القاهرة | «الثورة المصرية لم تكتمل فصولها بعد، رغم مرور ثمانية أشهر على ولادتها، وبالتالي فإنّ كل الطرق تؤدي إلى ميدان التحرير؛ لأنه الملجأ الوحيد لنا». بهذه العبارات أعربت القوى والأحزاب السياسية عن رأيها في الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري الحاكم، من دون الرجوع إليها، وإصرار المجلس على قانون انتخابي يقوم على نظام الثلثين للقوائم، والثلث للمرشحين الفرديين، ما يعني إعادة إنتاج فلول الحزب الوطني المنحل مجدداً، كذلك إصرار الجنرالات على قانون الطوارئ رغم عدم دستوريته. ورغم اختلاف الرؤى بين القوى، كل لأسبابه، ظهر ما يشبه الاتفاق على أن الثورة لم تكتمل، ويجب استكمالها، لا بل استردادها. أجواء «ثورة يناير» تهب على ميدان التحرير من جديد إذاً، وخاصة مع الحديث عن الخطوة التصعيدية الأكبر التي لم تُحسَم بعد، وهي: هل تتحول مليونية الغد إلى اعتصام مفتوح؟ عدد كبير من الأحزاب يرفض الاعتصام، بحجة أنه سيعطل مصالح الناس، لكن صفحة «ثورة الغضب المصرية الثانية» على الإنترنت أعلنت الاعتصام في الميدان حتى تحقيق المطالب. أحزاب «الوسط» و«التحالف الشعبي الاشتراكي» و«الاشتراكي المصري»، وكذلك حركات 6 أبريل وحزب الجبهة الديموقراطية و«شباب من أجل العدالة والحرية»، والجبهة الحرة للتغيير السلمي، و«حركة نضال»، أعلنت مشاركتها في جمعة «استرداد الثورة»، لكن من دون اعتصام، يُضاف إليها «اتحاد شباب الثورة»، و«اتحاد ثوار يناير» و«اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة». كذلك أعلن «حزب الغد الجديد» و«حملة دعم أيمن نور مرشحاً للرئاسة»، أنهما سيشاركان في المليونية، جنباً إلى جنب مع حزب «الكرامة»، وهو ما أعلنه القيادي في الحزب سعد عبود، الذي أوضح أن على رأس المطالب التي سيرفعها «الكرامة» في التظاهرة، تعديل قانون الانتخابات ليكون قائماً على القائمة النسبية غير المشروطة، مبرراً مشاركتة في المليونية بإصرار المجلس العسكري على «تجاهل رغبة القوى السياسية في وضع قانون الانتخابات».
في ظل هذه الأجواء، بات واضحاً أن الصدام قادم لا محالة، بعد تأكيد عدد من الأحزاب أن الأمر قد يصل إلى مقاطعة الانتخابات في حالة إصرار المجلس على موقفه. وأشار عضو المكتب الرئاسي لحزب «التجمع» اليساري، حسين عبد الرازق، إلى أن هذا «لم يحدث في أي بلد في العالم، لأن المجلس العسكري يصر على رأيه ويلجأ إلى وسائل تكشف عدم احترامه للمبادئ الدستورية المتعارف عليها». وأوضح عبد الرازق أن المشروع الخاص بتعديل قانون الانتخابات «يتعارض مع نصوص الإعلان الدستوري، لأن المجلس العسكري لم يلجأ إلى تصحيح القانون وإنما إلى تعديل مادة للإعلان الدستوري، وتوفيق المشروع مع القانون وهذا أمر مرفوض تماماً».
في المقابل، خرج أحد أعضاء المجلس العسكري متحدياً الجميع، مشدداً على أنه «لا رجوع عن إجراء الانتخابات». وفيما رفض الكشف عن سيناريوات التعامل مع القوى السياسية التي أعلنت تمسكها بموقفها المعارض لقانون الانتخابات، فقد أوضح أن الحكومة والمجلس العسكري «لم يتوقفا عن التشاور مع القوى السياسية قبل إعداد القانون وأثناءه». ادّعاء ردّ عليه المرشح المحتمل للرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح بقوله: «ليس من حق المجلس العسكري إصدار أي تعديلات دستورية تخالف ما جاء فى استفتاء شهر آذار». وتابع: «كما ليس من حقه أن يصدر ضوابط لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التي ستقوم بصياغة الدستور، وخصوصاً أن الاستفتاء حدد طريقة اختيارهم». ورفض المرشح المحتمل إضافة أي تشريعات أو اتخاذ أي إجراءات من شأنها تمديد حالة الطوارئ.
من جهته، أعرب المرشح الرئاسي الآخر، المستشار هشام البسطويسي، عن أسفه؛ لأن المجلس العسكري «يواصل تعاطيه نفسه في إصدار القرارات، حتى وإن اختلفت عليها القوى السياسية والشعب»، مذكراً العسكر بأن مهمتهم «إدارة البلد لا حكمه».