باريس | في زاويته الأسبوعية بمجلة «لوبوان»، كتب «الفيلسوف» الفرنسي برنار هنري ليفي مقالة بعنوان «نهاية اللعبة في سوريا»، كشف خلالها تفاصيل مثيرة عن لقاءاته ومفاوضاته مع العديد من رموز المعارضة السورية في الخارج، وختمها بما يشبه إعلان حرب رسمي على الرئيس بشار الأسد.ليفي، الذي فاخر في كتابه الأخير بقوة تأثيره على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، واعترف بأن ساركوزي تواطأ معه في مؤامرة سرية لتهميش وزارة الخارجية الفرنسية، حتى لا تعرقل بمساعيها الدبلوماسية حرب حلف الأطلسي في ليبيا. وكشف، في المقالة، جوانب مثيرة من المساعي الخفية التي قام بها، خلال الأشهر الماضية، لاستمالة المعارضين السوريين لتأييد ما يسميه «نظرية القذافي»، معتبراً أن سابقة تدخل الأطلسي لإطاحة الدكتاتور الليبي ستصبح «قاعدة قانونية» في تاريخ القرن الواحد والعشرين، لسن نظرية جديدة للتخلص من الأنظمة الاستبدادية التي تطلق النار على شعوبها.
ويجزم ليفي بأن النظام السوري سيُطاح وفق «السيناريو الليبي» ذاته، قائلاً إنه في ما يتعلق بسوريا «لم يبق سوى المشهد النهائي، الذي لم تكتمل كتابته بعد». هكذا، يكشف الفيلسوف الصهيوني صديق نتنياهو أن معركة الكواليس بدأت قبل ستة أشهر، بلقاء أوّلي في لندن جمعه بنائب الرئيس السوري الأسبق رفعت الأسد. ما يفسر الظهور المفاجئ لهذا الأخير في باريس، الأسبوع الماضي، للمطالبة بتنحي «عائلة الأسد» التي يتحدّر منها، وإطلاق نداء إلى الشعب السوري من أجل رفع السلاح ضد النظام.
ويكشف ليفي أيضاً جوانب مما دار خلال لقاءات أخرى بينه وبين معارضين وضباط منشقين سوريين (دون أن يذكر أيّاً منهم بالاسم)، ممن يقول إنهم يؤيدون «التدخل الدولي». ومن جهة أخرى، يؤكد ليفي أن المبادرات الأخيرة للجامعة العربية بخصوص سوريا تقف وراءها «قوة إقليمية وليدة اسمها قطر»، وأنها تندرج ضمن خطة مستوحاة من «السابقة الليبية»، ما يعني أن مساعي الجامعة العربية بخصوص سوريا لا تهدف سوى لمنح شرعية عربية للتدخل الأجنبي، مثلما حدث في ليبيا. ويضيف: «مثل ليبيا؟ نعم، مثل ليبيا. إنها «السابقة الليبية» تتكرّر. القوة نفسها، بل القوى نفسها، ستفرز المفعول ذاته. كيف لا يدرك ذلك المعنيون بالأمر؟ أي «توحّد» يمنع بشار الأسد من أن يفهم أن التحالف ذاته الذي أطاح القذافي هو الآن بصدد التشكل مجدداً من أجل إطاحته هو».
أما المعلومة الأكثر إثارة في ما كشفته مقالة ليفي عن خفايا مفاوضاته مع المعارضين السوريين، فتتعلق بتحوّل مواقف غالبيتهم ـ كما يقول ـ نحو تأييد «التدخل الدولي». ويضيف: «لقد كان ذلك «تابو» حتى الآن. «التدخل» كان كلمة لا يمكن التلفظ بها. وكان هناك، حتى في فرنسا، معارضون (سوريون)، ممن التقيتهم أثناء الإعداد لتجمع تضامني مع المدنيين السوريين، قبل الصيف الماضي، قالوا لي آنذاك بأنهم يفضلون الموت على أن ينطقوا بكلمة «تدخل» أو «تدخل دولي». وهذا ما يفسر لماذا لم نقم في سوريا بمثل ما قمنا به في ليبيا. ليس ذلك من قبيل الكيل بمكيالين، بل كانت لهذه الفضيحة الأخلاقية (!!!) أسباب ومبررات عديدة، أولها أن (المعارضين) السوريين، بخلاف الليبيين، لم يكونوا يطالبون بالتدخل، بل كانوا في أحيان كثيرة يرفضون ذلك. وها قد بدأت مواقف هؤلاء تتغير. وهذا هو السبب الأخير الذي يجعل نظام دمشق محكوماً عليه بالانهيار. إن الحرب الآن قد أُعلنت ضد الأسد».
وتجدر الإشارة إلى أن الجملة المشار إليها، بخصوص تفضيل الموت على النُطق بكلمة «التدخل الأجنبي» كانت قد نُسبت خلال الصيف الماضي إلى الدكتور برهان غليون، وفق ما تم تداوله في أوساط المعارضة السورية في باريس. بالتالي يُفهم من كلام ليفي أن الدكتور غليون أصبح من مؤيدي «التدخل الأجنبي» في سوريا!