دمشق | بعدما تصاعدت في الآونة الأخيرة مواقف الجامعة العربية في ما يتعلق بالأزمة السورية، بحيث اتخذت جملة من الإجراءات والقرارات أثارت ردود فعل متفاوتة بين أنصار النظام ومعارضيه، جاء القرار بإعطاء مهلة 3 أيام للنظام وإرسال مراقبين ليثير مواقف جديدة، ولا سيما من معارضين في الداخل، حيث كانت هناك آراء متنوعة حول قرار الجامعة العربية الأخير. ووجد الكاتب السوري المعارض فايز سارة في هذه القرارات «فرصة جيدة للنظام السوري لتنفيذ جملة بنود المبادرة، ليس بالصيغة النصّية، بل بالتفاعل الإيجابي معها، لأنها قد تكون الفرصة الأخيرة للنظام ومن يقف خلفه». ورأى أنه في حال تجاهل النظام تنفيذ بنود المبادرة العربية، وبقي متعنتاً في مواقفه فإن ذلك بالتأكيد «سيأخذ سوريا، وسيأخذ نفسه (النظام) أولاً، إلى مواجهات جديدة مع جامعة الدول العربية والسياسة العالمية على حد سواء، ستكون نتيجتها دخولنا جميعاً في أزمة عالمية جديدة، بعدما كانت أزمتنا داخلية إقليمية. ومن الممكن أن تتطور الأمور سريعاً، حتى نصل إلى عقوبات جديدة، تقرّها الأمم المتحدة، وفق البند السابع».

وعما يُشاع في الأوساط الموالية من أن مسألة دخول لجان المراقبة الى سوريا لن تقدم أو تؤخر شيئاً في خطة سير المؤامرة على الشعب والنظام، وعن كونها حركة تكتيكية لحفظ ماء الوجه، وتحميل النظام السوري المسؤولية كاملة عن التطورات الآتية، يردّ سارة «دعنا نطرح السؤال التالي: لماذا وافق النظام السوري على المبادرة العربية إذا كان لا يجد فيها خيراً له؟ أعتقد أن المبادرة تتسم بالجدية، والدليل على ذلك أنّها منحت النظام السوري، عدّة فرص بفترات زمنية مختلفة، كي يُنهي العنف وينفذ كافة بنودها». ورفض اتهام العرب بالتآمر على الشعب السوري، قائلاً «إنهم يحاولون مساعدة الشعب والنظام السوري. وعوضاًً عن التشهير بالدول العربية، والاعتداء على عدد من السفارات العربية، التي أرغمت وزير الخارجية السوري (وليد المعلم) على الاعتذار، كان الأجدر الاستجابة والتعامل بإيجابية مع طروحات المبادرة العربية وبنودها».
من جهته، يستغرب المعارض السوري، حسين العودات، عدم دخول مراقبين من جامعة الدول العربية الى الأراضي السورية حتى الآن، بعد انقضاء أكثر من 8 أشهر على بداية الأحداث السورية، ويقول «تنحصر مهمة هذه اللجان بمراقبة الأحداث على أرض الواقع، ومنع التجاوزات الأمنية والممارسات القمعية، التي ترتكب يومياً بحق المتظاهرين السلميين، في كافة المناطق والمحافظات السورية»، وهذا ما سيسمح، حسب العودات، بخروج تظاهرات كثيفة، وسيكشف العديد مما كان يشيعه النظام، عبر وسائل إعلامه المختلفة، حول وجود عصابات مسلحة، وممارسات إجرامية تُرتكب من قبل المتظاهرين غير السلميين، مشيراً الى أن «هذا سيشكل خطوة أولى نحو الخطوات القادمة التي نصّت عليها المبادرة العربية، مثل: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والسماح بالتظاهر السلمي».
لكن في حال عدم موافقة النظام السوري على دخول لجان المراقبة، وهو احتمال وارد بقوة، يتوقع العودات أن «تصعد الجامعة العربية سريعاً جداً من إجراءاتها وقراراتها، وستقرّ جملة من العقوبات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية الجديدة، وسيصار إلى الاستعانة بعدد من المنظمات الحقوقية الدولية، كما قال الأمين العام للجامعة نبيل العربي».
كذلك استبعد المعارض السوري أن «نصل سريعاً إلى مرحلة التدخل العسكري كما حصل مع الأزمة الليبية. هناك جملة من القرارات والإجراءات ستتخذها الجامعة قبل الوصول إلى هذا الحل الأخير، وبعد فشل جميع القرارات والإجراءات». وأشار إلى أنّ جميع ما يشاع في الأجواء بخصوص التدخل العسكري «ما هو إلا تكهنات وقراءات وتوقعات استباقية للحدث».
وحول طلب جماعة الإخوان المسلمين في سوريا من الحكومة التركية التدخل في سوريا، قال «لم يوضح بيان الإخوان المسلمين طبيعة هذا التدخل الذي دعت إليه الحكومة التركية»، مشيراً إلى أن «البيان جاء على لسان المراقب العالم لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا محمد رياض الشقفة من اسطنبول، وطالب بتدخل تركي بالشأن السوري لوقف أعمال العنف، دون أن يوضح طبيعة هذا التدخل، إن كان دبلوماسياً أو عسكرياً». وأكّد أنّه «في حال أُقيمت مناطق عازلة ضمن الأراضي السورية لحماية المدنيين، فستكون خطوة أولى تليها أخرى، قد تصل بنا إلى أماكن لا يريدها أحد، ولا يستطيع أحد تحديد معالمها».
وفي السياق، طالب تيار «بناء الدولة السورية»، الذي يتزعمه لؤي حسين، في بيان، السلطات السورية بالتوقيع على مذكرة التفاهم مع الجامعة العربية لإدخال لجان المراقبة. وتمنى «على (الجيش السوري الحر) أن يعود الى الالتزام ببيانه، بأن يوقف جميع نشاطاته العسكرية لتهيئة المناخ المناسب لقدوم لجان المراقبة».