أنقرة تنفي اقتراح إشراك «الإخوان المسلمين» في سورياباتت الصورة الميدانية في سوريا طاغية على ما عداها من تطورات سياسية على أهميتها، بينما تعقد معارضة الخارج التي ينضوي عدد من رموزها في إطار ما بات يعرف بـ«معارضة إسطنبول»، اجتماعات رسمية لها اليوم وغداً في تركيا، لانتخاب هيئة قيادية تضاف إلى المجالس المعارِضة الأخرى. وفيما يستمر السجال الدبلوماسي الأميركي ـــــ السوري تحت عنوان السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد، جاءت «جمعة النصر لشامنا ويمننا»، أمس، بحصيلة مرتفعة في عدد ضحاياها الذين ناهزوا 27 ضحية، وفق مصادر المعارضة. وقد عادت أنباء اغتيالات «الكوادر» في حمص، بينما استمرت الحرب الإعلامية بين النظام ومعارضيه بشأن أعداد ضحايا العنف اليومي.

لم تشذّ جمعة «النصر لشامنا ويمننا» في سوريا، أمس، عن سالفاتها من أيام الجمعة منذ منتصف آذار الماضي؛ فقد تكرر المشهد وأرقام القتلى: تظاهرات حاشدة وفق مصادر المعارضة يقابلها نفي من السلطات التي تحصر «الأحداث» بجرائم لـ«مجموعات إرهابية مسلحة». هكذا، أكّدت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن حصيلة قتلى يوم أمس وصلت إلى 27 قتيلاً برصاص الأمن السوري «معظمهم في حماه وفي ريف حمص»، إضافة إلى عشرات الجرحى في مختلف المحافظات ومدن ريف دمشق، وخصوصاً في معظمية الشام ودوما. وفي الرستن بحمص، استمرت المعارك بين الجيش النظامي والمنشقين عنه، لتدخل تلبيسة (في حمص أيضاً) على خط المواجهة، مع إشارة «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى جرح 32 جندياً في اشتباكات مع المنشقين، لافتاً إلى اقتحام الرستن بـ250 مدرعة. وقد نقلت مواقع المعارضة عن «الجيش السوري الحر» (المنشق) توعده بـ«ردّ قوي ورادع على عملياتِ الجيش السوري في الرستن التي أدّت إلى قتلى وجرحى وهدم 200 منزل». وفي السياق، أفاد «المرصد السوري» بأن ضابطاً برتبة عميد يدعى برهان حميش اغتيل في حي عشيرة بمدينة حمص «بعدما رفض الخروج إلى منطقة الرستن بعد توجيه أوامر له بذلك، فقامت سيارة (كيا ريو) بيضاء يُعتقد أنها تابعة للشبيحة بإطلاق النار عليه وقتله على باب منزله». لكن «مصدراً سورياً مسؤولاً» استهجن ما ورد حيال اغتيال العميد حميش، مؤكداً أنه «استشهد في الرستن إثر إصابته بطلق ناري في الرأس على يد المجموعات الإرهابية المسلحة». كذلك نفى المصدر مقتل أو إصابة أي متظاهر في حمص. وأضاف أنه خلال تفكيك عبوة ناسفة في ساحة بمدينة دوما بريف دمشق، انفجرت العبوة، ما أدى إلى «استشهاد خبيرين بتفكيك المتفجرات وجرح اثنين آخرين، جراح أحدهما بالغة». وقد ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «مجموعات إرهابية مسلحة قتلت في الرستن سبعة عسكريين، بينهم ضابطان، فيما قتل في تلكلخ ثلاثة من قوات حفظ النظام. وبحسب رواية النظام، أطلق مسلحون النار في حماه على قوات حفظ النظام والمدنيين في كفرزيتا، «ما أدى إلى استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة عدد من عناصر حفظ النظام».
وفيما لم تهدأ الحرب الكلامية بين واشنطن ودمشق على خلفية الهجوم بالبيض والحجارة والبندورة على السفير الأميركي روبرت فورد أول من أمس، اتهمت «هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديموقراطي في سوريا»، التي تضم طيفاً واسعاً من معارضة الداخل، النظام الحاكم بالوقوف خلف الهجوم، بما أن ما حدث «جرى تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية المختلفة التي لم تتدخل». وأوضحت «الهيئة»، في بيان، أنها لا تزال ترفض التدخل العسكري الخارجي مهما كان مصدره، إضافة إلى رفض العنف واستخدام السلاح، لافتة إلى أن وفدها الذي التقى فورد في مكتب المعارض حسن عبد العظيم «حرص على توضيح أن صدقية الولايات المتحدة في المنطقة ضعيفة بسبب موقفها من قضية فلسطين وانحيازها إلى الكيان الصهيوني، وغير ذلك من السياسات التي أضرت بالشعوب العربية عبر تاريخ طويل». وقد غابت معارضة الخارج عن التعليق على حادثة فورد، ربما لانهماك بعض رموزها، وتحديداً المنضوين تحت جناح «المجلس الوطني السوري» في الإعداد لاجتماعاتهم «الرسمية» المغلقة مع عدة أحزاب وشخصيات في إسطنبول اليوم وغداً «لتحديد تشكيلة الهيئات القيادية للمجلس».
في غضون ذلك، طلبت لجنة التحقيق التي ألفتها الأمم المتحدة لتزور سوريا، التي يرأسها البرازيلي باولو بينهيرو، السماح لها بدخول البلاد للتحقيق في تقارير عن قتل وتعذيب أشخاص بينهم أطفال. أما في مجلس الأمن، فقد أعلن المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أن بلاده رفضت ثالث صيغة لمشروع قرار دولي تقدمت به دول غربية ضد سوريا، رغم أنّ المشروع المذكور لا يتضمن فرض عقوبات على دمشق. وبناءً على الرفض الروسي الجديد ـــــ القديم، توقفت مداولات مجلس الأمن حول القرار بعدما أصرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال (معدّو مشروع القرار) على ضرورة أن يشمل القرار تلويحاً بفرض عقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي أنقرة، نفت وزارة الخارجية التركية «بشدة» أن تكون قد اقترحت على السلطات السورية إشراك الإخوان المسلمين في حكومة سورية جديدة، في مقابل تقديمهم الدعم للنظام لوقف حركة الاحتجاج. ووضعت الوزارة هذه الأنباء في خانة «الدعاية التي لا تمت إلى الواقع بأي صلة». تجدر الإشارة إلى أن دبلوماسياً غربياً سبق أن أكد لوكالة «فرانس برس» أول من أمس، أن أنقرة عرضت بالفعل على دمشق إشراك «الإخوان» في مقابل إخمادهم حركة الاحتجاجات. وقد صدر كلام تركي آخر أمس اتخذ طابع التهديد هذه المرة، عندما حذّر وزير الاقتصاد التركي ظافر شاغاليان من أن تردّ بلاده بالمثل إن قررت سوريا مقاطعة البضائع التركية. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن شاغاليان قوله إنه «إذا فرضت سوريا حظراً على السلع التركية، فإن تركيا سترد بالمثل وتفرض حظراً على المنتجات السورية». وأضاف: «آمل أن يتأكدوا من تصحيح هذا الخطأ في أقرب وقت ممكن». وأوضح الوزير أن حجم الواردات السورية إلى تركيا يراوح بين 700 و800 مليون دولار، مشيراً إلى أن «هذا القرار سيكون له تأثير أكبر على الاقتصاد السوري منه على اقتصاد تركيا أو أي بلد آخر».
وكانت تقارير إعلامية قد ذكرت أن سوريا قررت إيقاف استيراد كافة السلع والمنتجات من تركيا ابتداءً من 25 أيلول الماضي، على أثر التوتر السياسي بين البلدين. وواصلت سويسرا تشديد عقوباتها على النفط السوري، عندما أعلنت منع أي استثمار جديد في القطاع النفطي السوري، ومنعت كذلك تسليم المصرف المركزي السوري الأوراق النقدية والقطع المعدنية النقدية السورية، وفق بيان صدر عن وزارة الاقتصاد السويسرية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب، أ ف ب)



هيثم المالح: لا خطر من حرب طائفيّة

نفى الناشط السوري الحقوقي المعارض، رئيس «مؤتمر إنقاذ سوريا»، هيثم المالح، أن تكون المعارضة السورية قد تحولت لاستخدام السلاح، مقللاً، في مقابلة مع فضائية «العربية»، من أي مخاوف من حدوث فتنة طائفية في البلاد. وأكد المالح أن النظام القائم «رؤيته الوحيدة هي الاستمرار في حكم سوريا ونهب شعبها». وقال إنه لا يوجد تسلّح في صفوف المعارضة السورية، «ولكنْ هناك جنود انشقوا عن النظام وأخذوا على عاتقهم حماية المتظاهرين السلميين، وذلك لا يغير من الطبيعة السلمية للثورة السورية». وأشار إلى أن عدد القتلى منذ آذار الماضي بلغ خمسة آلاف قتيل، ومثلهم من المفقودين، «بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف معتقل ضاقت بهم السجون السورية على كثرتها وتعددها، ووضعوا في أماكن عامة مثل المدارس والمستشفيات». وتطرّق المعارض الإسلامي إلى أن «الجيش النظامي أنهك واستنزفت قواه، حيث تنتشر الدبابات بطول البلاد وعرضها منذ 6 أشهر، والوضع العام في البلاد بات يمثّل ضغطاً كبيراً على النظام». ونفى وجود مخاطر من اندلاع صراع طائفي في سوريا، معترفاً في الوقت نفسه بوجود «أحقاد طائفية». ووصف الوضع في سوريا بأنه «أشبه ببرميل بارود، ولكن الناس متنبهون إلى خطر الفتنة تماماً، والمعارضة تعمل على نحو مشترك من مختلف الأطياف».
(الأخبار)