تحاول المصارف السورية اليوم خلق حالة من التوازن في عملها، فهي من جهة تتلقى ضغوطاً خارجية، ومن جهة أخرى كان عليها التجاوب مع قرارات مصرف سوريا المركزي المتتالية. وعموماً، يوضح مصرفيون أن المصارف السورية مستمرة بدورها في الدورة الاقتصادية من خلال القيام بعمليات التمويل للفعاليات الاقتصادية، لكن الإقراض المتعلق (بقروض السيارات، الشخصية، السكنية) توقف بنسبة 100 في المئة تقريباً. أما وضع السيولة، فتؤكد معظم المصارف أنها مستقرة رغم السحوبات التي قام بها المودعون، لكنها بقيت غير متأثرة نظراً إلى ما كانت تحتفظ به المصارف سابقاً من سيولة عالية في خزائنها لم تكن تجد أدوات لتوظيفها. ورغم السحوبات وتراجع التسليفات، استطاعت المصارف الحفاظ على مستوى من الربحية كان سببه انخفاض الكلف المدفوعة حالياً على الودائع نتيجة تراجع حجمها لدى المصارف.بحسب معطيات العمل الجديد، ومنها ما كان له علاقة بتحويل التعاملات من الدولار الى اليورو، فهي إحدى المشاكل التي تواجه العمل المصرفي. ويذكر هنا مصدر مصرفي أنه «توقفت التعاملات بالدولار لمصلحة اليورو حتى إشعار آخر، فأصبحت التحويلات تجري بعملات أخرى كالريال السعودي أو الدرهم الإماراتي نحو الخارج وعبر طرق متعددة. أما الوارد من التحويلات بالدولار، فلا يستقبل مطلقاً هذا النمط الجديد من التعاملات المصرفية. لقد فرض على المصارف السورية الاستعانة بشركائها الاستراتيجيين، سواء كان هذا الشريك أردنياً أو كويتياً أو لبنانياً أو قطرياً، حيث قدّموا المساعدة ضمن الإمكانات المتوافرة عالمياً، ومنها الاستشارة في كيفية التحول بالعمل من الدولار إلى العملات الأخرى، ولم تتمثل هذه المساعدات في دفع أية مبالغ. لكن كما هو معروف ومُعلن، اتجهت الودائع السورية نحو دول أخرى وجزء منها نحو لبنان؛ لكون الوصول لها أسهل، وذلك قبل أن يتخذ الجهاز المصرفي اللبناني إجراءً تجاه المتعاملين السوريين». بالنسبة إلى هذا الإجراء، يقول عضو مجلس إدارة مصرف «بيمو» السعودي الفرنسي، نبيل حشيمة، إن جميع المصارف في لبنان لديها زبائن سوريون ويهمها الحفاظ عليهم من دون أن يتأثر القطاع المصرفي الأم. وعن موضوع تحويل التعاملات إلى اليورو، يضيف حشيمة: أي «عملية تحويل مطلوبة هي باليورو وتسير الأمور بنحو طبيعي، حتى الصادرات السورية تجري باليورو، وبقيت المشكلة الوحيدة بعد فرض العقوبات أمام الزبائن الذين كانوا يستوردون مواد أولية لمصانعهم بالدولار، وأصبحوا يفتحون اعتماداتهم باليورو وما يتحمله الزبون في هذه الحالة هو تذبذب عملة اليورو، مع العلم بأن المصارف خلقت منتجات تحمي الزبون من تذبذب العملة؛ باستطاعة أي عميل عند طلب التمويل أن يطلب تثبيت سعر اليورو وما يساعد المصارف السورية أيضاً في هذه الظروف هو عدم انكشافها على الخارج، أي أنها محمية بنحو طبيعي، وهذا أمر مهم، وإن كان البعض قد تجنبوا القيام بعمليات تجارية سابقاً. لكن ما لاحظناه خلال اليومين الماضيين العودة إلى فتح الاعتمادات».
والحديث عن استقرار الليرة يؤكده تصريح لحاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور أديب ميالة، ويقول: «ستة أشهر ونصف مضت والليرة السورية مستقرة. هناك بلدان حصلت فيها أزمات أدت إلى انهيار عملتها، وما ساعد العملة الوطنية على الاستقرار ثقة أصحابها بعملتهم وبصدقية السلطة في سوريا».
وبخصوص إلغاء قرار تعليق المستوردات، يوضح ميالة أن هذا القرار هو جماعي صدر عن رئاسة مجلس الوزراء، وليس قراراً صادراً عن وزير أو حاكم. ويطمئن ميالة أعداء سوريا وأصدقاءها إلى وضع القطع الأجنبي، «حتى هذا التاريخ فإن احتياطي القطع الأجنبي لا يزال على حاله ولم يمس».
إلى ذلك، يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة تستهدف المصرف المركزي السوري بسبب الأحداث التي تشهدها، وهو قرار اتخذ بالفعل من حيث المبدأ ومن المقرر أن يطرح على لجنة العلاقات الخارجية في الاتحاد اليوم.