تزداد آمال المحتجين اليمنيين المطالبين بإسقاط الرئيس علي عبد الله صالح، وإقامة دولة مدنية تعقيداً. فالرئيس اليمني، المطمئن إلى عدم وجود ضغوط جديدة عليه لم يتوان عن التلميح إلى أنه سيوكل ادارة البلاد إلى الجيش إذا ترك السلطة، كما تطلب منه المعارضة، فيما الدبلوماسيون الغربيون قرروا على ما يبدو وضع مطالب المحتجين خلفهم، والتركيز على أمر واحد يتمثل في التوصل إلى صفقة مباشرة بين صالح وخصميه، العسكري اللواء علي محسن الأحمر، والقبلي الشيخ حميد الأحمر، ليحققوا بذلك رغبة الرئيس اليمني الهادفة إلى اختصار الأزمة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عشرة أشهر بالحرب بين حلفاء الأمس أعداء اليوم. أما المعارضة، فيبدو أنها باتت مشغولة أكثر من أي وقت مضى في الخلافات بين مكوناتها. وأكد مصدر دبلوماسي غربي رفيع لوكالة «فرانس برس»، أمس، أن الوسطاء الغربيين يفكرون في الدفع باتجاه حل سياسي في اليمن من خلال «صفقة مباشرة» بين صالح وعلي محسن الأحمر وحميد الأحمر، وذلك بعدما أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر أن الاجتماع الذي كان يفترض أن يعقده مجلس الأمن الدولي اليوم حول الأزمة اليمنية قد تأجل مدة أسبوع. وذكر المصدر أن «الصفقة» ليست لتجاوز المبادرة الخليجية، بل لـ«تفعيل الضمانات التي تنص عليها المبادرة ولم يشملها قرار مجلس الأمن، فيما يمكن أن يجري ذلك من خلال المنظومة القبلية اليمنية»، وذلك في ظل استمرار تعثر إيجاد حل سياسي، نتيجة تمسك صالح بالبقاء رئيساً ولو شرفياً حتى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وفي معرض تبريره لهذا التوجه الجديد، لفت المصدر الدبلوماسي إلى أنه «هناك 3 سيناريوهات للأزمة»، مضيفاً «أولاً، إما أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه، أي معلقة، ويستفيد أمراء الحرب والأزمة في السلطة والمعارضة من خلال تعزيز مواقعهم». أما السيناريو الثاني، فهو بحسب المصدر «أن يلجأ الوسطاء الغربيون إلى صفقة سياسية مباشرة بين مجموعة لاعبين، هم الرئيس ونجله واللواء المنشق علي محسن الأحمر والشيخ حميد الأحمر»، مشيراً إلى أن «من شأن هذه الصفقة أن تُنجح الحل السياسي».
أما السيناريو الثالث، فهو «أن تنزلق البلاد الى الحرب في ضوء شعور صالح بالتفوق العسكري على خصومه، مع أن عدداً من القادة العسكريين والأمنيين نصحوه بأن الحل العسكري لا يمثل الحل، ولن يكون لصالحه بالضرورة». وخلص المصدر الدبلوماسي الغربي إلى القول «لن نسمح بأن تتجه الأوضاع في اليمن إلى الوجهة التي تضر بمصالحنا، ولا سيما أن أي حرب أو أعمال عنف سيكون المستفيد الأول منها تنظيم القاعدة»، وهي المخاوف التي أحسن صالح اللعب عليها طوال الأشهر الماضية، والتي تدفعه يوماً تلو الآخر إلى المماطلة في تنفيذ انتقال السلطة. ولمّح صالح، أول من أمس، في خطاب بثه التلفزيون مخاطباً قوات الحرس الجمهوري، إلى أنه سيسلم السلطة في حال تنحيه عن الحكم لقوات الحرس الجمهوري، التي يقودها نجله أحمد. وقال «نعم، نحن مع تغيير كل القوى الفاسدة، ونحن في رئاسة الدولة مستعدون لأن نضحي من اجل الوطن، لكن ستبقون أنتم، فأنتم موجودون حتى لو تخلينا عن السلطة، فأنتم السلطة، أنتم السلطة، وأنتم صمام أمان الثورة».
وفي هجوم شديد على العسكريين المنشقين بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، اتهم صالح المنشقين عن الجيش بالتورط في محاولة اغتياله في حزيران الماضي، مطالباً بتسليم الجناة.
في غضون ذلك، تشتد حدة الخلافات بين أقطاب المعارضة اليمنية، لتشمل إلى جانب الخلافات على كيفية التعاطي مع صالح، اتهامات بمحاولات إقصاء بعضها البعض. وعما يدور من مواجهات في مناطق نفوذ جماعة «أنصار الله»، أكد عضو المجلس الوطني، الأمين العام لحزب «الحق» المعارض، حسن محمد أن «البعض يرى أن التغيير وشيك، ويريد أن يقصي شركاءه في الثورة، ولهذا يعمل على إشعال الحروب لمنع الطائفة الزيدية من إحياء عيد الغدير، أو التحرك بحرية تحققت بفعل الثورة، ويريد البدء بإجراءات ضبط النظام (قمع الحريات الدينية)، ليؤكد وراثته للنظام»، في إشارة إلى اللواء المنشق علي محسن الأحمر.
وتابع أن الأحمر (من دون أن يسميه) يسعى، من خلال الإثارة الإعلامية، الى إحياء دور النظام في حماية السعودية من النفوذ الشيعي، وليستعيد بعض أجواء الود التي جمدها بتشهيره بالدور السعودي في دعم علي صالح.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)