مدفيديف يعارض مبدأ توجيه الغرب لعملية التغيير

أكد الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، رفض بلاده إمرار أي قرار يتيح التدخل العسكري في سوريا، بالتزامن مع مطالبته النظام السوري بضرروة تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، فيما سجل سقوط عدد من القتلى في جمعة «المجلس الوطني يمثلنا»، أبرزهم الناشط الكردي مشعل التمو
حملت جمعة «المجلس الوطني يمثلنا» جملة من التطورات والمواقف الجديدة. فعلى الصعيد السياسي، بدأ الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أمس يسعى إلى دفع نظيره السوري بشار الأسد نحو ايجاد تسوية لإنهاء الأزمة، بعدما أكد أن على القيادة السورية أن تترك الحكم اذا كانت غير قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها، بالتزامن مع تحذيره الغرب من محاولة إقصاء الأسد عن السلطة.
وعلى الصعيد العسكري، كان لافتاً النشاط الإعلامي المكثف للجيش السوري الحر، برئاسة العقيد المنشق رياض الأسعد، الذي أكد أمس على الانتقال إلى مرحلة استهداف الجيش السوري، وأبدى تصميماً على مواصلة القتال العسكري ضد النظام حتى لو بـ«الأظافر». أما على صعيد الحراك الشعبي المتواصل، فسجل أمس استمرار للتظاهرات في عدد من المناطق، فيما التطور الأبرز تمثل في اغتيال المعارض الكردي مشعل التمو في القامشلي، بما يهدد بإعادة الزخم إلى تحركات الأكراد.
وبانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، أطل الرئيس الروسي أمس ليؤكد أن الشعب السوري والقيادة السورية يجب عليهما أن يأخذا قرار رحيل النظام، معارضاً مبدأ توجيه الغرب لعملية التغيير في سوريا. ونقلت وكالة الاعلام الروسية عن مدفيديف قوله «نستخدم كل قنواتنا ونعمل بهمة لدى القيادة السورية، ونطالب بأن تطبق القيادة السورية الإصلاحات اللازمة». أضاف «اذا كانت القيادة السورية غير قادرة على إجراء هذه الإصلاحات فعليها أن ترحل، لكن يجب الا يتخذ هذا القرار في حلف شمال الأطلسي او في دول أوروبية معينة، بل يجب أن يتخذه الشعب السوري والقيادة السورية». كذلك وجه انتقادات إلى المعارضة السورية، مشيراً إلى أنه «ليس أقل أهمية مطالبة المشاركين الآخرين في الصراع السوري بأن ينأوا بأنفسهم عن المتطرفين بأكثر الطرق حسماً».
أما في ما يتعلق بمحاولات الدول الغربية استصدار قرار من مجلس الأمن يدين السلطات السورية، فأوضح الرئيس الروسي أن بلاده «ستعارض في المستقبل جعل العقوبات الأحادية الجانب شرعية عن طريق تبنيها في مجلس الأمن الدولي بغية إطاحة الأنظمة السياسية المختلفة»، مضيفاً إن «هدف تأسيس هيئة الأمم المتحدة ليس ذلك».
وجاءت تصريحات الرئيس الروسي، التي وضعت خطاً أحمر أمام أي احتمال لاستصدار قرار يتيح التدخل العسكري، في وقت يبدو فيه أن سوريا مقبلة على معارك أكثر وطأة بين القوات الأمنية والعناصر المنشقة عنها، في ظل تأكيدات العقيد السوري المنشق، رياض الأسعد، أنه ما من خيار سوى اللجوء الى القوة لإطاحة الرئيس السوري، مشدداً على أن القوات العسكرية المنشقة ستبدأ بضرب الجيش بعدما كانت تستهدف في البداية فقط «الشبيحة وقوات الأمن والاستخبارات الجوية التي تعمل على عمليات ضبط الانشقاقات داخل الجيش».
وأكد الأسعد، الذي يعيش الآن تحت حماية الحكومة التركية في محافظة هاتاي على الحدود السورية، في مقابلة حصرية لوكالة «رويترز»، أن قرابة 15000 جندي، بينهم ضباط، انشقوا عن الجيش، الذي يضم أكثر من 200 ألف عنصر. ولفت إلى أن الجنود المتمردين يقومون بتأليف ألوية في جميع أنحاء البلاد، ويعدّون الكمائن ضد القوات الحكومية لمنعها من دخول القرى. وأكد أنه يتحين اللحظة المناسبة للعودة إلى سوريا لنقل قيادته داخل سوريا، وحتى موعد تحقق ذلك، قال الأسعد «سأكون الوجه الخارجي لقيادة الداخل، لأن علينا أن نكون في منطقة آمنة، والآن ليس هناك أمان في كل سوريا». وقال الأسعد إنه لا يريد أن يرى أياً من الجنود الأجانب في سوريا، إلا إنه رأى أنه ينبغي لـ «المجتمع الدولي أن يقدم السلاح إلى المنشقين، ويفرض منطقة حظر الطيران». وأضاف «اذا كانوا لا يريدون منحنا إياه (السلاح)، فنحن سنقاتل بأظافرنا حتى إطاحة النظام».
هذه التطورات لم تحجب الأنظار عن المشهد الميداني، حيث شهدت جمعة «المجلس الوطني يمثلنا» خروج متظاهرين في عدد من المناطق تأييداً للمجلس الوطني وللمطالبة بتوحيد المعارضة السورية، وسجل خلالها سقوط تسعة قتلى، بينهم الناشط الكردي البارز مشعل التمو، الناطق الرسمي باسم حزب تيار المستقبل الكردي، فيما ذكرت مواقع إخبارية أمس أنه جرى نقل المعارض السوري، النائب السابق، رياض سيف الى المستشفى بعد تعرضه للاعتداء.
وقالت لجان التنسيق المحلية «قام مجهولون باغتيال مشعل التمو اثناء وجوده في احد المنازل، وقد جرح ابنه، والناشطة زاهدة رشكيلو». من جهته، تحدث نجل تمو، فارس، لقناة «الجزيرة» عن الحادث، متهماً النظام بالتورط في اغتيال والده، الذي أفرج عنه في حزيران الماضي.
في هذه الأثناء، نقلت وكالة «فرانس برس» عن المرصد السوري لحقوق الإنسان إشارته إلى مقتل ثلاثة مدنيين، منهم اثنان برصاص قناصة في مدينة دوما، وآخر في مدينة الزبداني، القريبتين من دمشق، إضافة إلى مقتل اربعة آخرين، منهم مسنان، برصاص قوات الأمن في حمص (وسط)، حيث أصيب 25 شخصاً على الأقل بجروح. كذلك أشار المرصد السوري إلى مقتل مدني في قرية خربة الجوز التابعة لمدينة جسر الشغور، «على أثر كمين نصبه له مع اخرين ضابط اتصل به وادعى انه يريد الانشقاق عن الجيش السوري».
من جهة ثانية، أشارت «سانا» إلى تعرض ثلاثة من العناصر الأمنيين للإصابة في زملكا بريف دمشق، وفي حي باب الدريب بحمص، فضلاً عن اصابة ضابط ومقتل مسلح في ريف دوما. وفي محافظة دير الزور ودرعا، أشارت «سانا» إلى أن وحدات الهندسة فككت أربع عبوات ناسفة، فيما انفجرت خامسة في دير الزور دون أن تتسبب في وقوع إصابات، مشيرةً إلى أن احدى المتفجرات في درعا وجدت في مناطق وجهت دعوات عبر الإنترنت للتجمع فيها الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، نفى الشيخ دحام البشير، شيخ مشايخ قبيلة البقارة في سوريا، نبأ وفاة شقيقه الشيخ نواف البشير المعتقل لدى السلطات الأمنية السورية منذ أواخر تموز الفائت، مشيراً إلى أنه بعد ظهور الخبر «اتصلنا بالمسؤولين السوريين لمعرفة حقيقة وضع الشيخ نواف، وجرت الموافقة على الزيارة والتقيت صباح اليوم الجمعة معه لمدة ساعة ونصف ساعة وهو بصحة جيدة ، ونأمل أن يُفرَج عنه في وقت قريب».