تونس | تدخل المفاوضات السياسية لتأليف الحكومة التونسية المؤقتة، التي تجري خلف الأبواب المغلقة، المنعطف الأخير، وذلك وفقاً لتصريحات الكثير من المشاركين في هذه المشاورات، التي بدأت تأخذ منحى جديداً، وخاصة بعدما أعطت المحكمة الإدارية التونسية حركة «العريضة الشعبية» مقاعدها السبعة الإضافية، لتصبح بذلك القوة الثالثة من حيث نسبة المقاعد في المجلس بـ26 مقعداً. تطورات قد يكون لها تأثير في مستوى التفاوض السياسي الدائر منذ انتخابات المجلس التأسيسي بين أكبر 3 أحزاب من حيث عدد المقاعد في الجمعية التأسيسية، وهي حركة النهضة الإسلامية، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات، التي توصلت إلى تأليف 3 لجان تعمل على دراسة المسائل القانونية والتشريعية لعمل المجلس الوطني التأسيسي، وقضايا الإصلاح السياسي، والمسائل المرتبطة بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» إن عمل هذه اللجان قد بدأ فعلاً أول من أمس، على أن تواصل عملها لمدة 10 أيام، يجري خلالها تحديد الأطر القانونية لتنظيم السلطة العمومية مؤقتاً، في فترة المجلس التأسيسي. وأضافت إن اللجنة ستجتمع مع الرئيس المؤقت فؤاد المبزع بعد إتمام عملها لتحديد موعد انعقاد أول جلسة للتأسيسي.
وتشير مصادر قريبة من دائرة المفاوضات المباشرة التي تدور بين الأحزاب وراء أبواب موصدة، إلى أن تشكيلة الحكومة المقبلة تضم وزراء من حكومة الباجي قائد السبسي الحالية، وذلك بسبب «افتقار الأحزاب إلى كوادر تتمتع بالاختصاص المناسب لبعض الحقائب المهمة» لتحقيق الاستمرارية في التنمية، وخصوصاً حقائب الفلاحة والسياحة والتجارة، التي من المتوقع أن تحافظ على نفس وزرائها من التكنوقراط.
ويقول أحد المصادر إن حسم الحقائب الوزارية قد بلغ شوطاً كبيراً، ودخل في «المنعرج الأخير»، فيما أشار ثان إلى أن المفاوضات بلغت مستوى 60 في المئة من إحراز تقدم. وأوضح مصدر آخر أن «النهضة» استطاعت حسم رئاسة الوزراء لمصلحتها، وهو حمادي الجبالي، الأمين العام للحركة، إضافة الى منصب وزارة الخارجية، الذي سيشغله مسؤول العلاقات الخارجية في المكتب السياسي للحركة سمير ديلو، في وقت لا تزال فيه المشاورات متواصلة بالنسبة إلى حقيبة العدل، التي يبدو أنها تشهد «صراعاً» بين مرشحي «النهضة» والمؤتمر من أجل الجمهورية، الذي رشح المحامي محمد عبو. ويبدو أن وزيري الداخلية والدفاع الحاليين سيحافظان على حقيبتيهما.
وسط هذا الجدل المتواصل، تحتدم المعركة بين زعيم «المؤتمر من أجل الجمهورية» المنصف المرزوقي، ورئيس التكتل مصطفى بن جعفر، اللذين من المنتظر أن يحسما أمر رئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية. ويطالب المرزوقي برئاسة للجمهورية مدعمة بصلاحيات تنفيذية كبيرة، وهو ما يتطلب التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف، على أن لا تتجاوز هذه الصلاحيات سلطة رئيس الوزراء. هذه النقطة التي حسمتها «النهضة» في برنامجها الانتخابي عبر الإعلان أنها تسعى إلى تبني نظام برلماني في الدستور القادم، وهو ما يعارضه المنصف المرزوقي والتكتل، اللذين يريدان نظاماً رئاسياً برلمانياً.
وهنا قد تجد «النهضة» نفسها أمام حلول أخرى، وخاصة بعدما حسم القضاء أمر مقاعد «العريضة الشعبية»، وكذلك بعدما أكد بعض قادتها أن حالة من «التشقق» السياسي بدأت تشهدها «العريضة» إزاء الهاشمي الحامدي، مما سيسمح للحركة الإسلامية بالتحرك ببراغماتية تجاه التحالف مع قادة القائمة الجدد، وهذا بالظبط ما قصدته بقولها إن «الموازين تبدو أنها تغيرت». وهذه تعد رسالة مضمنة لكل من المؤتمر والتكتل من أجل الإسراع في حسم صراعهما الدائر على منصبي رئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية، فـ«الوقت ينفد ووجب الحسم»، حسب تعبير أحد المصادر.