تونس | انتخب المجلس الوطني التأسيسي التونسي مصطفى بن جعفر رئيساً له في أولى جلساته، متقدماً على مرشحة المعارضة، إحدى زعمائها المنتظرين، مية الجريبي، من الحزب الديموقراطي التقدمي (145 صوتاً لمصلحة بن جعفر مقابل 68 صوتاً لمصلحة مية الجريبي)، في الاقتراع السري.وترأس الجلسة الأولى العضو الأكبر سناً الطاهر هميلة عن المؤتمر من أجل الجمهورية، والذي تمتع فعلاً بمرونة كبيرة في إدارة الحوار، وزادت من طبعه الفريد تلك المسحة من «المزاح السياسي». وبانتخاب جعفر تكون تونس قد قطعت أول «امتحانات» ما بعد الثورة، بانتظار امتحانات أخرى أمام الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي أعلن ليلة التئام الجلسة الافتتاحية «إعلان اتفاق» بشأن تقاسم «كعكة السلطة الانتقالية التأسيسية» على نحو يشبه إلى حدّ بعيد «المحاصصة» السياسية للسلطات المختلفة، وهو ما عبّر عنه في تونس بملف «الرئاسات الثلاث» والحقائب الوزارية، والذي تمخّض عنه ترشيح الائتلاف الثلاثي لحمادي الجبالي لرئاسة الحكومة، والمنصف المرزوقي لرئاسة الجمهورية، ومصطفى بن جعفر الذي وقع بالفعل انتخابه لرئاسة المجلس التأسيسي.
ورغم الجو الودّي الذي ساد الجلسة، عمّت بعض المشادات الكلامية أرجاء المجلس، كان أعنفها من ممثلي قائمة العريضة الشعبية الذين طالبوا بفتح تحقيق في شأن من وزّع مجلة تضمنت إساءة إلى رئيس العريضة وممثليها، وقالت إنهم من ممثلي الحزب الحاكم المنحل، ما أثار موجة من الفوضى، بعدما حاول «أصحاب العريضة» تبرير موقفهم بالكلام الجماعي، ما دفع «الرئيس المنتظر لتونس»، المنصف المرزوقي، إلى التدخل، وقال إن من حق أعضاء العريضة الشعبية فتح تحقيق في المسألة.
وظهر أن المجلس النيابي منقسم إلى قسمين، الائتلاف الثلاثي الحاكم (النهضة، التكتل، والمؤتمر) والمعارضة، ويبدو أن المعارضة تعمل اليوم على تأسيس «جبهة يسار معارضة»، كما أسرّ بعض الرموز المشرفة على هذه المشاورات لـ«الأخبار» خلال الجلسة الافتتاحية. الكلام نفسه عبّرت عنه مية الجريبي في تصريح إلى إحدى الصحف المحلية، إذ قالت إن هدف المعارضة «ليس المعارضة من أجل معارضة الآخر في كل الظروف»، بل المغزى من تأليف معارضة قوية داخل المجلس «هو تثبيت ما هو إيجابي ودعمه، ولفت الانتباه بكل الوسائل إلى ما تعتقد المعارضة أنه سلبي»، مضيفة أن «تونس تخطو الخطوات الأولى لبناء الديموقراطية، وأن التونسيين جميعاً ينتظرون بناء هذا الصرح الديموقراطي، فإما أن يُقبل الرأي الواحد والسلطة الواحدة في غياب السلطة المضادة، أو المساهمة في الديموقراطية الحقيقية وذلك باضطلاع المعارضة بدور المعدل والمراقب، وهذه هي المهمة التي تتطلع إليها المعارضة داخل المجلس التأسيسي».
هذه التجاذبات السياسية والتحركات في «قطبي» الخريطة السياسية الجديدة في تونس تأتي في وقت ما زالت المفاوضات بين «ثلاثي الحكم» متواصلة لاقتسام الحقائب الحكومية، فيما من المنتظر أن تكون وزارة الداخلية والعدل والخارجية لمصلحة حركة النهضة.