بين اللحظة والأخرى، يمكن أن تدهم القوات الأمنية البحرينية منازل أطباء ومسعفين وتعتقلهم، لتنفيذ أحكام ضدهم تصل إلى 15 عاماً، جرّاء تهم أدينوا بها نتيجة اعترافات انتُزعت تحت التعذيبيعيش 48 طبيباً حالة من القلق البالغ في هذه الأيام؛ فعشرون منهم يتوقعون أن تدهمهم في أي لحظة القوات الأمنية لاعتقالهم وزجّهم في السجن، بعد صدور أحكام ضدّهم تصل إلى 15 عاماً، والباقون ينتظرون إصدار الحكم في تشرين الأول المقبل.
حتى كتابة هذا التقرير، لم يتبيّن إن كانت قد صدرت بعد مذكرات التوقيف بحقهم، والأطباء الذين اتصلت بهم «الأخبار» أجمعوا على أنّ الأحكام سياسية بامتياز، وتهدف السلطة من ورائها إلى استخدامهم ورقة ضغط ومساومة مع الأطراف السياسية المعارضة. وأتت الأحكام مفاجأة للجهات الدولية التي أجمعت على أنها جائرة.
وعبّرت الولايات المتحدة عن انزعاجها من الأحكام. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، إن واشنطن «منزعجة بشدة» بسبب تلك الأحكام التي صدرت على 20 طبيباً. وأضاف «نواصل حثّ الحكومة البحرينية على التقيّد بالتزامها بإجراءات قضائية شفافة، بما في ذلك محاكمة عادلة، وإتاحة الفرصة للمحامين وإصدار الأحكام على أساس أدلة موثوق بها».
بدورها، أعربت الحكومة البريطانية عن مشاعر قلق تجاه أحكام السجن التي صدرت على الأطباء، وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ «هذه الأحكام تبدو غير متناسبة مع الاتهامات الموجهة». وأضاف «هذه تطورات مثيرة للقلق يمكن أن تقوّض تحركات الحكومة البحرينية صوب الحوار والإصلاح اللازم للاستقرار على المدى الطويل في البحرين».
كذلك أكد متحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان للأمم المتحدة أن 20 طبيباً واثنين من المسؤولين عن جمعيات المدرسين، وما لا يقل عن 32 شخصاً آخرين، أدينوا بالسجن بأحكام تتراوح بين ثلاثة أعوام إلى 15 عاماً، إضافة إلى حكم بالإعدام. وقال «نشعر بقلق كبير إزاء إدانات بهذه القساوة بحق مدنيين صدرت عن محكمة عسكرية وتتضمن مخالفات خطيرة». وأضاف أن وكالة الأمم المتحدة تبلّغت أن المتهمين «لم يتصلوا بمحاميهم الذين لم يمنحوا وقتاً لإعداد الدفاع عن موكليهم». وأضاف «سمعنا حتى عن حالات اتصل فيها متّهمون بعائلاتهم قبل يوم فقط من الجلسة لتعيين محام». وأكد أن المحكمة لم تحقق في اتهامات بالتعذيب وتسجيلات ممنوعة، «وكل ذلك يقلقنا».
محلياً، تناول المرجع الديني البارز عيسى قاسم، في خطبة الجمعة، اعتقال النساء في «سيتي سنتر» وسط المنامة، الأسبوع الماضي، وقال «لم يبق شيء من المقدسات والحرمات، ومن الدماء والأموال في هذا الوطن، إلا تعدّت عليه السياسة، وناله بغي عظيم منها». وأضاف «ما ارتكبته حماقة السياسة وجاهليتها وطيشها وغرورها في حق الحرائر سقوط خلقي ذريع، وسخرية ممعنة بهذا الشعب وهزءاً به، وحقداً على بناته وأبنائه». وأشار إلى أنه «إذا كانت هذه السياسة الإرهابية الممعنة في القسوة والإذلال من أجل أن تتراجع المطالب الشعبية خطوة إلى الوراء، فإن المطالب في نفسها غير قابلة للتراجع، ومثل هذه الأساليب إنما تزيد من الإيمان بالتمسك بها». وأكد «لم يعد الإصلاح الحقيقي أمنية من أماني الشعب، بل قد تأكّد له أنه ضرورة من ضرورات وجوده، والضرورة لا يمكن التخلي عنها بحال».
(الأخبار)