الأسد: العرب سيأتون معتذرين

أكد الرئيس السوري، بشار الأسد، في تصريحات نقلها عنه موقع «عربي برس»، أن العرب سيأتون إلى دمشق معتذرين، فيما أفسح عدم توقيع دمشق أمس بروتوكول مراقبي الجامعة العربية، المجال أمام احتمال تسليم العرب الأمم المتحدة دفّة مواجهة النظام
أبدى الرئيس لسوري بشار الأسد، في لقاء مع مجموعة شبابية في قصر الشعب، اقتناعه بأن «من يتحاملون علينا الآن من إخوتنا العرب سترونهم في دمشق معتذرين عمّا بدر منهم بعد الأزمة». ونقل موقع «عربي برس» عن الأسد قوله، رداً على سؤال عن موقف بعض الدول العربية من سوريا: «هو ليس بجديد علينا، نحن أصحاب العروبة، ولن نتخلى عنها».

وعن الأسباب التي دفعت سوريا إلى القبول بالمبادرة العربية، أوضح أنه «مع معرفتنا بأن شيئاً لن ينتج من طلب كهذا، إلاّ أن أصدقاء لنا ساعدهم طلبنا عقد القمة على مواجهة ضغوط تعرضوا لها نتيجة موقفهم المساند لنا». وأضاف: «كشف الرافضون أنفسهم ومؤامراتهم».
ورداً على سؤال عن تركيا، قال الرئيس السوري: «لا يزال حلم الإمبراطورية العثمانية حياً لدى البعض، مع معرفتهم بعدم القدرة على تحقيق ما يحلمون به؛ فهم يحاولون الآن استغلال بعض الأحزاب التي ترفع شعارات دينية لتوسيع نفوذهم في العالم العربي». وأضاف: «رجائي ألا نحرق العلم التركي؛ فالشعب التركي يعتز به جداً».
وعن رؤيته لمستقبل الأزمة، نقل الموقع عن الأسد قوله: «نحن نعرف أن قدر سوريا ألّا ترتاح من مؤامراتهم، وبعد أن تخرج من المعركة الحالية منتصرة، لا تتوقعوا أن نرتاح ما دمنا نقول لا لأميركا».
ورداً على سؤال عن المعلومات المتوافرة للدولة عن المجموعات المسلحة، قال الأسد: «المجموعات المسلحة التي تقوم بأعمال ترويع للمواطنين السوريين تنقسم إلى ثلاث مجموعات: قسم من الإخوان المسلمين، وقسم من الوهابيين التكفيريين، والقسم الثالث من المجرمين المحكومين بأحكام عالية، كالإعدام أو المؤبد»، مؤكداً أنّ «هؤلاء لا تهاون معهم أبداً، وسنلاحقهم في كل مكان». وعن المعلومات عن انشقاق الجيش، ابتسم الأسد قبل أن يرد قائلاً: «إن كان فرار العشرات من الجنود انشقاقاً، فكل جيوش العالم لديها انشقاقات».
في غضون ذلك، يتوقَّع أن يشهد الملف السوري اليوم وغداً ما قد يكون أخطر موعدين في إطار تدويل الأزمة بأيدٍ عربية، بعدما انتهت المهلة القصيرة التي أعطاها وزراء الخارجية العرب لسوريا لتوقيع البروتوكول القانوني لبعثة المراقبين التي قرروا إيفادها إلى المدن السورية. فقد انتهت المهلة من دون ردّ سوري إيجابي أو سلبي، رغم تمديد المهلة من الواحدة ظهر أمس، حتى نهاية يوم الجمعة، على قاعدة أنّ «تمديد مهلة توقيع بروتوكول المراقبين لا يعنينا»، على حد تعبير مصادر سورية تحدثت لموقع تلفزيون «المنار».
وكان مصدر في الجامعة العربية بالقاهرة، قد كشف أن مهلة الساعة الواحدة من ظهر أمس، قد مُدِّدَت حتى نهاية اليوم للرد، لافتاً إلى أنه «إذا جاء رد سوري إيجابي يوم الجمعة، فإن الجامعة ليس لديها اعتراض على قبوله». غير أن الأمانة العامة للجامعة أشارت، في بيان في وقت لاحق إلى أن التعليق السوري اقتصر على إرسال دمشق خطاباً «يطلب مزيداً من الإيضاحات» لبنود البروتوكول. لذلك، يتوقع أن يلتقي المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي (الذي يضمّ وزراء المال والاقتصاد العرب) اليوم لدرس مجموعة عقوبات اقتصادية بحق سوريا، بينها تعليق الرحلات الجوية إليها ووقف التعاملات مع البنك المركزي السوري وتجميد الحسابات المصرفية للحكومة السورية ووقف التعاملات المالية معها، ليبتّها وزراء الخارجية غداً في القاهرة، بحضور وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية عن داوود أوغلو قوله، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيطالي جوليو تيرسي دي سانتا أغاتا، أن المهلة العربية كانت «اختبار حسن نية لسوريا وقد فوّتت فرصة مهمة». وفيما شدد الوزير التركي على أن بلاده «لن تسمح بإراقة المزيد من الدماء في سوريا»، أعلن رداً على سؤال عن سلوك دولته إزاء عدم التزام سوريا المهلة التي حددتها الجامعة العربية للقبول بمراقبين، أنّ أنقرة «ستنظر في الوضع، ولدينا خريطة طريق اتفقنا عليها مع الجامعة العربية». وبينما لم يفصّل رئيس الدبلوماسية التركية الكلام على «خريطة الطريق»، لفت إلى أنه والوزراء العرب «سيواصلون التباحث مع الاتحاد الأوروبي وحلف شماليّ الأطلسي والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وآخرين في المجتمع الدولي في ما يتعين فعله إذا لم تتخذ سوريا خطوات لوقف نزف الدماء». بموازاة ذلك، جزم نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينش بأنّ أنقرة ترفض أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا، وأنها لن ترسل أي جنود إلى البلاد، مبرراً ذلك بأن أي تدخل أجنبي «سيخلق انقساماً، لا في سوريا فقط، بل في كلّ المنطقة»، ومعترفاً بأن النزاع في سوريا «بدأ يأخذ طابعاً إثنياً ومذهبياً». ورأى أن ما يجري في سوريا هو «شأن داخلي»، مدعياً أن أنقرة «لا تقود أي تحركات ضد النظام السوري».
في المقابل، جدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش تأكيد موقف بلاده أنه «في المرحلة الراهنة، ليست هناك حاجة للقرارات أو العقوبات أو الضغوط، بل للحوار السوري الداخلي». ولفت إلى أن التدخل العسكري الخارجي «غير مقبول على الإطلاق وقضايا حقوق الإنسان يجب ألا تُستخدم بأي حال ذريعةً للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وفي هذه الحالة سوريا». لكنّ المتحدث الروسي لم يغلق الباب تماماً في وجه المقترح الفرنسي بإقامة ممرات إنسانية آمنة داخل سوريا، عندما قال إن موسكو «بحاجة إلى مزيد من المعلومات بشأن الاقتراح»، وأضاف: «أعتقد أننا سنعود إلى هذه المسألة حين يكون هناك وضوح أكبر لما هو محل نقاش تحديداً». وأعربت البرازيل كذلك وجنوب أفريقيا والهند عن رفضها لأي تدخل خارجي «منافٍ لميثاق الأمم المتحدة». إلى ذلك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن «انشغاله إلى الحدّ الأقصى» بما وصفه بـ«الأزمة المتصاعدة وزيادة عدد القتلى في سوريا». ورحب، في بيان قرأه المتحدث الرسمي باسمه، مارتن نيزركي، بجهود الجامعة العربية الرامية إلى «وقف إراقة الدماء ودعم الحل السياسي».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)