ما جرى في البحرين على مدى الأشهر الماضية لن يمرّ من دون عقاب، سيطال حتى الملك نفسه. هذا ما أكّده المجتمعون في بيروت، في ظلّ المؤتمر الحقوقي عن «انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، توصيفها القانوني وملاحقتها جنائياً» على المدى اليومين الماضيين. وبيّن هؤلاء الجهود الجارية والتحضيرات لعرض قضية البحرينيين، الذين وقعوا ضحايا انتهاكات جسيمة لحقوقهم، أمام 4 جهات دولية في لاهاي (المحكمة الجنائية الدولية) وجنيف (مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة) وألمانيا والولايات المتحدة.
وانقسمت جلسات، أمس، إلى 4 محاور شارك فيها قانونيون من دول عربية وأوروبية وأميركية، إضافة إلى حضور أطياف واسعة من الحقوقيين من جنسيات مختلفة. وجرى عرض الجرائم ضدّ الانسانية المرتكبة في البحرين وتوصيفها القانوني، إضافة إلى آليات ملاحقة هذه الجرائم والدعاوى المعروضة أمام محكمة أو تلك التي يجري الإعداد لها. وتخلل الجلسات عرض لشهادات أشخاص كانوا ضحايا تعذيب واعتداءات وانتهاكات. وأثار رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، محمد مسقتي، مسألة التشكيك في صدقية لجنة شريف بسيوني لتقصي الحقائق التي ألّفها الملك، مشيراً إلى أنّ اللجنة خرجت عن عملها الفعلي بتقصي الحقائق، وأنّها حوادث سُجلت تدلّ على أنها لا تكتم على هوية الشهود بل جرى أحياناً إعطاء هوية الشهود للسلطة كي تنتقم منهم.
وعرض رئيس المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان، عبد الحميد الشتي، للجرائم المرتكبة واختصاص المحكمة الجنائية الدولية. وقال إنه جرى تطهير عرقي وجرائم ضدّ الإنسانية وإبادة جماعية وتجويع وانتهاكات فاضحة بحق الشعب البحريني على مدى عقود من الزمن، مشيراً إلى أن شيعة البحرين كانوا في عام 1971 يمثّلون ما نسبته 85 في المئة من السكان، ولكن نسبتهم تراجعت بسبب سياسة التجنيس، وهي سياسة «ترانسفير» أي ترحيل شعب وجلب شعب آخر مكانه. وأكّد أنّه «لو تعرّض السنّة لهذه الحملة لكنا أشرس في الدفاع ع
نهم».
ورجع الشتي، الكويتي الجنسية، بالذاكرة إلى استفتاء 1971 بعد اندحار الاستعمار ومع مطالبة إيران بضمّ الجزيرة، وكيف انتفض الشعب البحريني كهذه الانتفاضة، وقرّر من خلال استفتاء أن يكون دولة مستقلة، متسائلاً: «هل هكذا يكافئ حكام آل خليفة الشعب الأصيل؟».
بدوره، عرضت المحامية مي الخنساء للدعاوى المقدّمة أمام محكمة الجنايات الدولية، وقالت إن الإجراءات بدأت بعد أسبوعين من الهجوم على دوار اللؤلؤة، ولكن التجاوب لم يكن مقبولاً معها، ولم تكن تملك بعد الشهادات والأدلة الكافية، وبعد تقديم الشكوى بدأت الاتصالات وحالات الانتهاكات تتوالى حتى أصبح حجم الدعوى يتجاوز 500 صفحة. وأكّدت أنّ الأمور جارية للتحقيق بجدّية بهذه الشكوى، مشيرةً في الوقت نفسه إلى شكوى قُدّمت أيضاً أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ولفتت إلى وجود ضغوط دولية كثيرة داخل المحكمة الجنائية لوقف الدعوى، محذّرةً من تنحية القاضي في حال شعور الادّعاء بأنّه قد يقفل القضية، وهذا حق لهم بموجب النظام الأساسي للمحكمة.
وجرى سجال حول صلاحية اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، بحيث لفت الأستاذ في القانون الدولي، محمد طي، إلى أنّ النظام الأساسي لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية حرص على أن لا تكون الدول الكبرى عرضة للمحاكمة، لذلك وضع شرطين للجوء إلى المحكمة، الأول أن تكون الدولة طرفاً في النظام الأساسي لميثاق روما، والثاني إما أن تكون إحدى الدول الشريكة في ارتكاب الجرم طرفاً. واستبعد أن تنجح القضية أمام المحكمة مستدلاً بتجربة سابقة مع إسرائيل. فردّت عليه الخنساء بأنّه جرى إدخال بريطانيا بالشكوى كي تصبح صالحة من الناحية الشكلية، مشيرةً إلى أنّ الدعوى تطاول 14 شخصية بريطانية. وأوضحت لـ«الأخبار» أنّ هذه الشخصيات تتضمن مسؤولين سياسيين وعسكريين كانوا شركاء بالجرائم لأنهم وافقوا على نقل أسلحة استخدمت ضدّ المتظاهرين، وقاموا بتدريب الشرطة البحرينية على قمع التظاهرات.
وتطرق رئيس المنظمة الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني، علي السراي، إلى دعوى ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية يجري العمل لتقديمها أمام المحاكم الألمانية. وأوضح أنّ الأدلّة المقدّمة تشير إلى تورّط حكم آل خليفة في الجرائم، وخصوصاً الملك بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، إضافة إلى ملفات خاصة لكل جنرالات الجيش وأزلام النظام. وقال لـ«الأخبار» إنه يقدّم هذه الدعوى بصفته مواطناً ألمانياً.
وفي الجلسة الأخيرة تحدث الأمين العام لمنظمة الحقوقيين الديموقراطيين، توماس شميدت، عن دور الاتحاد الأوروبي في حماية حقوق الإنسان في البحرين، وطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين وحظر نقل الأسلحة فوراً إلى السلطة لأنها تستخدم ضدّ المتظاهرين، والانسحاب الفوري لجميع القوات الأجنبية من الجزيرة ومعاقبة جميع من ارتكب جرائم ضدّ الإنسانية على مختلف المستويات، وصولاً إلى الملك.
أمّا البروفيسور الأميركي في القانون الدولي، فرانكلين لامب، فأشار إلى الجهود التي يقودها لتقديم شكوى أمام المحاكم الأميركية. وقال إنّ هناك أكثر من 40 ألف حالة موصوفة سيجري عرضها، وأنّ الادعاء سيطالب بتعويضات تقارب ملياري دولار من السلطتين البحرينية والسعودية لضحايا الانتهاكات.

البيان الختامي وقرارات وتوصيات المؤتمر




زوبعة الجلبي «العراقية»: لعن وضرب... بـ«وردة»



كان لافتاً خلال ورشة عمل المؤتمر الحقوقي عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين في فندق «كورال بيتش» أمس أنّ السياسي العراقي المثير للجدل، أحمد الجلبي، لم يحضر الجلسة الثالثة كما هو مقرّر بصفته رئيس المؤتمر العام لنصرة شعب البحرين. وأكّدت مصادر مقرّبة منه أن السبب يعود إلى ما جرى خلال الجلسة الافتتاحية.
كان لافتاً خلال ورشة عمل المؤتمر الحقوقي عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين في فندق «كورال بيتش» أمس أنّ السياسي العراقي المثير للجدل، أحمد الجلبي، لم يحضر الجلسة الثالثة كما هو مقرّر بصفته رئيس المؤتمر العام لنصرة شعب البحرين. وأكّدت مصادر مقرّبة منه أن السبب يعود إلى ما جرى خلال الجلسة الافتتاحية.
وكان الجلبي قد تعرّض للشتم والضرب بـ«وردة» واتهامه بالعمالة خلال إلقائه كلمة عن الانتهاكات في البحرين. وفي تفاصيل ما جرى، يقول أحد المنظمين إن مفتعل المشكل هو أشرف بيومي، وهو باحث ومفكر مصري لم يُدع إلى المؤتمر، وكان جالساً في المكان المخصص لوسائل الإعلام. وأضاف أن الجلبي كان يتحدث عن الانتهاكات، فقاطعه بيومي وقال له: «كالدبابات الأميركية في العراق»، فردّ عليه شخص في القاعة بملامح عراقية «هششش»، فجاوبه بيومي: «عيب عليك».
ويضيف المنظم أنّ إدريس الصالح، وهو أحد المشاركين في المؤتمر، دخل في الجلبة. وقال: «إن كان هذا في المؤتمر، لا أريد أن أكون موجوداً»، في إشارة إلى الجلبي قبل أن يرميه بوردة. وعلا الصراخ في القاعة فوقف علي السراي، وهو عراقي ورئيس المنظمة الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرّف الديني، هاتفاً: «فليسقط البعث»، قبل أن يعود بيومي ويتوجه للجلبي بشتيمة شخصية، بعدها خرج من الصالة ولحق به سياسيون لبنانيون، من بينهم الدكتور سليم الحص.
ويؤكّد المنظم أن خروج اللبنانيين كان بسبب الإحراج والموقف السخيف الذي جرى أمامهم، وأنّ الحص لم يكن يفترض أن يبقى ويتكلم لأكثر من بضع دقائق بسبب حالته الصحّية. وشدّد على أنّ جميع المدعوين كانوا مطلعين على البرنامج وأنّه لم تحصل أي مفاجأة.
وتساءل كثيرون عن سبب مشاركة الجلبي، المتهم بأنه «جاء على دبابات الاحتلال الأميركي إلى العراق»، في قضية عادلة كقضية البحرين. لكن من بقي من العراقيين والخليجيين المشاركين في المؤتمر دافعوا عن مشاركته بشراسة.
وقال السراي لـ«الأخبار» مبرّراً ما يتهم به الجلبي: «ما فعله بنا صدام جعلنا نتحالف مع الشيطان من أجل إخراجه». وأوضح أنّ من أثاروا الشغب هم «هؤلاء من تضررت مصالحهم مع سقوط نظام، لأنهم كانوا يتقاضون من جراء كوبونات النفط التي كان يوزعها صدام».
وقدّم الدكتور الكويتي عبد الحميد شتي، وهو رئيس المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان، الذي تولى مهمة إدارة الجلسة الثالثة مع تغيب الجلبي، دفاعاً شرساً عن «صديقه»، وقال إنهّ «أشرف من حمل لواء قضية البحرين»، رافضاً بنحو قاطع التنديد بتاريخ الجلبي أو التشكيك في وطنيته، وضرب المثل بالرسول محمد حين انتقده الجميع وهاجموه وتبين لاحقاً أنه على حق، للإشارة الى أنّ الجلبي شريف. وأضاف: «حين صمت الجميع، بادر الجلبي وأسس أول لجنة شعبية لنصرة شعب البحرين، قبل أن تسير بقية البلدان على منواله بتأسيس لجان شعبية».
شهيرة...