حرب شوارع دموية شهدتها مدينة سرت ووصفتها قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي بأنها «الهجوم الأخير» على مسقط رأس القذافي المحاصرة، بعدما صدرت اوامر بالسيطرة على المدينةسقط العديد من القتلى والجرحى خلال اشتباكات دموية شهدتها مدينة سرت الليبية (شرقي العاصمة طرابلس) بين قوات العقيد معمر القذافي وعناصر المجلس الوطني الانتقالي الذي يحكم البلاد، والذي نفى أحد قادته، رئيس المجلس العسكري لمدينة طرابلس، عبد الحكيم بلحاج، وجود عناصر من تنظيم القاعدة بين صفوف قوات المجلس، واصفاً ذلك بالشائعات.
ونقلت قناة «العربية» عن مراسلها افادته بسقوط 22 قتيلاً ونحو 150 جريحاً في صفوف قوات المجلس الانتقالي خلال اشتباكات مع كتائب القذافي أمس في مدينة سرت. وقال عاملون طبيون إن أربعة من المقاتلين قتلوا وأصيب العشرات في قتال في الجانب الغربي من المدينة.
وفي وقت سابق، ذكرت مصادر طبية في مستشفى ميداني آخر يبعد 50 كيلومتراً غرب سرت، أن المستشفى استقبل 18 من المقاتلين المناوئين للقذافي، كانت إصابة معظمهم بشظايا. وتواصلت معارك الشوارع والقصف الكثيف منذ ليل الخميس الجمعة عند مركز واغادوغو للمؤتمرات الذي كانت تعقد فيه القمم الأفريقية وبات اليوم معقلاً لأنصار القذافي.
وقال براك ابو هاجر، احد مقاتلي المجلس الانتقالي، لوكالة «فرانس برس»، «انهم يطلقون القذائف الصاروخية من كل مكان. وأخبرنا أن هذا هو الهجوم الأخير. وإن شاء الله سنسيطر على سرت اليوم».
وعلى جبهة بني وليد، جنوبي شرقي طرابلس، قال القائد الميداني في قوات المجلس الانتقالي عمر فيفاو، لمراسل وكالة فرانس برس: «بعثنا وساطة إلى قبائل بني وليد، وطلبنا منهم الاجتماع اليوم أو غداً لغرض حقن الدماء؛ لكونهم إخوة لنا، ولا نريد سفك دمائهم. وإذا لم يستجيبوا، ولم يحصل الاتفاق، فلن يكون لنا خيار إلا الهجوم»، مشيراً إلى أن المهلة المعطاة للمفاوضات تنقضي بعد يومين.
في غضون ذلك، قال بلحاج، في حديث لصحيفة «الشروق اليومي»، «لا توجد بيننا قاعدة ولا قواعد»، مضيفاً «من يتجول في جبهات القتال والمعارك ير المقاتلين الليبيين بسجيتهم مسلمين معتدلين منهجاً ومعتقداً، وليس فينا كثوار مجاهدين من يحمل فكراً منحرفاً».
وبخصوص ما يشاع عن تواجد أبو يحيى الليبي، المقاتل السابق في أفغانستان بين صفوف الثوار، أكد بلحاج «أن هذه المعلومة لم تصلنا من أي جهة رسمية، وأنا لا يوجد لدي أي اتصال مع أبو يحيى الليبي أو معلومات هل هو حي أو غير ذلك، خاصة في الإقليم الذي تكرر القصف عليه بالطائرات الحربية» في وزيرستان على الحدود الباكستانية ـــــ الأفغانية.
وعن قضية انتشار السلاح وانتقاله إلى خارج ليبيا، قال بلحاج «نحن معنيون ابتداء بتأمين بلادنا وحدودنا، ولا نسمح بأن نكون مصدر قلق لجيراننا والدول المجاورة». وأكد أن «بإمكان الجهات والمؤسسات الليبية التي ستنشأ أن تسيطر على الأمر بتقنين حمل السلاح، ونحن نأمل ونتطلع إلى أن ترجع هذه الأسلحة إلى مخازن الدولة يوماً ما». وبخصوص علاقة الدولة الليبية المقبلة مع الغرب والولايات المتحدة بالخصوص مستقبلاً، أعرب بلحاج عن طموحه في «إقامة علاقات مع هذه الدول وغيرها على مبدأ الاحترام المتبادل وعلى احترام خصوصيات كل دولة لذاتها، ولا نقبل بالتدخل في شؤوننا».
من جهة ثانية، أشاد وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، بالحملة الجوية لحلف شمالي الأطلسي في ليبيا أثناء اجتماعه بأفراد من القوات البحرية الأميركية من المشاركين في العمليات في قاعدة قيادة القوات المشتركة في نابولي. وشكر الجنود على دورهم في «عملية جوية اثبتت فاعلية تامة». كذلك استمع الى آخر المستجدات والمعلومات التي أمده بها قائد العملية الجوية الجنرال الكندي شار بوشار، فضلاً عن تقارير رفعها مسؤولون رفيعو المستوى آخرون.
وقال بانيتا ان ثمة أربعة «خطوط ارشادية» لقرار انهاء الحملة الجوية، الأول منها يتعلق بنتيجة المعركة الدائرة للسيطرة على مسقط رأس القذافي في سرت، بينما تتعلق الشروط الثلاثة الأخرى بما اذا كانت قوات القذافي لا تزال قادرة على مهاجمة المدنيين، وما اذا كان بامكان القذافي بعد قيادة المقاتلين، وما اذا كان بإمكان القادة الجدد للبلاد تأمين ليبيا. وفي تطور لافت، أكد المتحدث العسكري باسم المجلس الانتقالي، أحمد باني، أن وزير الدفاع المؤقت جلال الدغيدي، رفض مشاركته في اجتماع كان يعقده في طرابلس مع وزيري الدفاع البريطاني والإيطالي ليام فوكس وإينياتسيو لاروسا.
وقال باني في تصريح لـ«فرانس برس» إن «وزير الدفاع جلال الدغيدي طلب منا في أثناء اجتماعه مع وزيري الدفاع البريطاني والإيطالي مغادرة القاعة، وقال لي إن وجودك لا أهمية له». ورأى باني الذي خرج غاضباً من الاجتماع في ذلك «إهانة للجيش الليبي»، مؤكداً أنه «سيمتنع عن الإدلاء بأي تصريحات صحافية، إلى أن يقوم المجلس الوطني الانتقالي بالتحقيق في هذه الحادثة».
(أ ف ب، يو بي آي)