيفة «هآرتس»، أمس، أن حزب «العمل» برئيسته الجديدة، يعود إلى مركزه التاريخي، ليحتل المكان الثاني بعدما انحدر منذ سنوات إلى أسفل قائمة الأحزاب الكبرى. هذا التقدم الملحوظ للعمل، يأتي بوضوح على حساب كديما الذي يخسر من مقاعده لمصلحة الحزب الذي جدّد رئاسته. الاستطلاع يعيد «العمل»، بقيادة يحيموفيتش إلى المكان الثاني على حساب كديما بقيادة ليفني، ما يجدد الصراع من أجل «قيادة جديدة». أما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فهو في الصدارة مع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في تصاعد، واليمين لا يزال مهيمناً بقوّة على المشهد الإسرائيلي.
وبحسب الاستطلاع، يفوز حزب الليكود برئاسة نتنياهو بعدد المقاعد الأكبر، وهو 26 مقعداً يليه في المرتبة الثانية حزب العمل بقيادة يحيموفيتش مع 22 مقعداً، بعدما تنبأت استطلاعات كثيرة بأنَّ الحزب سيتحطم. أما في المرتبة الثالثة، فيحل حزبا «إسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان ليحصل على 18 مقعداً، وحزب كديما بقيادة ليفني الذي يحصل على عدد مماثل. لكن من الواضح في هذا الاستطلاع، أنه على الرغم من تعافي حزب العمل، إلا أن اليمين الإسرائيلي الذي يشمل الليكود والأحزاب المتدينة و«إسرائيل بيتنا»، لا يزال يحافظ على قوته كغالبية (66 مقعداً)، في مقابل ما يسمى المعسكر «الوسط ـــــ يسار» والأحزاب العربية التي لا تعدّ نفسها جزءاً من هذه التقسيمات الإسرائيلية.
لكنَّ مثل هذه الاستطلاعات، يفتح التساؤل عمّا إذا كانت يحيموفيتش قادرة على حفظ هذه الوضعية. ففي كثير من الأحيان، وبعد انتخابات تمهيدية في الأحزاب، حين يكون الحزب في صدارة الأنباء، يكون التلهف من المرشح الجديد عالياً، فيحظى بنسب تصويت عالية لا تصمد في وجه المتغيرات السياسية. لكنَّ الأكيد اليوم، أن يحيموفيتش أعادت «العمل» إلى مكان لم يتنبأ به المراقبون، وبنحو غير مباشر فتحت صراعاً جديداً على رئاسة «كديما».
لكن الأكثر أهمية في هذا الصدد هو أنَّ هذا الاستطلاع قد يمثل حقيقة ليوم واحد، وربما أيضاً لا يعكس الواقع المختبئ من وراء الوضع السياسي في الدولة العبرية المتغير من يوم إلى آخر، لكن من شأنه أن يشعل المشهد مرةً أخرى في «كديما». عضو الكنيست شاؤول موفاز، المرشح الأزلي لرئاسة الحزب قد ينتهز الفرصة الآن تحديداً للهجوم على ليفني واتهامها بالتراجع الحاد في قوة الحزب، ليعزز من احتمالات فوزه في حال إجراء انتخابات داخلية. بدأت ملامح الصراع تتجلى أمس، حين أعلن القيادي في «كديما» آفي ديختر، في حديث لإذاعة الجيش الاسرائيلي، أن هذا ليس الاستطلاع الأول الذي يمنح «كديما» عدد مقاعد منخفضاً، مشدداً على أنَّ الحزب يدفع ثمن «سياسته كحزب وسط ـــــ يسار». وبيّن أن عودة «كديما» ليكون حزب وسط وحدها قادرة على إعادة الحزب إلى عدد مقاعد عالٍ. وانتقد ديختر رئيسة الحزب ليفني على «جر الحزب يساراً»، وقال: «كان واضحاً أن حزب العمل سيتعافى ويأخذ أصواتاً من كديما»، مضيفاً أنّ من الممكن أن ينجح «كديما» مع «قيادة أخرى»، وأنهم بدأوا في الحزب ببحث إمكان تقديم موعد الانتخابات التمهيدية.
نتنياهو، الذي ينهي في هذه الأيام عامين ونصف عام في ولايته، يستطيع أن يركب حكومة يمينية في حال إجراء الانتخابات. لكن هذا الائتلاف مرة أخرى، في حال حدوثه، سيكون رهينة لليبرمان وغيره من الأحزاب اليمينية الدينية المتشددة. لهذا، يرى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، يوسي فيرتر، أن صورة المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء وهم يصلّون على قبر الحاخام ملوففيتش في نيويورك «تروي كل القصة».