القاهرة | مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المصرية المتوقع إعلانها خلال أيام، تثور إشكالية تمثل عقبة أمام البرلمان المقبل، وهي مرتبطة بالمادة 156 من الدستور، التي تشترط مراجعة البرلمان كل القوانين والتشريعات التي أقرت خلال المرحلة الانتقالية في المدة التي أعقبت عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي، أي ما بعد 3 تموز 2013.
إشكالية القوانين والتشريعات، التي عُدِّلَت خلال ثلاثين شهراً قبل انتخاب البرلمان، مرتبطة بالعدد الكبير الذي تُفترَض مناقشته في مدى زمني محدود للغاية، وهو أسبوعين فقط، وفقاً للدستور، وإلا أصبحت القوانين سارية ونافذة، الأمر الذي يعتبر إشكالية كبرى لبرلمان جديد سيكون على أعضائه وضع اللائحة الداخلية الجديدة بالإضافة إلى تشكيل حكومة ــ يرجح أن تكون ائتلافية، في ظل استطلاعات الرأي التي لم ترشح حتى الآن تياراً محدداً للحصول على الأغلبية المطلقة.
المؤكد أن عدم تشكيل الأغلبية البرلمانية من تيار واحد سيكون له عيوب، من أبرزها الخلاف في الأولويات والقضايا المهمة التي يفترض بالنواب مناقشتها، ولكن له مميزات عدة منها تشكيل حكومة ائتلافية تضمن تمثيل للتيارات الموجودة في البرلمان، فيما تبدو إشكالية المادة 156 في مدى اهتمام الأغلبية، أي مراجعة التشريعات التي أقرت بالفعل.
أما اللافت، فهو أن أياً من القوى السياسية التي بدأت وضع أجندتها البرلمانية والبرامج الانتخابية لم تتطرق إلى أي تعديلات قانونية مطلوبة باستثناء قانون التظاهر الذي تعترض عليه بعض القوى الثورية غير المحسوبة على التيار الداعم للرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي أحزاب شبابية على غرار حزبي «الدستور» و«الكرامة»، ولا يتوقع لها أصلاً أن تحصد نسبة كبيرة بسبب نقص الموارد المالية لديها.

السيسي أصدر
قوانين عدة بخلاف قانون التظاهر تحتاج إلى تعديل

لكن الحقيقة أن السيسي أصدر قوانين عدة بخلاف قانون التظاهر تحتاج إلى تعديل، من بينها قانون الجامعات الذي يغير لائحة انتخاب العمداء ووكلاء الكليات لتكون بالتعيين بدلاً من الانتخاب، بالإضافة إلى عزل أساتذة الأزهر المشتركين في التظاهرات، وهو قانون جرى توسيع قاعدة الفصل فيه لتكون على التظاهرات وإدخال الأسلحة والذخائر.
كذلك تتضمن القوانين التي تحتاج إلى مراجعة التعديلات التي أُدخلَت، قانون الإجراءات الجنائية، وخاصة جواز تسليم المتهمين الأجانب إلى بلادهم في أي من مراحل التقاضي، وقانون الكيانات الإرهابية الذي يوسع سلطة الأمن في المصادرة والتحفظ على الأموال، فضلاً عن قانوني الخدمة المدنية ومكافحة الإرهاب، اللذين أقرا أخيراً، وحظيا بترحيب من الأحزاب السياسية التي يتوقع أن تحصد الأغلبية البرلمانية.
أيضاً، فإنه ما يلفت في سلسلة القوانين المثيرة للجدل مواقيت إصدارها، التي جاء بعضها في مواعيد ليست عاجلة. والمؤكد أن التصدي لهذه القوانين سيكون معركة صعبة للبرلمان المقبل في ظل ضيق الوقت، ووجود أولويات مختلفة للقوى السياسية، من بينها قوانين الانتخابات التي سيجري تعديلها، والتشريعات التي تمس شرائح كبيرة من المجتمع، منها: تنظيم عملية رفع الدعم عن الفئات الأكثر دخلاً، ورفع أسعار الطاقة والمرافق.
أستاذ العلوم السياسية طارق فوزي، قال لـ«الأخبار» إن البرلمان سيكون ملزما بمناقشة القوانين خلال المدة التي حددت لها، لكن «يمكن الاتفاق على ضرورة تعديل قانون أو أحد مواده، ثم إحالته على اللجنة المختصة لمراجعته»، مشيراً إلى أن التفسير المرن للمادة 156 يؤكد أنه يمكن إرجاء التعديلات حتى موعد لاحق، على أن تجري المناقشات بموافقة تعديل القانون من عدمه خلال المدة المنصوص عليها.
وأضاف فوزي أن «رئيس المجلس سيكون عليه مع فتح الملف تلاوة القوانين وإعلانها والتصويت عليها سواء بقبولها كما هي أو تعديلها»، لافتاً إلى أن البرلمان إذا احتكم لفقهاء الدستور سيفسرون المادة من هذه الناحية، خاصة «أن الهدف من إقرارها هو تقليص صلاحيات الرئيس في إصدار القوانين والتشريعات منفرداً». وتابع: «طوال غياب البرلمان فإن وضعه المقبل سيكون في مأزق، وهو ما يتطلب الاحتكام إلى مداولات مضبطة لجنة الخمسين للتأكد من أن الهدف الحقيقي هو وجود سلطة رقابية على الرئيس».