رسالة الى ميقاتي
دولة رئيس الحكومة
غداً يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، ستقيم الاسكوا لهذه المناسبة مهرجاناً للتضامن معنا نحن ابناء المخيمات. المهرجان كما تعرف سيكون برعايتك، لكن دولة الرئيس: ما الجديد الذي ستقدمه لنا متضامناً؟ هل ستعيد تكرار ما طالما سمعناه في مثل هذه المناسبات؟ ام انك ستعلن عن تحسينات ملموسة لواقعنا المعيشي الرديء في المخيمات؟ منذ الآن أدّعي انني أتوقع ما ستتضمنه كلمتك: ستبارك المصالحة التي تمت في مصر بين فتح وحماس. ستشدد على ضرورة التمسك بها والمحافظة على الوحدة الوطنية. ستقول انه خلال لقائك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعدته بتحسين وضع اللاجئين في المخيمات، وانك تعمل من أجل ذلك. ستعيد تكرار اللازمة التي لطالما رددها المسؤولون اللبنانيون من انك ضد التوطين لأن في ذلك مصلحة للبنان اولاً ولأبناء المخيمات ثانياً. لكن هل سألت، او هل سأل اي مسؤول لبناني يستخدم «بعبع» التوطين في البازار السياسي المحلي عن رأينا نحن ابناء المخيمات في التوطين؟ لأنه لو قام احد من الساسة اللبنانيين بـمجرد «كزدورة» في اي مخيم يختاره لأتاه الجواب عن رأينا بالتوطين. فنحن ابناء المخيمات لا نحلم بأن نقضي عمرنا في «غيتوات» محاصرة بجدران «الفصل العنصري» كما في مخيم عين الحلوة مثلاً. ونحن نتحمل واقعنا هذا لأننا ما زلنا نقبض على جمرة الامل في العودة الى بلادنا، ومسيرة العودة الاولى كانت شاهداً على ذلك برغم رمزيتها ودمويتها غير المتناسبة مع رمزيتها، اذ سرنا باتجاه السياج الحدودي مشدودين الى جمال ارضنا وسقط منا شهداء حينها.
دولة الرئيس. في كلمتك التي ستلقيها او يلقيها من ينوب عنك، ستؤكد انك وخلال لقاءاتك مع المسؤولين الاجانب كررت، واكدت، وشددت، وطالبت، بضرورة اعادة اعمار مخيم نهر البارد. وبالطبع لن تنس ضرورة تمويل «الشاهد الدولي» الوحيد على نكبة اللاجئين الفلسطينيين «الاونروا». كل هذا الكلام اعتدنا سماعه من كل الاطراف السياسية في لبنان، فهم مع فلسطين لكن ضد الفلسطينيين. فنحن ممنوعون من التملك، ومن كان قد تملّك من الفلسطينيين قبل صدور القرار لا يستطيع ببساطة ان يورث ما يملكه، وهذا ضد ابسط حقوق الانسان. تصوّر ان والدتي اللبنانية، عندما ستموت بعد عمر طويل، فأنا لن استطع ان ارث منزلنا، حيث عشت حتى اللحظة. لماذا؟ لأني ببساطة فلسطيني الجنسية منذ نكبتين: الاولى معروفة، اما الثانية فمنع السيدة اللبنانية من اعطاء جنسيتها لوليدها. اعرف انك تعرف هذه التفاصيل لكن ما الذي يمنعك من ان تقدّم بعض اقتراحات قوانين لمجلس الوزراء لتحسين واقعنا؟ ربما كنت مشغولاً بالحملات التي تشن عليك، اعترف بأنها كثيرة، خصوصاً انه بعد غد هناك جلسة متعلقة بتمويل المحكمة الدولية. لكن ولمرة واحدة «اكسر عيننا». بالطبع نقصد بالقانون، اقتراحا آخر غير القانون الذي اراد تقديمه معالي وزير الداخلية، والذي كان سيحاصر مخيمات بيروت وكأنه لا تكفيه محاصرة مخيمات الشمال والجنوب فقط. دولة الرئيس: هل تعلم أن اسهم وليد جنبلاط ارتفعت بين صفوف الفلسطينيين بعدما قدّم مشاريع القوانين المتعلقة بتحسين واقع المخيمات؟ لقد كان مكروهاً حينها بسبب موقعه في 14 آذار. وهل تعلم ايضا ما هو شعور ان تذهب ووالدتك الى مركز الامن العام لتجديد جواز السفر، فتقف على شباك الاجانب، بينما تقف والدتك على شباك المواطنين اللبنانيين؟ دولة الرئيس: يمكنك على الاقل ان تطلب من مستشاريك ان يقدموا لك دراسة قانونية عن وضع الفلسطينيين. اذ إن الدولة تعاني من حالة ضياع بالتعاطي مع الملف الفلسطيني، ففي قانون العمل تعاملوننا كأجانب، وبقانون الملكية تعاملوننا كلاجئين لا يحق لهم التملك خوفاً من التوطين، اما بالنسبة إلى قانون الجنسية فنعامل كـ«غلطة» اقترفتها السيدة اللبنانية. دولة الرئيس: بيانك الوزاري أوحى لنا اننا سنعيش في جنة، لكن ربما علينا ان نصدق السيدة فيروز حين تقول «اتاري الكلام بضلو كلام»، وهذا ليس محصوراً بحكومتكم، بل بكل من سبقكم للأسف.
دولة الرئيس، اعلم ان لا شيء جديداً ستقدمه هذه الرسالة، وكل ما أطلبه منك هو زيارة المخيمات والتجول في «زواريبها»، لأنك لو قمت بزيارة تلك الغيتوات فأنا متأكد انك ستقول بينك وبين نفسك «كيف يستطيع هؤلاء ان يعيشوا منذ اكثر من ستين عاماً في مثل هذا الوضع المزري والمهين؟». معالي الوزير، تطبيق حق العودة بحاجة إلى فلسطيني قوي، عنده المقدرة ليسير على درب العودة، وليس لفلسطيني جائع قد يموت، وهو يموت، في اول الطريق.

قاسم س. قاسم