اندلعت أزمة جديدة في موريتانيا تهدد وحدة البلاد، مع إصرار الحكومة الموريتانية على مواصلة إحصاء سكاني يعترض عليه السود، على الرغم من سقوط قتلى في تظاهرات احتجاجية على هذه الخطوة. وفي بيان قرئ على وسائل الإعلام الرسمية، قال وزير الداخلية محمد ولد بوعليل إن موريتانيا مصمّمة على إتمام الإحصاء السكاني، واتهم المحتجين بأنهم يعملون ضد المصلحة الوطنية. وتجري موريتانيا تغييراً في نظامها للتعرف إلى المواطنين، بعد صدور قانون جديد للأحوال الشخصية في كانون الأول، ويتحدث السود عن أمور «استفزازية» عندما يجرى تسجيلهم، ويقولون إنهم يخشون وجود دوافع عنصرية وراءه. ومنذ 24 أيلول، اندلعت تظاهرات عنيفة في الجنوب، وخصوصاً في مقامة وكيهيدي، أدّت إلى سقوط قتيل وعدد كبير من الجرحى، تقودها حركة «لا تمس بجنسيتي»، احتجاجاً على الإحصاء «التمييزي والعنصري»، على حدّ قولها.
ونظمت تظاهرة جديدة الأربعاء الماضي في مقامة (جنوب)، حيث أحرق شبان منزل رجل متهم بأنه «مخبر» لقوات الأمن، حسبما ذكر ناطق باسم المتظاهرين لوكالة «فرانس برس».
وقال الناطق، طالباً عدم كشف هويته، إن التظاهرة جرت بعد دفن رجل قتل بالرصاص الثلاثاء خلال تفريق الدرك لتظاهرة، موضحاً أن «الشبان أغضبهم وجود قوات الأمن في المقبرة». وتابع أن «الدرك الذين زعموا أنهم جاؤوا لضمان أمن مراسم الدفن، اضطروا إلى الانسحاب بطلب من إمام المسجد» في المكان. وبعد انتهاء مراسم الدفن «توجهوا الى منزل المخبر وأحرقوه».
وعلى الرغم من سقوط القتيل، أكد الوزير ولد بوعليل أن «الدولة ستوظف كل الوسائل، وستأخذ كل الوقت الذي تحتاج إليه» لإكمال الإحصاء، معتبراً أنه «عملية استراتيجية لمستقبل البلاد ويخدم المصلحة الوطنية».
وقال الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان والجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان، في بيان، «نحن قلقون جداً من المواجهات العنيفة في موريتانيا بين قوات الأمن والمتظاهرين»، إضافة إلى «اعتقال عدد كبير من الأشخاص وتوقيف كثيرين آخرين تعسّفاً».
وقالت رئيسة الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، سهير بلحسن، إن «القمع العنيف لتظاهرات سلمية ليس الرد الذي ننتظره من دولة قانون»، مطالبة بإجراء «تحقيق مستقل» في سقوط القتيل في مقامة. أما رئيسة الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان، فاطمة مباي، فتحدثت عن «استمرار التمييز بكل أشكاله ضد السود». وقالت المنظمتان إن «المتظاهرين يدينون خصوصاً التشكيلة غير التمثيلية للجان المكلفة بهذا الإحصاء وطلب وثائق تثبت الجنسية يستحيل الحصول عليها في بعض الأحيان».
(أ ف ب، رويترز)