عمان | المطالبات المستمرة بحلّ مجلس النواب وإجراء انتخابات حرة ونزيهة قد تأخذ أبعاداً جديدة خلال المرحلة المقبلة، بعدما أقرّ المجلس مادة توصف بأنها مقيدة للحريات العامة والحريات الإعلامية، بحيث تمنع أي شخص من التحدث علناً عن شبهة فساد، ما لم يكن يحمل وثائق ودليلاً على ذلك. المجلس، الذي أصبح في الفترة الأخيرة هدفاً للحراك وشعاراته المطالبة بحلّه، صوّت أول من أمس على مشروع قانون مكافحة الفساد، كما ورد من الحكومة، وحدّد غرامة مالية في المادة (23) من القانون لمن تنطبق عليهم المادة (5) من القانون نفسه تتراوح بين 30 و60 ألف دينار. وصوّت 56 نائباً من أصل 96 على مشروع القانون، كما استبعد المجلس الاقتراحات التي تقدّم بها نواب لتعديل المادة.
ووصف بعض النواب المعارضين للقرار ما جرى بالخطير. وقد دعت الأمينة العامة لحزب الشعب الديموقراطي، النائبة عبلة أبو علبة، الصحافيين الى نشر اسم كل نائب صوّت مع القانون أو ضده، فيما أشار المتابعون للجلسة الى أن نية رئاسة المجلس كانت واضحة بالتصويت، إذ جرى وقف النقاش بعد تقديم الاقتراح وشُرع فوراً في التصويت.
الردّ الشعبي الرافض لأداء مجلس النواب جاء سريعاً، بحيث اعتصمت مجموعة يسارية أطلقت على نفسها «الحقيقة السوداء» عقب فض الجلسة، أمام مجلس النواب. وأحضر المنظمون معهم «فستقاً» لتقديمه للنواب الذين صوّتوا على القرار كنوع من السخرية من أدائهم، واصفين نقاشات النواب في التعديلات الدستورية بـ«فستق فاضي». وسخروا من المجلس، معتبرين احتفاليتهم «تكريماً للنواب الذين بذلوا جهوداً مضنية في تمرير التعديلات كما تريدها الحكومة، وفي التزامهم بحضور الجلسات، حيث لم يضرب النصاب سوى ست أو سبع مرات فقط لا غير».
كذلك هاجم تجمع «نقابيون من أجل الإصلاح» بشدة مجلس النواب لإقراره المادة 23 من مشروع القانون المعدل لقانون هيئة مكافحة الفساد، وقال إنّ المجلس بتصرّفه هذا إنما يشرّع لحماية الفساد وتحصين الفاسدين. ودعا إلى زيادة الضغط على السلطة، ومقاومة استخفافها بالتطلعات الشعبية عبر الضغط السلمي، والتظاهرات الاحتجاجية، وتوقيع العرائض، وإصدار البيانات التي تُعرّي السلطة، وتكشف زيف ادّعاءاتها. ووصف ما جرى بالمهزلة الرسمية، قائلاً «يوماً بعد يوم تتكشف خيوط المهزلة الرسمية التي تختبئ وراء شعارات الإصلاح والرغبة في الإنجازات الثورية، وتحقيق نقلة نوعية في التشريعات والقوانين».
بدورها، رفضت كتلة التغيير والعدالة النيابية إقرار المادة 23، موضحةً موقفها أمام الرأي العام المؤيد لشطب المادة المكبّلة للحريات. وشددت على أنها ضدّ المادة لكونها تكمّم الأفواه ومن شأن إقرارها عدم كشف حالات الفساد، معربة عن «رفضها المساس بالأشخاص من دون وجه حق وتشويه سمعتهم»، مشيرةً الى أن القوانين الحالية كافية للردع ولا حاجة إلى مزيد من فرض النصوص القانونية المقيدة للحريات العامة عموماً والحريات الإعلامية على وجه الخصوص.
وكانت الكتلة قد تقدّمت باقتراح يقضي باعتذار أي شخص يُقدم على الإساءة للغير، بحيث إن صدور الحكم القضائي ببراءة المتضرر كفيل بأن يتقدم ملحق الضرر بالاعتذار في كل وسائل الإعلام المحلية وخاصة المكتوبة (الصحف اليومية والأسبوعية والإلكترونية).
ولوّح مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين بتقديم استقالة جماعية اعتراضاً على القانون، الذي رأت أنه يفرض قيوداً على حرية الإعلام، في ما يتعلق بقضايا الفساد.