من المتوقع أن يثير كتاب لأكاديمية إسرائيلية عاصفة دولية في ضوء الفضائح التي يكشفها عن المضامين العنصرية السائدة في المناهج التعليمية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، والتي تشبه تلك التي كانت معتمدة في المناهج التعليمية الألمانية إبان الحكم النازي. الكتاب الذي سيصدر خلال أسابيع باللغة الإنكليزية تحت عنوان «الفلسطينيون في كتب التعليم الإسرائيلية: إيديولوجيا ودعاية في التربية»، هو من تأليف البروفسورة نوريت ـــ بيلد إلحنان المحاضرة في العلوم التربوية في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة، ويقدم عرضاً مفصّلاً للتمييز الذي تمارسه المؤسسة التربوية في إسرائيل بحق العرب والفلسطينيين على صعيد مقاربتهم في الكتب التعليمية المعتمدة في المدارس والجامعات. وعكفت بيلد ــــ إلحنان على دراسة هذه الكتب في عدد من المجالات على امتداد ثلاثة عشر عاماً، ما بين 1996 و2009، وخلصت إلى نتيجة مفادها أن المناهج التعليمية في إسرائيل ترمي إلى إعداد الشباب لتبرير الأعمال الإجرامية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وذلك من خلال تقديم النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بأسلوب يبسّط التعقيدات الكامنة فيه. وفي سياق عرضها، تلجأ الكاتبة إلى مقارنات تلميحية متكررة بين المؤسسة التربوية الإسرائيلية ونظيرتها النازية. ووفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن الكتاب يحظى منذ الآن بشعبية دولية وجدت الكاتبة في ضوئها نفسها موضع اهتمام وسائل إعلام عالمية سعت إلى إجراء مقابلات معها للحصول على تعليقات مباشرة حول الكتاب. وتصف بيلد ـــ إلحنان في كتابها العنصرية الإسرائيلية تجاه العرب والفلسطينيين بـ«الأبارتهايد»، وترى أنه لا يقتصر فقط على «سلسلة القوانين العنصرية، بل هو طريقة تفكير عن العرب». وتقدم نموذجاً عن كيفية ترجمة هذه الطريقة لنفسها في الكتب التعليمية الإسرائيلية، فتقول «إنهم يُسمّون عرباً، عرباً مع الجمال بلباس علي بابا. يوصفون كأنذال، منحرفين ومجرمين، أناس لا يدفعون الضرائب ولا يريدون أن يتطوروا. تمثيلهم الوحيد هو كلاجئين، مزارعين، متخلفين وإرهابيين». أما عن فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48، الذين يُطلق عليهم وصف «عرب إسرائيل»، فترى الكاتبة أن التطرق إليهم في الكتب المدرسية يجري على أساس عرضهم «كمشكلة ديموغرافية يمكن أن تتّسع لتصبح تهديداً ديموغرافيا». وتشير في السياق إلى أنه «عندما تجري الإشارة إلى مجزرة ارتكبت بحق العرب (من قبل الجيش الإسرائيلي) يُطلب من التلاميذ النظر إلى ما وراء حادثة الموت المحددة (المؤسفة) لمصلحة الصورة الأكبر». وتمضي الكاتبة في عرض التمركز الإسرائيلي حول الذات ورفضه للآخر العربي، حتى على مستوى الاعتراف بمعاناته، فترى أن «يوم الذكرى» السنوية لقتلى الجيش الإسرائيلي هو «اليوم الذي نرقص فيه على دمائنا، رقصة دم للاحتفال بالدم، ونحن غير مستعدين لأن يدخل إلى احتفال دمنا دم آخر».
وتقف بيلد ـــ إلحنان، مع شركاء لها في الرؤية، وراء إقامة المحكمة غير الرسمية الرامية إلى إجراء محاكمات استعراضية ضد «الأبارتهايد الإسرائيلي»، والتي جرى إنشاؤها في جنوب أفريقيا. والمحكمة المذكورة هي عبارة عن مؤتمر مفتوح نُظّم في مدينة كيبتاون الجنوب أفريقية أُطلق عليه اسم «هيئة راسل» التي تعدّ منبراً مفتوحاً لإثبات أن إسرائيل هي دولة «أبارتهايد»، وتدعو إلى عزل إسرائيل ومقاطعتها اقتصادياً وثقافياً وأكاديمياً. ويشارك في مداولات المؤتمر الآلاف من كل أرجاء العالم، من ضمنهم عضو الكنيست العربية حنان الزعبي التي قدمت شهادتها أمامه الأسبوع الماضي.