حذر الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلتين مع صحيفة «صنداي تلغراف» وبرنامج «أخبار الأحد» التابع لقناة التلفزيون الروسية الأولى، من أن أي تدخل غربي ضد دمشق ستكون له تداعيات ستؤدي إلى «زلزال» من شأنه أن «يحرق المنطقة بأسرها»، مشدداً في الوقت نفسه على أن تكرار السيناريو الليبي مستحيل وسيكلف منفذيه غالياً، فضلاً عن مدافعته عن وتيرة الإصلاح في بلاده، وتصويره الأحداث التي تشهدها سوريا بأنها «صراع بين الإسلاميين والقوميين العرب»، بعد إشارته إلى أن القوات الأمنية التي ارتكبت أخطاءً في بداية الحركة الاحتجاجية «لم تعد تستهدف اليوم إلّا الإرهابيين»، في حين تتعرض الأخيرة لهجمات منظمة يتخللها حديثاً استخدام القذائف المضادة للدبابات.
وأكد الأسد، لصحيفة «صنداي تلغراف»، أن «سوريا اليوم هي مركز المنطقة. إنها خط الصدع. وإذا لعبتهم بالأرض فستسبّبون زلزالاً»، متسائلاً «هل تريدون رؤية أفغانستان أخرى أو العشرات من أفغانستان؟». وأضاف إن «أي مشكلة في سوريا ستحرق المنطقة بأسرها»، محذراً من أنه «إذا كان المشروع هو تقسيم سوريا، فهذا يعني تقسيم المنطقة برمتها»، قبل أن يوضح في حديثه إلى قناة التلفزيون الروسية الأولى، الذي نقل مقتطفات منه موقع «روسيا اليوم»، «أن سوريا بلد تتجمع فيه كافة أو معظم الخصال التي تتميز بها بلدان الشرق الأوسط، وهذا يتعلق بالدين والثقافة والطوائف والشعوب». وأضاف «إن هذا بلد، إن أمكن القول رمزياً، فيه طبقتان من الهزات الأرضية، وإن محاولة الإخلال باستقرار إحداهما، يؤدي إلى هزة قوية، تلحق الضرر بكل المنطقة والبلدان التي تقع بعيداً عن سوريا. وإذا حدث هذا في الشرق الأوسط،، فسيكون له انعكاس في كل أنحاء العالم».
وفي السياق، أوضح الرئيس السوري لـ«صنداي تلغراف» «أنه يدرك أن القوى الغربية سوف تكثف الضغوط حتماً»، ولكنه شدد على أن «سوريا مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن. التاريخ مختلف، والواقع السياسي مختلف». ورأى، في حديثه إلى القناة الروسية، أن «سوريا ليست ليبيا، وهي بلد آخر من الناحية الجغرافية والديموغرافبة والسياسية والتاريخية، وإن أي سيناريو من هذا النوع سيكلّف منفذيه غالياً، كما لا يمكن تنفيذ مثل هذا السيناريو في سوريا عملياً».
في غضون ذلك، شدد الأسد، على أن ردّه على الأحداث في سوريا كان مختلفاً عن ردود فعل القادة العرب الآخرين. وقال «نحن لم نسلك مسلك حكومة عنيدة»، قائلاً «بعد 6 أيام (من اندلاع التظاهرات) بدأت بالإصلاح. الناس كانوا متشكّكين في أن الإصلاحات ما هي إلا مهدّئ للشعب، ولكن عندما بدأنا الإعلان عن الإصلاحات، بدأت المشاكل تتناقص، وهنا بدأ التحول، هنا بدأ الناس يدعمون الحكومة»، قبل أن يضيف «ولكن أن تكون في الوسط صعب جداً عندما يكون لديك هذا الاستقطاب».
وأبدى استعداده للحوار مع المعارضة وغيرها، قائلاً «نحن نتعامل مع الجميع.. مع كل القوى الموجودة على الساحة.. كل القوى الموجودة سابقاً والتي وُجدت خلال الأزمة، لأننا نعتقد أن التواصل مع هذه القوى الآن مهم جداً».
وشدد الأسد على أن «وتيرة الإصلاح ليست بطيئة»، وعلى وجوب أن تكون «الرؤية ناضجة»، لافتاً إلى أنه «يتطلّب الأمر 15 ثانية فقط لتوقيع قانون، ولكن إذا لم يكن مناسباً لمجتمعك فسيؤدي إلى انقسام. هذا مجتمع معقّد جداً». ووصف ما تشهده سوريا اليوم بأنه «صراع بين الإسلاميين والقوميين العرب (العلمانيين)»، مضيفاً «نحن نقاتل الإخوان المسلمين منذ خمسينيات القرن الماضي، وما زلنا نقاتلهم».
كذلك أعرب الأسد عن اعتقاده بأن المشاكل لم تكن في الدرجة الأولى سياسية. وأضاف «إنها عن المجتمع بأسره. تنمية المجتمع. اندلعت مشاكل مختلفة كأزمة واحدة. اعتمدنا الاقتصاد الليبرالي. فتح اقتصادك دون إعداد نفسك، فإنك تفتح الفجوات بين الطبقات الاجتماعية. وإذا لم تحصل على النموذج الاقتصادي الصحيح، فلا يمكنك تجاوز المشكلة».
ورأى الأسد أن مقارنة القيادة السورية مع قيادة دولة غربية، هي مثل مقارنة حاسوب من طراز «ماك» مع جهاز حاسوب عادي. وأضاف «كلا الجهازين يقومان بالمهمة نفسها، لكنهما لا يفهم أحدهما الآخر». ومضى يقول «تحتاج إلى ترجمة. إذا كنت ترغب في تحليلي على أني الشرق، لا يمكنك تحليلي من خلال نظام التشغيل أو الثقافة الغربية». وأضاف «عليك أن تترجم وفقاً لنظام التشغيل الخاص بي، أو ثقافتي».
وشدد الأسد على أن نمط حياته والشرعية الشعبية هما اللذان يجعلانه محبوباً بين شعبه، بعدما تحدث عن وجود نوعين من الشرعية. وقال «هناك شرعية وفقاً للانتخابات، وهناك شرعية شعبية». وأضاف «إذا كنت لا تملك الشرعية الشعبية، سواء كنت منتخباً أو لا فستجري إزاحتك»، داعياً إلى النظر إلى «جميع الانقلابات التي حصلت». وأضاف «المكوّن الأول للشرعية الشعبية هو حياتك الشخصية. مهم جداً كيف تعيش». وأضاف «أعيش حياة طبيعية. أقود سيارتي بنفسي. لدينا جيران. آخذ أطفالي إلى المدرسة، ولهذا أنا محبوب». وأضاف «من المهم جداً أن تحيا بهذه الطريقة، إنه نمط الحياة السورية».
من جهةٍ ثانية، أقرّ الأسد بأن القوات الأمنية ارتكبت «أخطاءً كثيرة» في بداية الحركة الاحتجاجية، مشدداً في المقابل على أنها «لا تستهدف اليوم إلا الإرهابيين». وقال «لدينا عدد ضئيل جداً من رجال الشرطة. وحده الجيش مدرّب للتصدي لتنظيم القاعدة». وأضاف «إذا أرسلتم جيشكم إلى الشوارع، فإن الأمر عينه قد يحدث. الآن، نحن نقاتل الإرهابيين فقط. لهذا السبب خفّت المعارك كثيراً»، قبل أن يشير في حديثه إلى التلفزيون الروسي إلى أنه «لدينا اليوم مئات القتلى من أفراد الجيش والشرطة وقوى الأمن». وتساءل: «كيف قتلوا؟ وهل لقوا مصرعهم إبان التظاهرات السلمية؟ وهل لقوا مصرعهم بسبب الهتافات؟ كلا، إنهم قتلوا بالسلاح الناري. وبالتالي، إننا نواجه أشخاصاً مسلحين».
ولفت إلى أن مصدر السلاح غير معروف، من إسرائيل أو من دولة أخرى لديها مثل هذا السلاح. وأشار إلى أن «هناك قنابل وألغاماً تزرع في أماكن إقامة السكان المدنيين، وأدى هذا في عدد من الحالات إلى وقوع ضحايا. وأضاف أنه «كانت هناك أيضاً حالات استخدمت فيها القذائف المضادة للدبابات، وهذه وقائع جديدة، وخطيرة جداً».
(الأخبار)



ورقة عربيّة من 4 بنود «لوقف القتل» تردّ عليها دمشق اليوم

بدأ الوفد العربي، مستغلاً على ما يبدو ميزة أنه يلعب على ملعبه في الدوحة، برفع مستوى التهديدات لسوريا، ملوّحاً بالتدويل، وأكد أن القرار لا يزال عربياً «في الوقت الحاضر»، في وقت كان فيه الرئيس بشار الأسد يخاطب الطرف الرئيسي في الجهة المقابلة، والمقصود أميركا وفرنسا ومن خلفهما الأطلسي، محذراً من زلزال سيعصف في المنطقة إذا تجرّأوا على توجيه ضربة عسكرية لبلاده.
وفي وقت تواصلت فيه المسيرات المؤيّدة لإصلاحات الأسد، وآخرها أمس تظاهرة حاشدة ضمّت عشرات الآلاف في السويداء، أعلن رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، في ختام اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن الملف السوري في الدوحة أمس، أن اللجنة طرحت ورقة لوقف العنف في سوريا، إلا أن دمشق طلبت مهلة إلى اليوم لتبلغ ردّها. وقال بن جاسم للصحافيين، في ختام الاجتماع الذي حضره وزير الخارجية السوري وليد المعلم، إن الاجتماع «كان جدياً وصريحاً... وتوصلنا إلى ورقة تتعامل مع كل القضايا، وطلب الوفد السوري أن يردّ على هذه الورقة غداً» (اليوم). وأوضح أن الورقة «جدية لوقف كل أعمال العنف والقتل في سوريا».
وأبلغت مصادر دبلوماسية عربية «الأخبار» أن الورقة تتألف من أربعة بنود: «سحب الجيش السوري من المدن، ووقف العنف بكافة أشكاله، وإطلاق المعتقلين، والسماح لوسائل الإعلام العربية بالدخول إلى سوريا والعمل بحرية».
وكشف بن جاسم عن أن هناك اجتماعاً للجامعة العربية بعد غد الأربعاء في القاهرة، «سواء اتفقنا أو لا»، مشدداً على أن «الأهم من الجواب هو العمل السريع والفوري والعمل بالاتفاق وتنفيذه». وبسبب اجتماع الأربعاء، قرر الأمين العام للجامعة العربية تأجيل زيارته التي كان مقرراً القيام بها اليوم إلى بيروت.
ورداً على سؤال عن تحذير الرئيس السوري بشار الأسد من زلزال في المنطقة في حال حصول تدخّل أجنبي في سوريا، قال بن جاسم إن «المنطقة كلها معرضة لعاصفة كبيرة، والمهم أن يعرف القادة كيف يتعاملون، ليس باللف والدوران والاحتيال». وخلص إلى القول «نأمل ألّا يكون هناك تدخل عسكري».
وعن تدويل الأزمة السورية، شدد على أن قرار الجامعة العربية يتحدث عن الحل العربي ودرء التدخل الأجنبي، «وهذا هو الموقف العربي في الوقت الحاضر».
وكان العربي قد كشف لصحيفة «الشروق» المصرية عن أن زيارة اللجنة الوزارية لدمشق، الأربعاء الماضي، لم تشهد أي تقدم من الجانب السوري بشأن ما تطلبه الجامعة من وقف القتال وإطلاق سراح المعتقلين والبدء بعملية إصلاح سياسي حقيقي، بحثاً عن حل الأزمة، مبيناً أن الوضع في سوريا يختلف عنه في ليبيا في ما يتعلق بـ«الحظر الجوي». ورفض تحديد ما إذا كانت الجامعة، في حال رفض الأسد تلبية المطالب العربية، سترفع يدها عمّا يحدث في دمشق، مشيراً إلى أنه «لا يستطيع استشراف المستقبل تجاه ما يحدث في سوريا، ويشكّ في أن تكون هناك زيارات جديدة لدمشق».
من جهتها، نشرت صحيفة «القبس» الكويتية، نقلاً عن مصادر عربية واسعة الاطلاع، تفاصيل اللقاء الذي جمع وفد الجامعة بالأسد. وقالت المصادر إن اللجنة العربية طالبت القيادة السورية بعدة أمور، أبرزها، تزويد الجامعة العربية بخريطة طريق واضحة للإصلاحات التي يعتزم النظام السوري القيام بها، مع تأكيد ضرورة أن تتضمن هذه الخريطة مواعيد محددة لهذه الإصلاحات، وأن يكون الحوار بين النظام السوري والمعارضة خارج سوريا، وهو ما رفضه الأسد بداية، بحسب المصادر، قبل أن يشير إلى إمكان إجراء محادثات مع المعنيين في المؤسسات السورية لبتّ موضوع إجراء الحوار خارج سوريا.
وأكدت المصادر العربية «أن الوفد العربي كان صريحاً وواضحاً في لقائه مع القيادة السورية، وحذر من أن خروج آلية الحل من الميدان العربي يعني تدويل الأزمة، وهذا يعني أن سوريا عليها أن تتوقع تدخلاً أجنبياً وحصاراً دولياً مؤلماً على الاقتصاد والحياة المعيشية عموماً».
وفي موازاة ذلك، تجري تحركات على مستوى عالٍ في مجلس الأمن، تحسّباً لفشل جهود الوساطة العربية، في حين ذكر مصدر دبلوماسي أوروبي أن الاتحاد الأوروبي لم يلغ فكرة سحب سفراء الدول الأعضاء من سوريا.
في هذا الوقت، تحدث العقيد السوري المنشق، رياض الأسعد، عن تنسيق مع العديد من أعضاء المجلس الوطني السوري، لافتاً إلى أن المجلس يتولى الاهتمام بعلاقة الجيش السوري الحرّ مع الولايات المتحدة والعالم الخارجي، نافياً تلقّي مساعدات من تركيا.
ميدانياً، نقلت وكالة «فرانس برس» عن المرصد السوري لحقوق الإنسان إعلانه «مواجهات بين قوات الأمن السورية والجيش من جهة، ومنشقّين عن الجيش من جهة أخرى، ما أدى إلى مقتل 30 عنصراً نظامياً وإصابة 53 آخرين في كل من مدينة حمص (وسط) ومنطقة إدلب (شمال)، إضافة إلى مقتل منشق». وأشار إلى أن «ثلاثة قتلى سقطوا (أمس) برصاص قوات الأمن والجيش، فيما توفي عدد آخر متأثرين بجروحهم». كذلك تحدثت «فرانس برس» عن مقتل 12 مدنياً أول من أمس، عشرة منهم في حمص.
(أ ف ب، رويترز، يو بي اي، سانا)