رام الله | أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أنه سيلتقي برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، في العاصمة المصرية القاهرة، في 23 من الشهر الجاري، لبحث المصالحة الفلسطينية وآفاق المستقبل، وهو ما رحبت به حركة «حماس»، وسط أنباء واردة في الصحف الاسرائيلية حول اتفاق حركتي «فتح» و«حماس» بوساطة مصرية على تغيير رئيس الحكومة سلام فياض وتشكيل حكومة تكنوقراط. وشدّد أبو مازن، خلال كلمة ألقاها بمناسبة احياء الذكرى السابعة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، على بذل كل الجهود والإسراع في حل القضايا العالقة، وفي مقدّمتها الانتخابات والمجلس الوطني وتشكيل الحكومة من شخصيات مستقلة، مؤكّداً أن «الانقسام مضرّ بقضيتنا وهو مصلحة للاحتلال ولأصحاب الأجندات الإقليمية».
وقال عباس إن احتجاز إسرائيل للأموال الفلسطينية هو اختراق للقوانين الدولية والاتفاقيات، و«لن يتملكنا أي احباط بسبب جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني». وتطرق الى قبول فلسطين عضواً كاملاً في اليونيسكو، مشيراً الى أن هذا «يؤكد تفهم العالم بأسره لقضيتنا العادلة والشرعية»، وأن العضوية الكاملة في الأمم المتحدة «حق مشروع لنا ولن تثنينا العقبات التي تعترضه».
ودعا الرئيس الفلسطيني الى أوسع مشاركة في المقاومة الشعبية السلمية التي حققت الكثير لصالح الفلسطينيين، مجدّداً التمسك بالأسس التي تطرحها القيادة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، والتي تقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، ووقف الاستيطان، موضحاً أنه «من دون هذين الشرطين لا توجد مفاوضات».
ووجه عباس حديثه الى الاسرائيليين قائلاً «إننا جادون ومستعدون لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم، لكن السلام والاستيطان لا يمكن أن يلتقيا»، مؤكّداً في الوقت نفسه مواصلة التعاون مع كل الجهود التي تريد التوصل إلى سلام من دون المساومة على ثوابتنا «وما زلنا نمدّ يدنا للسلام القائم على العدل».
وتطرّق عباس الى قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مؤكّداً «التوجه رسمياً إلى الرباعية والحكومة الإسرائيلية لاتمام اتفاق سابق لإطلاق سراح الأسرى»، كما وعد بأنّ أي اتفاق سلام في المستقبل لن يوقع ما لم يتم تحرير كل الأسرى.
ورحّبت حركة «حماس»، على لسان المتحدث باسمها طاهر النونو «بالروح الإيجابية التي سادت في هذا الخطاب سواء تجاه المصالحة أو تجاه حركة «حماس» وكذلك بعض القضايا الوطنية». وقال «نأمل ترجمة هذه الروح عند اللقاء مع الأخ أبو الوليد، وأن نشهد بداية تطبيق حقيقي للمصالحة، فالمطلوب الآن الإسراع في تشكيل الحكومة والقيادة المشتركة وتحقيق الشراكة الوطنية».
بدوره، أثنى القائد في الحركة صلاح البردويل على «حديث عباس عن المصالحة الفلسطينية وإبدائه الإصرار عليها، على قاعدة التوافق الذي تم في القاهرة ووثيقة الوفاق ومزيد من المشاورات، ولم يضع أية عراقيل ولا أية اشتراطات، وتحدث بايجابية عن «حماس» وأهميتها في الشارع الفلسطيني». وأعرب عن أمله أن تترجم هذه الأقوال في لقاء القاهرة المقبل «حتى نصل إلى مصالحة حقيقية وقادرة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي». ورأى أن «خطاب عباس تضمن عناصر إيجابية من ضمنها أنه تحدث عن المقاومة الشعبية كأسلوب من الأساليب وليس الأسلوب الوحيد للمقاومة».
في هذه الأثناء، رأت محافل سياسية كبيرة في إسرائيل أن اجتماع الرئيس عباس ومشعل «ضربة قاسية للمسيرة السلمية، وخطوة تتنافى والتزام رئيس السلطة أمام الاسرة الدولية بالتوصل الى حل سلمي مع اسرائيل». وقالت مصادر اسرائيلية إن حركة «حماس» معروفة في العالم كمنظمة «ارهابية»، متوقعةً أن تكون المصالحة الفلسطينية وهمية، إذ إنّ «حماس» ستبتلع السلطة وتسيطر على الضفة الغربية.
من جهة ثانية، قالت صحيفة «هآرتس» إن حركتي «فتح» و«حماس» اتفقتا في الأيام الأخيرة بوساطة مصرية على تغيير رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وتشكيل حكومة تكنوقراط تحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى الانتخابات التشريعية الفلسطينية في أيار المقبل. وأضافت أن هوية رئيس الوزراء الفلسطيني المقبل ستحدد خلال اللقاء المرتقب بين عباس ومشعل.
ورجّحت أن يكون رئيس الوزراء رجل أعمال ليس منتمياً لأي من الحركتين ومقبولاً منهما ومن الغرب. وأشارت الى أنّ الحركتين توصلتا إلى هذا الاتفاق بعدما أشارت اللجنة التي عيّنها مجلس الأمن الدولي للتدقيق بطلب عضوية فلسطين إلى أن السلطة الفلسطينية لا تستوفي الشروط المطلوبة في المنظمة الدولية لكونها لا تسيطر على غزة.
لكن القائد الفتحاوي النائب فيصل أبو شهلا أكد أن فياض لا يزال مرشح عباس لرئاسة الحكومة المقبلة، وأن قضية اختيار رئيس الوزراء ستبقى متروكة الى اللقاء الذي سيحاول عباس أن يعرض فيه لماذا يريد فياض.