قد تكون «هيئة التنسيق الوطنيّة» التي تُعد أكبر تنظيم لمعارضي الداخل في سوريا، استشعرت خطر منافسة «المجلس الوطني السوري» لها، فعقدت مؤتمراً صحافياً رفعت فيه من سقف مواقفها ضد النظام... وضد التدخل الخارجيكثرت في الأيام الماضية المواقف المنقولة عن أركان «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي في سوريا»، التي تضم معظم وجوه معارضة الداخل، حول مختلف العناوين الساخنة في البلاد، أكان تجاه الموقف من «المجلس الوطني السوري»، أم من شعار إسقاط النظام أم الاكتفاء بإصلاحه. لهذه الأسباب، عقدت «الهيئة»، أمس، مؤتمراً صحافياً في بلدة حلبون في ريف دمشق، اوضح خلاله المنسِّق العام لـ«الهيئة» أنها تصرّ على تغيير النظام لا إصلاحه، مجدداً التأكيد، في الوقت ذاته، على رفض الحوار مع السلطة. وقد يكون هذا الكلام رداً غير مباشر لعبد العظيم على ما نقلته عنه «وكالة أنباء موسكو» أول من أمس، ويفيد بأنّ هيئته لا تصرّ على شعار إسقاط الرئيس بشار الأسد، بل يتمحور عملها حول النظام عموماً.
وقال عبد العظيم إن «البعض حاول التشكيك في ما ورد بالبيان الختامي للمؤتمر الذي عقدته الهيئة (قبل نحو أسبوعين): إننا، وفي الوقت الذي نرفض فيه هذا التفسير غير البريء، يهمنا أن نؤكد أن الهيئة لم تتحدث يوماً ومنذ تأسيسها عن إصلاح النظام، بل تحدثت في كل وثائقها عن التغيير الوطني الديموقراطي وعن الانتقال إلى نظام ديموقراطي برلماني تداولي». وأضاف أن هذه «مصطلحات واضحة ودقيقة، ولا تعني إصلاح النظام واستمراره كما يريد البعض أن يوحي، بل تفيد معنى تغيير النظام والانتقال الى نظام جديد ديموقراطي برلماني، وقد زادته عبارة إسقاط النظام الأمني الاستبدادي وضوحاً على وضوح». وتابع «فات منذ وقت طويل بالنسبة إلينا وإلى شعبنا زمان الحديث عن إصلاح النظام بسبب إصراره منذ اندلاع انتفاضة الشعب على العنف والحلول الأمنية والعسكرية». وحذّر المعارض السوري من أن «قوى الثورة من الشباب بوعيها العميق، لا يمكن أن تقبل بسلطة حزب واحد يحتكر السلطة والثروة ويمارس القمع والتشريد في مواجهة انتفاضة شعبية سلمية وشعب أعزل للإبقاء على الاستبداد والفساد وإبقاء السلطة». وخلص إلى أنه «لا يمكن أن نقبل بإصلاحات جزئية وشكلية للنظام ولا بد من تغييره بنيوياً بشكل عميق». وأشار إلى أن «البديل الوطني الديموقراطي لهذا النظام لا بد أن يقوم على التعددية السياسية والخيار الديموقراطي والاحتكام لإرادة الشعب الحرة عبر صناديق الاقتراع في نظام برلماني يتم فيه انتخاب السلطة التشريعية وممثلي الشعب الفعليين على أساس البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية والمستقلين وممثلين للشباب، ويتم فيه انتخاب رئيس الجمهورية ويتم فيه تحديد مدة ولايته وعدم تجديدها إلا لمرة واحدة بما يضع حداً لتوريث السلطة وتأبيدها».
وعن «النظام الجديد»، جزم عبد العظيم أنه «لا يمكن أن يكون فيه مكان لمن تثبت عليه المشاركة في ممارسة القتل أو المشاركة في الفساد، وبذلك تتنزه المعارضة الوطنية بكل أطيافها عن رفض الاعتراف بالآخر أو الاقصاء والهيمنة التي كانت تمارس بحق قوى المعارضة وفعالياتها وبحق الشعب». وفي إشارة ضمنية إلى الأسد، لفت عبد العظيم إلى أن «أي محاولات للتفريق بين النظام وأي من رموزه غير مجدية، فنحن أمام نظام استبدادي قمعي لا يهمنا فيه أي طرف، وعلى أي طرف يملك نوايا إيجابية أن يثبت التزامه بحقوق الشعب السوري ومطالب ثروته». وحول استمرار رفض «الهيئة» الحوار مع السلطة، شدد عبد العظيم على أنه «لا يوجد مناخ حقيقي ولا بيئة مناسبة لأي حوار وطني يهدف إلى توفير آليات انتقال السلطة، وما طرحته السلطة لم يكن سوى محاولات لكسب الوقت وتغطية للحلول الأمنية والعسكرية وتوجيه رسائل للقوى الدولية بأن السلطة تحاور المعارضة».
وفي السياق، لفت إلى أن «إصرار السلطة على العنف والاعتقال والتعذيب يدفع بعض قوى الانتفاضة وبعض الشخصيات السياسية إلى ردود فعل خاطئة باتجاه طلب الحماية الدولية من جهة وباتجاه اللجوء إلى التسلح الفردي حيناً، وإلى لجوء بعض المجموعات إلى التسلح حيناً آخر في رد فعل اضطراري على العنف والقهر المتواصل الذي تتحمل السلطة مسؤوليته»، في ما يمكن وضعه في خانة النقد غير المباشر لـ«المجلس الوطني» السوري المؤسس أخيراً في إسطنبول ويضمّ طيفاً من معارضي الخارج ممن طالبوا بالحماية الدولية. وعن هذه الحماية الدولية، نبّه عبد العظيم من أنها «عنوان عريض يبدأ بالتنديد والعقوبات الاقتصادية وقرار من مجلس الأمن، ويمتد إلى إرسال مراقبين وممثلين عن المنظمات الحقوقية، ويتجاوز ذلك إلى إقامة مناطق عازلة وحظر جوي ويصل إلى ضربات جوية محددة ليصل إلى التدخل العسكري المباشر». وختم تحذيره بالتذكير بأن «البعض يستسهل طلب الحماية الدولية، لكنه أمر لا يمكن السيطرة على تطوراته اللاحقة».
بدوره، دعا عضو هيئة التنسيق، رجا الناصر، إلى «ضرورة توحيد الحركة في الشارع، ودعم التنسيقيات سياسياً ولوجستياً وتحمل المسؤولية الناجمة عن هذا العلاقة».
وكان لافتاً أن «هيئة التنسيق» منعت وسائل الإعلام السورية الحكومية من حضور مؤتمرها الصحافي، ما رآه البعض «سلوكاً إقصائياً وغير ديموقراطي»، ما حدا بالبعض إلى المغادرة. وعلى هذا الموضوع، علق عضو الهئية حسين العودات بأن «الاعلام السوري وطوال 40 عاماً، لم يكن اعلام الدولة بل كان اعلام السلطة ويقوم على تغطية وتكبير انجازات السلطة غير الواقعية والوهمية».
تجدر الاشارة إلى أنه من المفترض أن تكون «هيئة التنسيق» قد اختارت قيادتها الجديدة، أمس، وفق ما سبق لوكالة «آكي» الايطالية للأنباء أن أعلنته اول من أمس.
(الأخبار، يو بي آي)