دافع نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أمس، عن سجل بلاده في حقوق الإنسان، مؤكداً أن ما يزيد على ألف من قتلى الاحتجاجات السورية هم من رجال الأمنشدد نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي عقد أمس جلسة استمرت لثلاث ساعات وتناولت سجل سوريا، أن أكثر من 1100 من أفراد الأمن السوري قتلوا خلال الاحتجاجات التي تشهدها سوريا منذ آذار الماضي، رافضاً الاتهامات بقصف المدنيين ومتهماً قوى أجنبية بتسليح متظاهرين. كذلك تعهد بمضي بلاده قدماً في تعزيز حقوق الإنسان.
وأكد المقداد أن أكثر من 1100 من أفراد الأمن السوري قتلوا في الاضطرابات، وذلك بعد يوم واحد من إعلان الأمم المتحدة أن إجمالي عدد القتلى منذ بدء الاحتجاجات في سوريا زاد على 2900 شخص. وأوضح أنه «خلال الأيام المقبلة سنسلم المفوضية العليا لحقوق الإنسان لائحة شهداء، هم موظفون وشرطيون، أكثر من 1100 قتلهم إرهابيون». وبعدما نفى أن يكون المدنيون قد تعرضوا لأي قصف، شدد على أن سوريا «لم تستخدم الدبابات في مواجهة الاحتجاجات وأن حضور الدبابات والمدرعات كان لملاحقة القتلة والإرهابيين وحماية قوات الأمن غير المجهزة للتعامل مع أوضاع كهذه، ولم تُطلَق أية قذيفة منها».
من جهةٍ ثانية، أكد المقداد أن «الحكومة السورية ستمضي في العمل على تعزيز حقوق الإنسان حتى يمكنها أن تؤسس مجتمعاً ديموقراطياً يتماشى مع سيادة القانون ومع ما يتطلع إليه الشعب السوري ويستحقه». وشدد على أن سوريا تواجه هيمنة الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، مشيراً إلى أن بلاده «هدف لتهديدات إرهابية». وأضاف: «بلادي واجهت خلال الأشهر السبعة الأخيرة مخاطر حروب عدة: حرب إعلامية وتضليل إعلامي وأكاذيب وكل أشكال التهديد والخداع».
كذلك أوضح مقداد أن سوريا رحبت بإعادة نظر محايدة لسجلها، لكنه أضاف أن الدول الغربية لا تهتم بحقوق الإنسان، لكنها تهتم فقط بشحنات النفط والمعادن التي ستجمعها، مضيفاً: «استقبلنا شركاء في المجال الإنساني واللجنة الدولية للصليب الأحمر... وهذا يدل على أنه ليس لدينا ما نخفيه». ورفض الانتقادات التي وجهها مجلس حقوق الإنسان إلى سوريا في قرارات تدعو إلى تأليف لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، قائلاً: «نعتقد أنه يجب إلغاء تلك القرارات». وتطرق المقداد أيضاً إلى الإصلاحات التي أعلنها أخيراً النظام السوري، مشيراً إلى الانتخابات البلدية التي ستجري في 12 كانون الأول، قبل أن ينتقد مداخلة السفيرة الأميركية بيتي كينغ، التي طالبت النظام السوري بالتنحي، مشيراً إلى أنها «تدخل فاضح في شؤون الدول ورمز للديكتاتورية ودليل ازدواجية المعايير»، وذلك بعدما استغل مبعوثو بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة اجتماع المجلس في جنيف لدعوة سوريا إلى وقف عمليات القتل والاحتجاز التعسفي والتعذيب وإخفاء المدنيين قسراً.
وأكد مقداد أن سوريا لن تبحث السماح بدخول لجنة تحقيق دولية ألّفها مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة الا بعد انتهاء التحقيق الذي تجريه بنفسها، وأضاف أنه في حالة انتهاء التحقيقات الداخلية ستدرس سوريا بالتأكيد امكانية استقبال لجنة تحقيق دولية لحقوق الانسان، لكنه لم يحدد موعداً لانتهاء التحقيقات، فيما أعرب البرازيلي سيرجيو بينهيرو رئيس لجنة التحقيق التي ألفها مجلس حقوق الإنسان للنظر في جرائم مزعومة ضد الإنسانية في سوريا، عن أمله في أن يلتقي مع مسؤولين سوريين كبار في جنيف الأسبوع المقبل لطلب الإذن في دخول سوريا، بما يتيح للفريق الدولي جمع شهادات تمهيداً لكتابة اللجنة تقريرها بحلول نهاية تشرين الثاني. وقالت سفيرة الولايات المتحدة في مقر الأمم المتحدة: «تدين الولايات المتحدة بأقصى العبارات الممكنة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الحكومة السورية لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية لشعبها وقمعها المستمر العنيف والمميت للاحتجاجات السلمية». وأضافت أن «الحكومة التي تفشل في احترام إرادة شعبها، وتنكر الحقوق الأساسية لمواطنيها، وتختار أن تحكم من خلال الإرهاب والترويع لا يمكن عدّها شرعية، ويجب أن تتنحى على الفور». ولم يقتصر انتقاد تصريحات كينغ على مقداد؛ إذ أثارت تصريحاتها احتجاج وفد كوبا الذي قال إن مثل هذه الدعوات لا مكان لها في مجلس حقوق الإنسان، وإن القرار يعود للشعب السوري الذي يتمتع بالسيادة في اختيار زعيمه.
من جهته، قال مبعوث الصين في المجلس هي يتفيي: «نعارض التشهير»، مشدداً على معارضة بلاده لأي تسييس لقضايا حقوق الإنسان، ومؤكداً أنه يجب على «جميع الأطراف في سوريا ممارسة أقصى ضبط للنفس».
من جهته، هاجم المندوب الروسي، فاليري لوشينين، المعارضة السورية، محملاً إياها المسؤولية عن استمرار الأزمة، بقوله: «للأسف، المعارضة لا تبدي أي اهتمام بالحوار السلمي، وتستخدم السلاح ضد الحكومة».
وكانت الدول المشاركة في جلسة سوريا قد استبقت موعد المناقشة بنشر الأسئلة الموجهة إلى الوفد السوري. وطالبت بريطانيا سوريا بتوضيح الخطوات التي اتخذتها للتحقيق في مقتل المتظاهرين المسالمين، وتساءلت بريطانيا عن موقف الحكومة السورية إزاء ضمان وصول لجنة التحقيق إلى سوريا لإجراء تحقيقات في جميع انتهاكات حقوق الإنسان بغض النظر عن هوية مرتكب الجريمة. وطالبت بتوضيح سوري لمزاعم منظمة العفو الدولية باستخدام التعذيب أثناء الاعتقال، وكذلك لما تفعله الحكومة السورية لوضع حد لما وصفته بالإفلات من العقاب. من جهتها، أعربت هولندا عن قلقها البالغ من ظاهرة وفيات الأطفال على أيدي قوات الأمن، وأشارت إلى رغبتها في التعرف إلى حالات نشطاء في مجال حقوق الإنسان بعينهم مثل يحيى شوربجي وعامر مطر ونجاتي طيارة وشادي أبو فخر.
وطالبت أيضاً بتقديم دليل على صحة الادعاءات السورية بأن كل أعمال العنف الجارية حالياً ترتكبها عصابات أو مجرمون، بينما طالبت النرويج الحكومة السورية بتوضيح الضمانات المقدمة للسوريين لممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات امتثالاً لالتزامات سورية الدولية لحقوق الإنسان.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)