العقوبات التي فرضها وزراء الخارجية العرب على سوريا بُرِّرَت بعدم توقيع سوريا على بروتوكول بعثة المراقبين. غير أنه بعد فرض العقوبات، عادت الجامعة العربية لتبلغ دمشق استعدادها لإدخال بعض التعديلات على البروتوكولجاء دور الاتحاد الأوروبي أمس كي يفرض حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على سوريا، بعد يوم واحد من قرار العقوبات العربية، وسط تهنئة أوروبية للعرب على خطوتهم، بينما تستعد تركيا لتبنّي رزمتها الخاصة. عقوبات ردّ عليها أنصار النظام بتظاهرات موالية جابت عدداً من المدن السورية، بينما تواصل سقوط القتلى من طرفي السلطة والمعارضة.

وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن استعداده لإدخال تعديلات «طفيفة» على بروتوكول بعثة مراقبي الجامعة إلى سوريا، مطمئناً إلى أن توقيع الحكومة السورية عليه سيؤدي إلى إعادة النظر في العقوبات الاقتصادية العربية التي فُرضت أول من أمس على دمشق. وكشف مصدر في الجامعة العربية أن العربي بعث أمس برسالة إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أكد فيها أن «من شأن التوقيع (على برتوكول المراقبين) أن يعيد النظر في جميع الإجراءات التي اتخذها» وزراء الخارجية العرب يوم الأحد. وأوضح المصدر أن رسالة العربي تأتي رداً على رسالتين تلقّاهما من المعلم يومي 25 و26 تشرين الثاني الجاري، وتضمنتا استفسارات عن بعض النقاط الواردة في بروتوكول المراقبين العرب. وعن التعديلات التي كشف العربي عن استعداد اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا لإدخالها على نصّ البروتوكول القانوني، يصبح «مشروع بروتوكول بين سوريا والأمانة العامة لجامعة الدول العربية بشأن متابعة الوضع في سوريا بدلاً من مشروع البروتوكول بين سوريا والأمانة العامة للجامعة العربية بشأن المركز القانوني ومهام بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا». وتابع العربي في رسالته أن «مجلس الجامعة أيضاً على استعداد للتأكيد مجدداً على مسألة التنسيق بين بعثة المراقبين العرب والجانب السوري لتمكين البعثة من أداء التفويض الممنوح لها»، وفقاً للمصدر نفسه. إلا أن العربي لفت في رسالته الجوابية إلى أن «الهدف من الإبلاغ هو توفير الدعم لجهود الجامعة العربية في تسوية الوضع المتأزم، أي إن الدعم المطلوب يقتصر على التأييد الدولي، وخاصة من الأمم المتحدة وأجهزتها، للجامعة وبعثتها في سوريا».
وفي السياق، اتفقت حكومات الاتحاد الأوروبي في بروكسل على فرض عقوبات مالية إضافية على سوريا، إذ قررت إضافة 12 شخصاً و11 شركة أو مؤسسة سورية على الأقل إلى قائمة مستهدفة بتجميد الأصول والمنع من السفر. إضافة إلى ذلك تشمل العقوبات إجراءات مصرفية وتجارية ونفطية واستثمارية. ولن يسمح للشركات الأوروبية بالاستثمار في شركات تبني محطات توليد كهرباء في سوريا، مع حظر بيع البرمجيات والمعدات التي يمكن استخدامها في مراقبة الإنترنت أو الاتصالات.
ورحّب الاتحاد بالعقوبات غير المسبوقة التي اتخذها وزراء الخارجية العرب ضد سوريا. وإضافة إلى الترحيب الأوروبي الموحد، ارتأت باريس وصف القرار العربي بأنه «نموذجي» و«يمثّل خطوة أخرى لعزل سوريا التي لا تزال صمّاء أمام جميع نداءات المجتمع الدولي». ورأت وزارة الخارجية الفرنسية أن هذا القرار «يجب أن يكون مثالاً للمجتمع الدولي بأسره». وكان وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه قد رأى في وقت سابق أن أيام النظام السوري «باتت معدودة». وجدّد تأكيد أهمية إنشاء ممرات إنسانية في سوريا «لأنها ضرورة»، رغم إشارة الأمم المتحدة، قبل أيام، إلى أنه لا حاجة إلى تطبيق الفكرة الفرنسية بإنشاء «ممرات إنسانية آمنة».
هي ممرات إنسانية، أعلن كبير مستشاري رئيس الحكومة التركية، إبراهيم كالين، أنها «ليست على جدول أعمال أنقرة في الوقت الحالي».
وقد دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك تلا قمة أوروبية ـــــ أميركية في واشنطن تركّزت على الأزمة الاقتصادية أساساً، أمس، سوريا إلى «وضع حد فوري للعنف». وجاء في البيان: «ندعو الحكومة السورية إلى وضع حد فوري للعنف والسماح بدخول مراقبين لحقوق الإنسان (إلى أراضيها) وصحافيين دوليين وإفساح المجال أمام انتقال ديموقراطي وسلمي للحكم».
كذلك طلبت فرنسا من الاتحاد الأوروبي دعوة تركيا إلى حضور اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين يوم الخميس «لبحث الخطوات المقبلة» في التعامل مع الأزمة السورية.
بدوره، شدّد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو على أن «العقوبات التي ستفرضها تركيا على سوريا بالتنسيق مع الدول العربية ستعلن في الأيام القليلة المقبلة». وعلى صعيد الأمم المتحدة، أعلنت لجنة التحقيق الدولية في الأحداث في سوريا، في تقرير صدر أمس في جنيف، سيطرح في آذار المقبل على الدورة التاسعة عشرة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنّ قوات الأمن السورية ارتكبت «جرائم ضد الإنسانية».
أما على الجبهة الدولية الداعمة للنظام السوري، فقد جددت روسيا إصرارها على ضرورة أن تقوم الدول العربية بنفسها بتسوية الوضع في سوريا من دون تدخل خارجي، وذلك في تعليق لوزارة الخارجية الروسية على قرار جامعة الدول العربية فرض عقوبات اقتصادية على سوريا. ولفت البيان إلى أن «الأولوية تتمثل في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وسيادتها». وقد صدر موقف مشابه أيضاً عن وزارة الخارجية الصينية.
داخلياً، عقدت اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع دستور سوري جديد اجتماعها الأول أمس، درست فيه «صياغة جزء من المسوّدة الأولى لمشروع الدستور الذي أنجزته اللجان الفرعية المتخصصة»، وفق ما كشف عنه المتحدث الرسمي باسم اللجنة سام دلة الذي جزم بأن الدستور الجديد «لا يتضمن مادة شبيهة بالمادة الثامنة من الدستور الحالي»، التي تعتبر حزب «البعث» الحزب القائد للدولة والمجتمع.
شعبياً، شهدت مدن دمشق وحلب والحسكة ودير الزور والرقة والسويداء ومشرفة حمص وطرطوس تظاهرات لمؤيّدي النظام الذين هاجموا قرارات الجامعة العربية. أما ميدانياً، فقد أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن تشييع «14 شهيداً من عناصر الجيش استهدفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة أثناء تأديتهم لواجبهم الوطني في ريف دمشق وحمص وحماة». كذلك تحدثت مصادر رسمية عن انفجار سيارة مفخخة أمام مطرانية الروم الأرثوذكس في مدينة اللاذقية. بدوره، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض أن «ثمانية أشخاص قتلوا برصاص قوات الأمن والجيش في حمص وحماة وريف دمشق».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)