في موازاة دعوة جامعة الدول العربية، التي تحفظت عليها دمشق، إلى إجراء اتصالات بين السلطات السورية والمعارضة لعقد اجتماع بينهما في مقر الجامعة العربية خلال 15 يوماً، بدأ الأمين العام للجامعة نبيل العربي، على ما يبدو، سلسلة مشاورات استهلها بالتباحث هاتفياً مع وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو في التطورات الأخيرة بسوريا، وقرارات الجامعة التي اتخذت بهذا الشأن. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن مصادر دبلوماسية أن الأمين العام للجامعة العربية اتصل بداوود أوغلو، وأوجز له بشأن الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الجامعة الذي عقد أول من أمس في القاهرة لبحث الأوضاع الراهنة في سوريا، فيما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن صحيفة «يني شفق» التركية أن داوود أوغلو أكد أن «بلاده لن تدخل في تحالف مع زعيم يضطهد شعبه». ووفقاً للصحيفة، كشف داوود أوغلو أنه توصل مع المسؤولين السوريين، خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها لسوريا في شهر آب الماضي، إلى خريطة طريق مكونة من 14 مادة تدور حول توسيع هامش الحرية، وإجراء انتخابات حرة، والاعتراف بالهوية الكردية في سوريا.
في هذه الأثناء، رفضت المعارضة السورية في الجزائر قرار وزراء الخارجية العرب إطلاق حوار بين النظام والمعارضة من دون شروط ملزمة تفضي إلى سحب الجيش وقوات الأمن من الشارع وإطلاق جميع المعتقلين، والاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلاً شرعياً للشعب السوري، بينما تتواصل اجتماعات أعضاء المجلس الوطني في تركيا بهدف انتخاب قيادات المكتب التنفيذي ووضع استراتيجية عمل للمرحلة المقبلة، وفقاً لما أكده المعارض السوري رضوان زيادة.
وفيما أعلن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، ترحيب فرنسا بـ«بقيام الجامعة العربية مرة جديدة بالتطرق إلى الوضع في سوريا»، أعرب عن أمل بلاده أن «تتخذ الجامعة العربية القرارات الشجاعة التي تفرض نفسها لزيادة الضغط على السلطات السورية، تمهيداً لوضع حد للقمع الدامي وتشجيع الانتقال السياسي».
في المقابل، رأى فاليرو أن إعلان الرئيس السوري تأليف لجنة تعد لدستور جديد، «يفتقر إلى أي صدقية، في الوقت الذي يواصل فيه النظام يومياً القتل والسجن والتعذيب».
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الرئيس السوري بشار الأسد إلى وقف عمليات قتل المدنيين فوراً والقبول بتحقيق دولي في انتهاكات حقوق الإنسان، فيما نفى المندوب الدائم للولايات المتحدة الأميركية لدى حلف شماليّ الأطلسي، إيفو دالدر، أي توجه لتدخل الحلف في سوريا، مشيراً إلى أن الوضع في ليبيا مختلف بسبب الدعم العربي والإقليمي وقرار من مجلس الأمن.
ميدانياً، سجل تصاعد في هجمات المنشقين عن الجيش السوري، مسببةً مقتل 11 جندياً. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المرصد السوري لحقوق الإنسان قوله إن «عناصر مسلحين يعتقد أنهم منشقون، فجروا عبوة ناسفة عن بعد لدى مرور سيارة تابعة للجيش بالقرب من احسم الواقعة في ريف إدلب (شمال غرب)، ما أدى إلى مقتل ضابط وثلاثة جنود، فيما أصيب آخرون بجروح».
كذلك «وقعت اشتباكات بين الجيش ومسلحين يعتقد أنهم منشقون أوقعت 17 جريحاً في صفوف الجيش، وذلك في قرية حيش بالقرب من معرة النعمان» الواقعة في ريف إدلب، فيما أشار المرصد إلى «أن اشتباكات وقعت بين الجيش والأمن مع مسلحين يعتقد أنهم منشقون في حاجز الصوامع بالقرب من مدينة القصير التابعة لريف حمص، ما أدى إلى مقتل سبعة جنود وإصابة آخرين بجروح»، فضلاً عن فرار «20 جندياً نظامياً عبر البساتين المحيطة بمنطقة القصير».
من جهتها، أشارت وكالة الأنباء السورية «سانا» إلى «استشهاد عنصرين من قوات حفظ النظام وجرح اثنين آخرين في كمين نصبته مجموعة إرهابية مسلحة في حي الجراجمة بحماه عندما كانوا يقومون بأداء مهمتهم لحفظ الأمن في الحي»، إلى جانب «استشهاد أحد حراس مركز الغاب للموارد المائية في حماه وإصابة زميله بنيران مجموعة إرهابية اقتحمت المركز وحاولت اختطافهما».
كذلك نقلت عن مصدر أمني قوله «إن مجموعة إرهابية مكونة من خمسة أشخاص تستقل سيارة من نوع كيا سوداء اللون هاجمت العميد المتقاعد في الشرطة موسى عشيش في منزله واختطفته بقوة السلاح إلى جهة مجهولة».
من جهةٍ ثانية، أشار المرصد إلى أن «أربعة أشخاص قتلوا برصاص رجال الأمن، بينهم ثلاثة في مدينة حمص، فيما تسلم ذوو معتقل من مدينة حماه جثمان ابنهم الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية قبل 17 يوماً في مدينة الرستن».
وفي ريف إدلب، أضاف المرصد أن «مواطناً قتل بإطلاق رصاص من سيارة أمنية في قرية كفرعين غرب مدينة خان شيخون»، فيما ارتفع عدد قتلى أول من أمس من المدنيين إلى 11 وفقاً لما نقلته وكالة «فرانس برس» عن المرصد السوري.
كذلك نقلت الوكالة عن لجان التنسيق المحلية اتهامها قوات الأمن بأنها «صعّدت أخيراً من حملاتها على الأطباء والمستشفيات والعيادات الخاصة التي يشتبه في أنها تعالج المصابين في تظاهرات الحرية».
إلى ذلك، أكدت السفارة السورية في فرنسا أنها تعرضت أول من أمس لهجوم من مجهولين حاولوا تحطيم الباب الرئيسي الخارجي من دون أن يتمكنوا من ذلك، بينما تمكن بعضهم من نزع وتمزيق العلم السوري المرفوع على واجهة المبنى.
(أ ف ب، بو ي بي آينر ويتيز، أب)