طرابلس | يوم تحرير ليبيا ليلاً، كان مناسبة للقاء فاعليات ثقافية وسياسية ليبية لأخذ انطباعاتها ومقترحاتها من أجل بناء ليبيا الحديثة الديموقراطية التي قامت الثورة الشبابية من أجلها. أسئلة كثيرة حملناها بعد عملية القبض على العقيد معمر القذافي تتعلق بمصير «الثوار» العائدين من الجبهة، فيما يجمع المتحدثون على أن ما حصل للقذافي في الساعات الأخيرة أمر طبيعي ونتيجة حتميّة لعنفه ضد شعبه. رئيس تحرير مجلة «الكلمة» الليبية، التي انطلقت مع بداية ثورة 17 فبراير، الشاعر الصوفي محمد المزوغي، يظن أن الاستقرار ليس سهلاً، «لكن يمكن لو وُجدت حكومة مؤقتة قوية التسريع به. هناك ثوار قدموا من الجبهات بعد مواجهات دامية ذهبت بالأرواح والأطراف، هؤلاء يجب أن لا يشعروا بالغبن لأنه شعور سيتفاقم ويؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه. فمن الأولويات الإسراع بمعالجة الجرحى وإعطاء هؤلاء ما يستحقون، لكن ليس على حساب هيكلة الدولة، لأننا سندخل بذلك في مسألة الولاء لا الكفاءة التي دمرت ليبيا
سابقاً».
ويرى المزوغي أن التركيز على اختيار الكفاءات لقيادة المرحلة مهم جداً وأساسي جداً، وكذلك احترام الإنسان الليبي مهما كان مستواه الدراسي وانتماءاته».
وينصح رئيس تحرير «الكلمة» السياسيين بترك كل «طقوس المناصب التي تستفز رجل الشارع، الذي هو رجل الثورة الأول، ودعم الصحافة المستقلة وتحمّل قولها الثقيل والسعي إلى إيجاد مناخ مصالحة وطنية». لا يرى أن إجراءات القبض على القذافي وطريقة قتله ينبغي الوقوف عندها طويلاً، لافتاً الى أنه «لا تتوقع من ثائر هُدم بيته على عائلته أن يقابل مجترح هذه الجريمة بالورود».
بدوره، رئيس تحرير صحيفة «قورينا الجديدة»، فاتح يونس، يرى أن مستقبل ليبيا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مرهون بنجاح أولويات محددة، على رأسها المصالحة الوطنية ومعالجة الشروخ الظاهرة والباطنية، والتي لا تتأتى إلّا بعقد مؤتمر مصالحة عام يشارك فيه ممثلون عن جميع القبائل الليبية ومؤسسات المجتمع المدني وكل أطيافه. ويضيف إن «ربيع ليبيا كلّه لن تكون له أي قيمة، إذا لم تتحوّل ليبيا ـــــ منذ الآن ـــــ إلى دولة سيادة القانون واحترام الحريات، وهي لن تولد ما لم تقم على أسس متينة، دعائمها التسامح والعدالة والاحترام الكامل لحقوق الإنسان، والبعد عن الأنا والجهوية والتعصّب القبلي». أما في ما يختص بإجراءات القبض على القذافي ومقتله، «فهذا أمر انتظره الليبيون جميعاً على حد سواء، لأن بقاءه طليقاً يُعدّ خطراً على مستقبل ليبيا».
الناشطة السياسية شريفة الفاسي، والتي كان لها دور مهم في تفجّر الثورة الليبية يوم 17 شباط الماضي، حيث تم اعتقالها والتحقيق معها أكثر من مرة تقول: «الثورة الليبية تختلف عن غيرها من الثورات العربية، إلا أنها ثورة تحرير وخلاص من حاكم طبّق عليهم سياسة موسولينية تحت رداء الديموقراطية والعدالة والمساواة، في الوقت الذي يقوم فيه بنفي أبناء الوطن وتهجيرهم وإعدامهم وسجنهم وتهميشهم».
تركّز الناشطة الليبية على ضرورة «أن نبتعد عن تمجيد الأفراد، وعدم السكوت عن أخطائهم، إذا كنا نريد الديموقراطية» في المرحلة المقبلة.
أما بخصوص القبض على القذافي «فليس المهم من هو الذي قبض عليه، لأن الشعب الليبي كله يرغب في القبض عليه، ولأن هناك من بين الثوار من اغتصبت أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم، فردة الفعل كانت نفسية ونحن شعوب عربية لنا غيرة وحمية على الشرف والعرض».
الشابة الليبية شريفة روت كيف تعرضت المرأة في بلادها للأذى، سواء الاغتصاب أو قتل أحد أقاربها. لذلك تبرر شريفة ما حصل مع الزعيم السابق بقولها «من قتل لها أحد، لن ترحم القذافي ولن تفكر في القانون أو المحكمة». وتخلص الشابة الليبية الى أن «المرأة في ليبيا ظُلمت، ولذلك لن ترحم القذافي الذي اعتدى على حقوقها».