تصاعدت حالة التوتر في محافظة القطيف في السعودية، أمس، وذلك بعد توسع الاحتجاجات على أثر اعتقال مسنين من الأهالي، وتطورها إلى اشتباكات مع عناصر الأمن وسقوط جرحى. واتهمت وزارة الداخلية المحتجين بالتسلّح وزعزعة الأمن بإيعاز من دولة خارجية وجهات أجنبية لم تسمها، وزعمت أنّ المحتجين أطلقوا النار على رجال الأمن وجرحوا 20 شخصاً، فيما قالت رواية الأهالي ومواقع المعارضة إنّ قوات الأمن أطلقت النار على محتجين مسالمين وأصابت 24. وذكرت شبكة «راصد» أنّ دوي إطلاق نار كثيف سُمع في سماء بلدة العوامية بمحافظة القطيف، مساء أول من أمس، وذلك عقب احتجاز الشرطة رجلين مسنّين للضغط على ابنيهما المشاركين في الاحتجاجات لتسليم نفسيهما. واستفز هذا الأمر الأهالي ودفعهم إلى التظاهر أمام مركز الشرطة في البلدة ورشق الحجارة باتجاه سيارات الشرطة. واعتقلت الشرطة الحاج آل زايد، الذي تدهورت حالته الصحية في مركز الشرطة، والناشط الحقوقي السعودي فاضل المناسف. واحتجزت كذلك الناشط الحقوقي حسين حظية من مدينة سيهات بعد مراجعته لقوات الطوارئ للسؤال عن وضع صديقه المناسف. وكانت السلطات قد أفرجت عن المناسف قبل أسابيع قليلة بعد اعتقال دام أربعة أشهر على خلفية المسيرات السلمية في القطيف. وذكرت أنباء أن الشرطة أطلقت المحتجز الثاني، وهو سعيد عبد العال، بعد ساعات من احتجازه.
وقال شهود إن محتجين احتشدوا أمام مركز شرطة العوامية التي اعتقلت المناسف، لكن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين. وكان شباب البلدة قد خرجوا في مسيرة من نقطة تفتيش الناصرة إلى دوار الكرامة ونظموا اعتصاماً هناك تنديداً باستفزازات السلطات. وأشاروا إلى أن القوات الأمنية أطلقت النار على المحتجين، فأُصيب 24 شخصاً بجروح بينهم امرأة. وأضافوا أن «أهالي العوامية اشتبكوا مع عناصر الأمن، ووصل العديد من أهالي المناطق المجاورة لنصرة سكان المدينة».
وذكرت مصادر من القطيف لـ«الأخبار» أنّ الشيخ نمر النمر، وهو رجل دين معارض بارز تلاحقه السلطات وتتهمه بالتحريض، «وعد بالالتزام باللاعنف والصمود، وأن الكلمة ستكون بمواجهة الرصاص». ولكنه توعّد في الوقت نفسه بالتصعيد، وقال إن «الليلة ستكون حامية أكثر من الليلتين السابقتين ولا بوادر للتهدئة». ورأى أن تصريح وزارة الداخلية بوجود اشتباكات مسلحة وجرحى هدفه التصعيد.
وقال بيان وزارة الداخلية السعودية إن «مجموعة من مثيري الفتنة والشقاق والشغب في بلدة العوامية بمحافظة القطيف قامت بالتجمع بالقرب من دوار الريف في العوامية، والبعض منهم يستخدم دراجات نارية حاملين قنابل المولوتوف حيث شرعوا بمباشرة أعمالهم المخلّة بالأمن، وبإيعاز من دولة خارجية تسعى إلى المساس بأمن الوطن واستقراره ويُعدّ تدخلاً سافراً في السيادة الوطنية، فانساق وراءهم ضعاف النفوس ظنّاً منهم أنّ أعمالهم ستمرّ من دون موقف حازم تجاه من أسلم إرادته لتعليمات وأوامر الجهات الأجنبية التي تسعى إلى مدّ نفوذها خارج دائرتها الضيقة، وعلى هؤلاء أن يحدّدوا بوضوح إما ولاءهم لله ثم لوطنهم، أو ولاءهم لتلك الدولة ومرجعيتها». وتابع البيان: «وقد جرى التعامل مع هؤلاء الأجراء من قبل قوات الأمن في الموقع، وبعد تفريقهم أُطلقت نار بأسلحة رشاشة باتجاه رجال الأمن من أحد الأحياء القريبة من الموقع، الأمر الذي أدى إلى إصابة 11 من رجال الأمن، 9 منهم بطلق ناري واثنان منهم بقنابل المولوتوف وإصابة مواطن وامرأتين بطلق ناري في أحد المباني المجاورة، وقد أدخل الجميع إثر ذلك المستشفى». وحذّرت وزارة الداخلية من أنّها «ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه القيام بتظاهرات».
من جهة ثانية، شدّدت السلطات إجراءاتها الأمنية على مداخل العوامية، ودخل البلدة عدد كبير من الحافلات المحملة بالجنود والآليات التابعة لقوات مكافحة الشغب.
(الأخبار)