الكويت | تقف الكويت اليوم أمام اختبار جديد، بعد أحداث اقتحام مجلس الأمة يوم الأربعاء الماضي، إذ تحشد المعارضة مجدداً في «ساحة الإرادة»، وسط العاصمة، رغم الحظر الحكومي، في خطوة قد تزيد من التأزيم، ولا سيما أنها تصطدم بإصرار الفريق المؤيد لرئيس الحكومة ناصر المحمد الصباح على تنظيم تجمع متزامن في الساحة نفسها، وهو ما قد يؤدي إلى إلغاء التظاهرتين تجنباً للمواجهة. ومع انقسام الصحافة الكويتية بين مؤيد ومعارض لما جرى الأربعاء الماضي، استدعى الأمير صباح الأحمد الصباح أمس، رؤساء تحرير الصحف، وحثهم على الدفع باتجاه الوحدة الوطنية والابتعاد عن كل ما من شأنه توتير الأجواء. ورغم تطويقها «ساحة الإرادة» بسياج حديدي، أعلنت وزارة الداخلية أن الساحة مفتوحة ومتاحة أمام جميع المواطنين اليوم، وأن حرية التجمع والتعبير فيها مكفولة، لكنها أكدت أن أي مسيرات أو مواكب تنظّم خارج هذه الساحة هي «ممنوعة». في المقابل، أكّد النائب وليد الطبطبائي أنّ التجمع، الذي يحمل اسم «اثنين لا تنقضوا الميثاق»، «سيتضمن مسيرات وحراكاً شعبياً». فيما اعتبر النائب مبارك الوعلان أنه إذا أغلقت وزارة الداخلية الساحة لمنع التجمع، فإنها «لن تتمكن من منع الشعب من قول كلمة الحق في ساحة أخرى، فالكويت كلها ساحة مناهضة للفساد».
وفي وقت تتصاعد فيه التحذيرات من اتخاذ ما جرى الأربعاء الماضي ذريعة للتضييق على الحريات العامة، أعلنت كتلة العمل الوطني المعارضة، التي أدانت اقتحام مجلس الأمة، أنها تشكل «صوتاً ثالثاً» غير تجمع «نهج» المعارض الذي يصرّ على التجمع في «الإرادة» والتجمع الموالي المقابل له، وذلك تعبيراً عما أطلقت عليه «الغالبية الصامتة».
ووسط تواصل حالة الاحتقان، تتوجه الأنظار إلى جلسة مجلس الأمة المقررة في 29 الجاري، والمخصصة لمناقشة استجواب جديد مقدم لرئيس الحكومة، حول «الإيداعات المليونية»، القضية التي تتعلق بدفع رشى بلغت نحو 350 مليون دولار لنحو 15 نائباً.
ودعت المعارضة رئيس الحكومة إلى صعود المنصة هذه المرة وعدم تكرار ما حصل الثلاثاء الماضي، عندما تمّ التصويت على سحب استجواب مقدّم له، ما دفع 26 نائباً (من أصل 50) إلى الانسحاب وعدم التصويت رفضاً لما سمّوه «العبث بالدستور»، وبالتالي سقط الاستجواب، فتحركت المعارضة في الشارع.
وطالب النائب مسَلَّم البراك، أحد الذين قادوا تظاهرة الأربعاء الماضي، الشيخ ناصر المحمد بصعود المنصة أو التقدم باستقالته و«إلا ستكون هناك بدائل سيئة». لكن في ظلّ إغلاق «قاعة عبد الله السالم» الرئيسية في البرلمان لاستكمال التحقيق في اقتحامها، يبدو أنه قد يتمّ تأجيل الاستجواب.
وفي ظل تكاثر التحليلات عما جرى الأربعاء الماضي، مع الحديث عن وجود عشرات الأشخاص من جنسية خليجية أخرى ضمن من قام باقتحام المجلس، وتلميحات إلى دور سعودي بما جرى، يبدو المشهد معقّداً، إذ وقفت شخصيات مؤيّدة للسعودية في صف رئيس الحكومة وضدّ اقتحام المجلس.
ونفى وزير الداخلية الكويتي الشيخ أحمد الحمود الصباح أي اتهام للسعودية بالوقوف وراء الأحداث الأخيرة، في وقت أجّل فيه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الكويتي، جابر مبارك الصباح، زيارة للرياض أول من أمس، أُعلن أنها تهدف إلى تقديم التهاني للأمير سلمان بن عبد العزيز بمناسبة تعيينه وزيراً للدفاع منذ نحو أسبوعين.
وانعكس التوتر في الوضع السياسي على البورصة الكويتية التي شهدت مع افتتاحها، أمس، تراجعاً ملحوظاً في حركة التداولات، التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.