بعد أيام من المعارك العنيفة حول مدينة سرت الليبيّة الساحلية، وتمكّن قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي من السيطرة على بلدة قصر أبو هادي، مسقط رأس العقيد معمر القذافي، توعدت قيادة الانتقالي أمس بالسيطرة على أحد آخر معاقل الزعيم المخلوع خلال يومين. وقال القائد العسكري لقوات المجلس الانتقالي في المنطقة المحيطة بسرت، عادل الحاسي، إن قوات المجلس تسيطر الآن على أكثر من نصف مدينة سرت (التي تبعد 360 كيلومتراً شرقي طرابلس)، وتعتقد أن المدينة ستخضع لسيطرتها الكاملة خلال يومين. وأضاف «أكثر من نصف المدينة يخضع الآن لسيطرة الثوار... وخلال يومين ستكون سرت حرة بإذن الله».
من جهة أخرى، رفعت الأمم المتحدة في فيينا راية المجلس الوطني الانتقالي، الذي اعترف به المجتمع الدولي في أيلول ممثلاً النظام الليبي الجديد.
في غضون ذلك، كشف مصدر جزائري أن الشرطة الجزائرية أخضعت 4 من أبناء عمومة القذافي، تمكنوا من دخول الأراضي الجزائرية، للتحقيق، قبل أن ترحلهم إلى تونس. وقال المصدر لصحيفة «الخبر» إن «مختلف الأجهزة الأمنية في ولاية قسنطينة (450 كيلومتراً شرقي العاصمة)، استنفرت عناصرها بعد اكتشاف دخول 4 أفراد من قبيلة القذافي فرّوا من مدينة سرت، وقضوا الليلة في فندق سيرتا الواقع في مدينة قسنطينة، حيث خضعوا لتحقيق معمق قبل إطلاق سراحهم وتوجههم إلى الأراضي التونسية».
وأوضح المصدر أن الشبان الأربعة يحملون لقب القذافي، ويحملون أسماء عبد الرحيم وإدريس وأحمد ومسعود، وتتراوح أعمارهم ما بين 26 و33 عاماً، وكانوا قد وصلوا مساء الاثنين الماضي إلى ولاية قسنطينة، حيث توجهوا إلى فندق سيرتا للمبيت، وفور وصول بطاقات الدخول للفندق وخضوعها لمراقبة أجهزة الأمن، باشرت هذه الأجهزة التحقيق معهم في كيفية دخولهم إلى الجزائر.
وقال هؤلاء إنهم دخلوا الجزائر عبر مدينة جانت الحدودية مع ليبيا، مؤكدين أنهم فرّوا من «بطش» قوات المعارضة في مدينة سرت، كما نفوا أن يكونوا من أعضاء الكتائب الموالية للقذافي أو من أفراد عائلته المقربين، وإنما هم من أبناء العمومة ويحملون لقب الزعيم الليبي نفسه، كما قالوا إنهم لا ينوون البقاء في الجزائر، بل هربوا من ليبيا إلى الجزائر قبل توجههم إلى بلد آخر.
في هذه الأثناء، كان الموضوع الليبي محل نقاش بين وزراء دفاع دول حلف شمالي الأطلسي في بروكسل، أمس، الذين تستمر اجتماعاتهم حتى اليوم، وسط ضغوط متزايدة لتعزيز التعاون بين هذه الدول في المشاريع الدفاعية، نظراً إلى الخفوضات الكبيرة التي تلوح في الأفق في ميزانية الدفاع الأميركية.
ويأتي اجتماع وزراء دفاع الحلف فيما يقترب التحالف، الذي يبلغ عدد أعضائه 28، من إنهاء حملة جوية وبحرية في ليبيا أدّت إلى إطاحة الزعيم الليبي السابق، من دون سقوط أي خسائر بشرية من الحلف.
وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، إن على أعضاء حلف شمالي الأطلسي التعامل مع نقص في الاحتياجات الضرورية، مثل طائرات التزويد بالوقود وطائرات المراقبة بلا طيار، على الرغم من تقليص الميزانيات الدفاعية على جانبي الأطلسي. وفي أول كلمة يلقيها في أوروبا، منذ توليه منصبه، حث بانيتا الحلفاء على الحفاظ على الإنفاق الدفاعي عند مستوياته الحالية، وقال إن عليهم على الأقل تنسيق أي خفوضات «تفادياً للمفاجآت» التي قد تعرّض بعضهم بعضاً للخطر.
وقال في كلمة أمام معهد كارنيغي أوروبا في بروكسل (وهو فرع معهد كارنيغي للسلام الدولي) «لا نستطيع تحمل اتخاذ الدول قرارات عن خفض القوات في الفراغ، في غفلة من الجيران والحلفاء». وأضاف بانيتا «إن الحرب في ليبيا تظهر قدرة الحلف على القيام برد مستدام وفعال بسرعة وحزم في مواجهة أزمة عسكرية بقيادة أوروبا».
وتابع وزير الدفاع الأميركي، الذي يحضر اجتماعات الأطلسي في بروكسل، «عانى الحلف الأطلسي من نقص في متخصصي الاستهداف المدربين جيداً، واضطرت الولايات المتحدة الى تعويض هذا النقص... لكن الثغر كانت أكثر وضوحاً في قدرات التمكين الحاسمة، مثل طائرات التزويد بالوقود في الجو وتوفير وسائل جمع معلومات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، مثل طائرات غلوبال هوك وطائرات بريديتور بلا طيار». وأضاف «من دون هذه القدرات، كانت المهمة في ليبيا ستمر بصعوبة بالغة في أن تبدأ أو تستمر».
الى ذلك، أبلغ مصدر في المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وكالة رويترز هذا الأسبوع، أن أكبر مؤسسة نفطية في ليبيا تسعى إلى تحصيل فواتير بنحو ستة مليارات دولار من شركات نفطية أجنبية في إطار سعيها إلى استئناف عملها بعد توقف بسبب الحرب. وقال مصدر رفيع في المؤسسة، طلب عدم نشر اسمه، «بدأنا الترتيب لأن يسددوا هذه الأموال، أكثر من ستة مليارات دولار. قد يكون بإمكانهم إعطاؤنا منتجات نفطية».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)