شغل الرئيس بشار الأسد، أمس، حيّزاً من المشهد السوري، أكان من حيث المواقف أم القرارات. أما المواجهات فظلّت حامية، وخصوصاً في حمص، حيث سجّلت وكالات الأنباء ومصادر من المعارضة حصول اشتباكات مسلحة، بينما يخوض الاتحاد الأوروبي محاولة تجربة قرار دولي جديد ضد القيادة السورية، من دون أن ينجح في تفادي الرفض المستعصي من قبل روسيا خصوصاً.
ورأى الأسد، خلال لقائه الرئيس الأسبق للحكومة اللبنانية سليم الحص، أن «الحوادث التي مرت بها سوريا انتهت»، مشيراً إلى أن المدن السورية «تستعيد استقرارها»، بحسب بيان صدر عن مكتب الحص نقل عن الأسد تأكيده أن «السلطة في سوريا تسهر على الوضع وتوليه اهتماماً بالغاً، حفاظاً على سلامة الشعب السوري وهنائه». وتابع البيان أن الحديث «تطرق إلى المدّ القومي والعربي الذي عاد إلى التعاظم والتنامي بزخم مشهود في سوريا، وهذا من شأنه أن يبقي سوريا في طليعة الأقطار العربية التي تحتضن الحركة القومية العربية بحيث تبقى محوراً أساسياً لتلك الحركة في الوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج». وكان لافتاً أن الخبر اقتصر في وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» على استقبال الأسد للحص، من دون ذكر تفاصيل عن كلام الأسد.
في غضون ذلك، أصدر الرئيس السوري مرسوماً يقضي بتأليف اللجنة العليا للانتخابات في سوريا من القضاة المستشارين في محكمة النقض السورية، وتتكوّن من 5 أعضاء أصيلين من بينهم سيدة، و5 احتياط. وبحسب بيان رئاسي، ستتولى اللجنة، ومقرّها دمشق، «الإشراف الكامل على إدارة الانتخابات، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان نزاهتها وحريتها، وتتمتع بالاستقلال التام في عملها عن أي جهة أخرى».
وفي السياق، علم موقع «شام برس» المقرّب من النظام أن الأسد «سيصدر في الساعات القليلة المقبلة قراراً بتأليف لجنة وطنية لصياغة دستور جديد بمشاركة شخصيات من المعارضة». ونقلت عن مصادر رفيعة المستوى أن اللجنة تضم في عضويتها «شخصيات قانونية رفيعة وممثلين عن الأحزاب وشخصيات من المعارضة». وكشفت أن أبرز المرشحين لرئاسة اللجنة القاضي والوزير السابق الدمشقي، مظهر العنبري. ووفق مصادر سورية مطّلعة، فإنّ القيادة السورية «ستؤلف لجنة هدفها بحث إمكان تعديل بعض مواد الدستور»، مشيرةً إلى أنها «أجرت مشاورات لإشراك شخصيات معارضة في هذه اللجنة، على أن تشارك بصفتها الشخصية، لا كممثلة لأي تجمع أو حزب معارض».
دولياً، تخلّت الدول الأوروبية عن المطالبة بفرض عقوبات فورية على دمشق، في مشروع قرار دولي جديد قدمته إلى مجلس الأمن. ويكتفي مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال بدعم أميركي بالتلويح بالعقوبات إذا لم يضع النظام السوري حدّاً لقمع الحركة الاحتجاجية، وسط تجدّد الرفض الروسي للتجاوب معه. وتأمل الدول الأوروبية طرح مشروع القرار للتصويت خلال الأيام المقبلة، بحسب ما أوضح دبلوماسيون. ويشير النص إلى أن مجلس الأمن «يعرب عن تصميمه، إذا لم تتقيّد سوريا بهذا القرار، على إقرار إجراءات هادفة، بما فيها عقوبات» ضد النظام. كذلك يدعو إلى تعيين موفد خاص للأمم المتحدة إلى سوريا. غير أنّ مصدراً روسياً كشف عن أن موسكو تعارض أيضاً مشروع القرار الجديد، لأن «البنود المتعلقة بالعقوبات في المسوّدة الجديدة لا يمكن أن ترضي روسيا».
أما «الهيئة العامة للثورة السورية»، التي تمثل عشرات من مجموعات المعارضين، فقد أيّدت من جهتها فرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين في سوريا، إضافة إلى فرض حظر على الأسلحة التي تنقل إلى سوريا، وتجميد أرصدة المسؤولين السوريين، وذلك في بيان خرج عن اجتماع عقدته في واشنطن ستسلّمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وإلى مجلس الأمن الدولي وإلى الرئيس الأميركي باراك أوباما.
ميدانياً، استمرت موجة التصفيات في حمص، إذ أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن مجهولين اغتالوا صباحاً مهندساً نووياً هو أوس عبد الكريم خليل، لينضم إلى الأكاديميين والعلماء والعسكريين الذين جرت تصفيتهم حتى الآن، أبرزهم العميد الركن الدكتور نائل الدخيل، والمهندس محمد علي عقيل والدكتور حسن عيد، مع استمرار الاتهامات المتبادلة بشأن مسؤولية الاغتيالات بين الناشطين الميدانيين والسلطات السورية.
وفي إطار المواجهات المستمرة في حمص وضواحيها، تحدثت مصادر محلية في المحافظة إلى وكالة «يونايتد برس انترناشونال» عن أن مدينة الرستن تشهد مواجهات عنيفة بين منشقّين عن الجيش وقوات نظامية وأعوانها، انتهت بمقتل المنشق برتبة ملازم أول أحمد الخلف وثلاثة آخرين، في ظل دخول دبابات الجيش النظامي، مدعومة بمروحيات إلى المدينة، ما أدى إلى قطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)