على وقع اشتداد المعارك في مسقط رأس الزعيم الليبي المخلوع، معمر القذافي، في سرت، أعلن المجلس الوطني الانتقالي تشكيلة المكتب التنفيذي الجديد ليقود المرحلة الانتقالية حتى التحريرأعلن المجلس الوطني الانتقالي، أمس، في بنغازي، شرق ليبيا، تشكيل مكتب تنفيذي مؤقت جديد، ريثما يتم التحرير الكامل للبلاد، الذي سيمثّل بدء المرحلة الانتقالية، تزامناً مع اشتداد المعارك في الحصن الأخير للعقيد معمر القذافي.
وأوضح رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، في مؤتمر صحافي، أن المجلس ورئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل «توصلا في اليومين الأخيرين الى ضرورة إصلاح المكتب التنفيذي». وأضاف إن محمود جبريل سيتولى رئاسة المكتب التنفيذي وحقيبة الخارجية، وسيتولى علي الترهوني وزارة المال ووزارة النفط مؤقتاً. وأكّد «أقول مؤقتاً بالنسبة إلى وزارة النفط لأنها ستعود الأسبوع المقبل الى المؤسسة الوطنية للنفط». وقال إن معظم أعضاء المكتب احتفظوا بحقائبهم السابقة، باستثناء حقيبة الشؤون الدينية التي أوكلت الى حمزة فارس بدلاً من سالم الشيخي، فيما ألغي منصب نائب رئيس المكتب.
وبذلك تكون تشكيلة المكتب التنفيذي الجديد على النحو الآتي: جبريل احتفظ برئاسة المكتب وحقيبة الخارجية، وعلي الترهوني بحقيبة المال الى حقيبة النفط بصورة مؤقتة، إلى حين تفعيل مؤسسة النفط خلال أسبوع. كما احتفظ جلال الدغيلي بحقيبة الدفاع وأحمد الضراط بحقيبة الداخلية ومحمد العلاقي بحقيبة العدل ومحمود شمام بحقيبة الإعلام، فيما استحدثت حقيبة جديدة للشهداء والجرحى والمفقودين ومنحت لعبد الرحمن الكيسه، وهو محام مصاب بجروح خلال المعارك.
وقال عبد الجليل «ندعو الشعب الليبي الى الصبر لأن ساعة التحرير تقترب». وأشار الى أن «هذه المرحلة حرجة واستثنائية ومقترنة بإعلان التحرير»، داعياً جميع الليبيين إلى «عدم إعاقة الثورة» التي اعتبرها «إلهية»، مشدداً على أن «أي انتهاكات لحقوق الإنسان قد نسأل عنها جميعاً، والمجلس سيحقق في جميع الانتهاكات التي حصلت».
من جهته، أعلن جبريل أن المجلس «فضّل عدم قبول استقالة المكتب التنفيذي في الظروف الحالية»، مؤكداً أنه «ستؤلّف حكومة انتقالية عقب الإعلان عن تحرير البلاد»، الذي جرى تحديده بتحرير مدينة سرت.
وفي سياق متصل، قال جبريل إن مستوى إنتاج النفط يتحسن بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً، مشيراً الى أنه لن يدلي بتفاصيل تتعلق بإنتاج النفط لأسباب أمنية، إذ يمكن أن تصبح المواقع النفطية هدفاً لهجمات. وأضاف «عودة الإنتاج إلى مساره الطبيعي أو معدله الطبيعي تستلزم بين عام إلى عام ونصف» وإن «معدل العودة السريع أصبح مطمئناً للغاية أكثر مما كان متوقعاً».
وقد استغرب عبد الجليل تأخر الجزائر في الاعتراف بثورة الليبيين، وقال إن المجلس ينتظر اعترافاً جزائرياً رسمياً بهذه الثورة قبل الحديث عن تبادل الزيارات بين الجانبين. وقال لصحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية إن «الاتصالات التي جرت بين الحكومة الجزائرية والمجلس حصلت بطرق عديدة كوساطة من جهات أرادت الخير للشعبين ولرأب الصدع الذي حدث جراء موقف الجزائر في بداية الثورة» من دون أن يحدد هوية تلك الجهات. واشترط لإرسال وفد عن المجلس الانتقالي إلى الجزائر اعتراف الأخيرة بثورة الليبيين.
ميدانياً، اشتدت المعارك حول قرية قصر أبو هادي التي وُلد فيها القذافي، قرب سرت. وقال أحد قادة قوات المجلس الوطني الانتقالي، مفتاح رسلان إن «حوالى 75 في المئة من قصر أبو هادي تخضع لسيطرتنا. خضنا ثلاثة أيام من المعارك الكثيفة. إنهم يهاجموننا بصواريخ غراد وبرشاشات ثقيلة وقناصة». وأضاف إن «واحدة من مشكلاتنا الرئيسية هي أن الكثير من المدنيين لديهم أسلحة، نحاول جمعها. بعض السكان يعمدون الى تسليمها، لكن كثيرين احتفظوا بها». وأكد أحد سكان القرية «لا نستطيع النوم منذ أسبوع. هناك معارك كثيرة. لم يعد لدينا مياه ولا أدوية ولا كهرباء». وأضاف إن «عدداً كبيراً من السكان فرّوا، وبعضهم قتلوا، لكن لا يزال عدد منهم هنا».
ودعا المبعوث الرسولي للفاتيكان في ليبيا، المونسنيور جيوفاني أنوسنزو مارتينيللي، الأوروبيين لاستقبال آلاف المدنيين الليبيين الجرحى، واصفاً الوضع في مدينة سرت المحاصرة بأنه خطير. وقال «يجب إقرار هدنة، ويتعين على البلدان الخارجية، وبالأخص البلدان الأوروبية، فتح مستشفياتها لاستقبال الجرحى».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)