موعد عربي جديد الخميس ضدّ سوريافصل جديد من فصول تبادُل كرة المراقبين العرب المقرَّر إرسالهم إلى سوريا، شهده العالم في اليومين الماضيين بين دمشق والجامعة العربية، مع رفض الأمانة العامة للجامعة طلب التعديلات التي قدمتها القيادة السورية على مشروع البروتوكول القانوني الذي ينظم عمل البعثة العربية، لكونها «تمسّ بجوهر الوثيقة وتغيّر جذرياً طبيعة مهمة البعثة»، وسط تحديد موعد طارئ جديد لاجتماع وزراء الخارجية للنظر في الملف السوري يوم الخميس المقبل. مواضيع خصّص لها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، مؤتمراً صحافياً جديداً، فصّل فيه موقف بلاده إزاء هذا الموضوع، متهماً مجدَّداً «أطرافاً عربية» باستخدام الجامعة «أداة لنقل الأزمة السورية الى مجلس الأمن الدولي»، وفيما أكد المعلم أن البروتوكول القانوني المطلوب من دمشق توقيعه لإرسال لجنة مراقبين عرب الى دمشق «يطلب صلاحيات تعجيزية وتخرق السيادة السورية»، فإنه فضّل عدم الكشف عن بنود البروتوكول «بما أننا لا نزال في مرحلة أخذ وردّ مع الجامعة حياله»، مشدداً على أنّ «كل ما نطلبه من البروتوكول هو تعاون كامل مع السلطات السورية لتأمين الوفد العربي وحمايته وتوفير مواكبة أمنية إلى الأماكن التي يريد المراقبون التوجه إليها، وسوريا لم تحد من إمكان تحرك اللجنة في أي مكان في سوريا». وفي السياق، لفت إلى أن مشروع البرتوكول «يتضمن بنوداً تعكس مواقف غير متوازنة اتخذتها دول أعضاء في الجامعة وفي اللجنة الوزارية المعنية منذ بداية الأزمة في سوريا، كما أن البروتوكول يمنح البعثة صلاحيات فضفاضة يصل بعضها حد التعجيز وخرق السيادة الوطنية».
وعن الخطوة المقبلة حيال السجال إزاء البروتوكول القانوني للمراقبين الـ 500، قال المعلم «سأجيب الأمين العام للجامعة (نبيل العربي) على رسالته بوضع مجموعة من الاستفسارات والإيضاحات التي تنطلق من حرصنا على السيادة الوطنية، ومن رغبتنا في توضيح عمل اللجنة، وكيفية ضمان أمن أعضائها، لأن البروتوكول يتجاهل التنسيق مع الجانب السوري». وجزم بأن دمشق «ستستنفذ كل نافذة متاحة في العمل العربي حتى يقول لنا العرب لا نريدكم في الجامعة»، مستدركاً بأنه لا يزال ينتظر «خبراً إيجابياً».
وبشأن انتهاء المدة المحدَّدة من قبل المجلس الوزاري لسوريا، أوضح أنه «في موضوع هام كهذا، لا نرى في سوريا أن المدة هي الأساس، بل نرى أن المضمون والوصول إلى اتفاق مع الجامعة هو الأساس، فلنضع المدة جانباً إذا كانت النوايا سليمة». وفي رده على سؤال عن وصول أفراد من «الجيش السوري الحر» إلى الأردن، أجاب «الحياة دين ووفاء، لا أستطيع أن أنفي، فالأشقاء في الأردن عليهم أن يؤكدوا أو ينفوا». أما تركيا، فقد اكتفى بالتعليق على مواقفها إزاء بلاده بـ «الله يهدي الجميع»، رافضاً في الوقت نفسه، التعليق على السجال السوري الدائر في لبنان.
على صعيد آخر، استبعد الوزير السوري نشوب حرب أهلية في بلاده، التي قال إنها مستعدة لمواجهة كافة الاحتمالات، و«إذا فُرض القتال علينا فسنقاتل، ونأمل ألا يُفرَض»، كما أنه اتّهم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيرها التركي وغيرهما بأنهم «يتمنون حصول حرب أهلية، وهذا ما يسمى بالإنكليزية wishfull thinking»، مشيراً إلى أنه «عندما تقول كلينتون إن المعارضة مسلحة جيداً وممولة جيداً، فهم يتمنون حدوث ذلك».
وبشأن الحوار الوطني، لفت رئيس الدبلوماسية السورية إلى وجود «جهود تُبذل من أجل الحوار، وهناك عدة معارضات وآراء بعضها يريد الحوار وبعضها لا يقبله، ومع ذلك أرى الحوار ضرورة هامة لرسم مستقبل سوريا بأسلوب تشاركي»، متوقفاً عند ضرورة أن يتمثّل «طرف ثالث بين النظام والمعارضة، وهو الشعب السوري». وكرر طمأنته إلى أن الحوار سيكون مفتوحاً لكل أطياف «المعارضة الوطنية»، مشدِّداً على أن «كل من يرغب من المعارضة الوطنية في حضور هذا الحوار نطمئنهم، إذا كانوا من الخارج، بأنه لن يلحق أحد بهم أذى اذا قرروا الحضور، وكل من يحمل روحاً وطنية يجب أن يشارك في هذا الحوار».
وفي رده على سؤال عن دعوة أطراف لبنانيين للملك السعودي للتدخل لحل الأزمة في سوريا، أجاب المعلم «لم أستوضح الأمر، لأنني أعتقد أنه لو أرادت السعودية أن تؤدي دوراً، لما انتظرت أن يُقال لها أدّي هذا الدور، ولا أزال أنتظر دوراً إيجابياً من المملكة».
وكان نائب الامين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي قد كشف أن وزراء الخارجية العرب يعقدون «اجتماعاً طارئاً» يوم الخميس المقبل في القاهرة «لبحث تطوُّرات الوضع في سوريا في ضوء انتهاء المهلة التي حدّدها المجلس في الاجتماع الوزاري الأخير في الرباط، وعدم توقيع الحكومة السورية الوثيقة الخاصة ببروتوكول بعثة مراقبي الجامعة العربية الى سوريا، وعدم وقف العنف»، كما أوضح بن حلي أنه «تقرر أيضاً عقد اجتماع للجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية يوم الأربعاء المقبل برئاسة رئيس وزراء، وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم لإجراء تقويم شامل للموقف في سوريا، في ضوء استمرار العنف وعدم التزام الجانب السوري بتنفيذ بنود خطة العمل العربية، التي وافقت عليها الحكومة السورية في اجتماع المجلس في الثاني من الشهر الجاري». موعد حُدِّد على ضوء بيان الأمانة العامة للجامعة العربية، التي أعلنت رفضها التعديلات التي طلبت سوريا إدخالها على مشروع البروتوكول المتعلق بمركز ومهمات المراقبين، الذين تنوي الجامعة إرسالهم إلى سوريا، «لأنها تمس جوهر الوثيقة وتغيّر جذرياً طبيعة مهمة البعثة بالتحقُّق من تنفيذ الخطة العربية لحل الأزمة السورية، وتوفير الحماية للمدنيين». وأوضح بيان الأمانة العامة أن هذا الرد جاء بعد مشاورات أجراها العربي مع رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية المعنية بالأزمة السورية، وفيما أكّد البيان «تمسك جامعة الدول العربية بمعالجة الأزمة السورية في الإطار العربي من خلال وضع حد لاستمرار العنف والقتل والاستجابة لتطلعات الشعب السوري في التغييرات والإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنشودة»، فإنه جدّد التشديد على «ضرورة اتخاذ الإجراءات الفورية لحقن دماء الشعب السوري، وضمان أمن سوريا ووحدتها وسيادتها وتجنيبها التدخلات الخارجية».