صنعاء | قطعت إذاعة صنعاء نشرتها الإخبارية الصباحية أمس لتنقل عن مصدر أمني مقتل القيادي في تنظيم القاعدة أنور العولقي الذي كان يعدّ المطلوب الرقم واحد عالمياً بعد القيادي في تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، مشيرةً إلى أنه «قد لقي مصرعه اليوم مع عدد من رفاقه من عناصر التنظيم في غارة جوية ناجحة بمحافظة الجوف». وأوضح المصدر الأمني «أن هذه العملية الناجحة حصلت بعد عملية متابعة ومراقبة ورصد من قبل أجهزة الأمن اليمنية لتحركات الإرهابي أنور العولقي ومن معه الذين لقوا مصرعهم». لكن المصدر الأمني لم يتطرق إلى تفاصيل أخرى توضح الطريقة التي جرى بها اغتيال العولقي، وهل كانت عملية يمنية خالصة أم بمشاركة جهات أخرى.
وذكر موقع وزارة الدفاع اليمنية أنه قتل في الغارة ثلاثة آخرين إلى جانب العولقي، أحدهم يدعى سمير خان، وهو أميركي الجنسية من أصل باكستاني متخصص في برامج الكمبيوتر، ويتولى المسؤولية عن مجلة انسباير (Inspire) الناطقة باللغة الإنكليزية، التي تصدر عن الفرع الإقليمي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتوزع عبر الإنترنت.
ولم يمض وقت طويل حتى أعلن مسؤولان أميركيان أن العولقي «قتل في هجوم طائرة بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية».
والمعروف أن هذه هي المحاولة الثانية لقتل أنور العولقي بعد محاولة فاشلة كانت قد قامت بها طائرة بدون طيار أيضاً في مطلع أيار الفائت، وهي المحاولة التي أعلنت الوكالة الأميركية عنها ليتبعها مصدر يمني أكد حدوث تلك العملية. لكن رغم الأخبار التي تحدثت عن أن القيادي أنور العولقي، الذي كشف عن تحريضه للنيجيري عمر فاروق عبد المطلب للقيام بعملية تفجير على متن طائرة أميركية يوم الخامس والعشرين من كانون الأول من عام 2009 على الأجواء الاميركية قبل أن يُقبض عليه قبل لحظات من تنفيذ العملية، كان يعيش في مكان ما من جبال منطقة شبوه (جنوب اليمن) التي ينحدر منها والده ناصر العولقي رئيس جامعة صنعاء السابق، لكن مكان تنفيذ عملية قتله في منطقة الأقشع بـ«الخسف» في محافظة الجوف (شرقي صنعاء) يوضح أنه كان يتمتع بحرية حركة وتنقل ما بين المناطق الجبلية والمناطق الصحراوية، وأن عملية رصده كانت مسألة سهلة بالنسبة إلى وكالة الاستخبارات الأميركية. لكن يبقى السؤال عن الدافع الذي جعل الوكالة تنفّذ العملية في هذا التوقيت على وجه التحديد.
لكن، من جهة أخرى، قد تعمل هذه الحادثة أكثر على توضيح حقيقة المجال الواسع الذي تمتلكه الولايات المتحدة الأميركية للتحرك في الجغرافيا اليمنية والمدى الذي تستطيع التوغل فيه بحرية كاملة بعيداً عن أي تدخل من قبل السلطات اليمنية أو سؤالها عن أي تفاصيل لما تقوم به، وعن مدى انتهاك السيادة اليمنية تحت ما يسمّى التعاون العسكري والأمني مع الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من أن كل العمليات التي تنفذها وكالة الاستخبارات التابعة لها تحصل عبر قصف بطائرات بدون طيار، وهو كما يبدو الخيار الأمثل لتلك الوكالة، ما يجنّبها أي انتشار لعناصرها على الأرض وتكبّد خسائر بشرية، وهو ما يؤكد عدم وجود أساس لذلك التعاون الأمني بينها وبين القيادة اليمنية التي يبدو أن كل ما تفعله هو السماح بتنفيذ تلك العمليات على أراضيها من غير أن تكون على علم بأي تفاصيل مسبقة.
وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قد أعلنت أنها في مطلع حزيران الماضي نجحت في قتل عدد من قيادات تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب عبر غارات نفذتها طائرات بدون طيار، في الوقت نفسه الذي أعلن فيه مصدر عسكري يمني أن مقتل أولئك المطلوبين قد حصل على أيدي قوات الجيش، وكان من بينهم القيادي أبو علي الحارثي، وقد جرت هذه العملية بعد محاولة القتل الفاشلة ضد أنور العولقي. وهو الإعلان الأميركي الذي سبّب حرجاً بالغاً للقيادة اليمنية التي ظهرت في موقف سيّئ أمام المعارضة اليمنية وهي تعلن استباقياً أنها من نفّذت العملية قبل أن يتضح أنها لم تكن على علم كامل بتفاصيل العملية.