بدت اسرائيل امس وكأنها عثرت على «صيد ثمين»، بعدما «كشفت» وكالة «اسوشييتد برس» للأنباء، عن وجود اتفاق سري موقع بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وايران، ينص على تولي خبراء ايرانيين مهمة تفتيش موقع بارتشين العسكري، على ان يقوم الجانب الايراني بتزويد الوكالة بنتائج التفتيش، ومن بينها ايضاً الاشراف الذاتي على أخذ عيّنات من الاراضي القريبة من الموقع.
وبرغم ان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا امانو، اعرب عن استيائه الشديد من نشر التقرير وما ورد فيه، الا انه لم ينف مضمون التقرير، لكنه اكد في المقابل ان ما قيل فيه لا يمثل الطريق الذي ستختاره الوكالة للقيام بعملية التفتيش. وفي بيان صادر عن الوكالة امس، جرى التأكيد على ان الترتيبات الخاصة بتفتيش موقع بارتشين العسكري الايراني، التي وافقت عليها ايران، تلبي المطالب والمعايير المعمول بها في حالات كهذه.
واستغلت اسرائيل التقرير الى اقصى حد ممكن، وأملت ان يتسبب بتغيير الوقائع والاراء في مجلس الشيوخ الاميركي، قبل اقل من شهر واحد على التصويت على الاتفاق، ولفتت الى ان الوثيقة المسربة الى الاسوشييتدبرس ، دليل اضافي على مدى سوء الاتفاق وضعف معاييره في مراقبة ايران وانشطتها النووية.
وقال وزير الطاقة الاسرائيلي، يوفال شتاينتس، المكلف ايضا التعامل مع الملف النووي الايراني، ان «التقرير يمثل اختراعا عالميا جديدا خارجا عن المنطق وعن التفكير السليم». واضاف متهكماً وساخراً من الاتفاق وهشاشة مضمونه، انه «بقي ان نسأل ان كان المفتشون الايرانيون سينتظرون 24 يوماً كي يمنحوا انفسهم الاذن بزيارة المفاعل النووي، للبحث عن ادلة تدينهم».
واشار مصدر سياسي اسرائيلي رفيع لصحيفة «يديعوت احرونوت»، الى ان «هذا ما كنا نخشى منه»، واضاف: «يجب ان تعرض هذه الوثيقة على الكونغرس الاميركي قبل التصويت على الاتفاق النووي، ومما لا شك فيه انها ستغير الواقع وتقلب المعادلات».
واكدت مصادر سياسية اسرائيلية اخرى لصحيفة «معاريف»، ان اسرائيل تتابع عن كثب التقارير حول توكيل ايران تفتيش منشأة بارشين، وعلقت المصادر على بيان الوكالة ورفضها ما ورد في تقرير «اسوشييتد برس»، وقالت ان هناك طريقا وحيدا للتأكد من أن التقرير المنشور صحيح ام لا، وهو نشر كل الملحقات السرية المتعلقة بالاتفاق النووي مع ايران، و«كما يبدو، كلما عُرض المزيد من التفاصيل حول الاتفاق، تأكدت شكوكنا ومخاوفنا».
وقللت الادارة الاميركية من اهمية التقرير، وأكد بيان صدر عن البيت الابيض الثقة بقدرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة وفحص إمكان وجود ابعاد عسكرية للانشطة النووية الايرانية السابقة، وعبر عن ارتياحه للاتفاقات السرية الموقعة بين الوكالة وايران، لضمان الالتزام الايراني بالاتفاق النووي المعلن في 14 حزيران الماضي.
وقال الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الاميركي، نيد برايس، رداً على التقرير، ان الوكالة الذرية مرتاحة للتدابير الخاصة بشأن انشطة ايران النووية السابقة، وايضا في ما يتعلق بالانشطة الايرانية المستقبلية، وقال إن «الوكالة طورت نظام مراقبة صارم يمكن الاتكال عليه لضمان بقاء البرنامج النووي الايراني سلميا، وهذا هو هدف الاتفاق النووي على نحو عام، وغير ذلك لن نعلق على ملف الوكالة المزعوم».
وتعليقا على «الاتفاق السري» بين الوكالة وايران، وصفت صحيفة «اسرائيل اليوم»، الاتفاق بانه من «بلاد العجائب». وقالت انه ينص على استخدام الايرانيين لمراقبة منشآتهم النووية، وتحديدا منشأة «بارشين» التي تثور الشكوك حولها، من انها المكان الذي عملت ايران فيه على تطوير سلاح نووي. واشارت الصحيفة الى ان المسألة برمتها شبيهة بـإيكال القط الفارسي لحراسة الجبنة النووية.
وتهكمت الصحيفة كثيرا على الاتفاق، وقالت انه بناء على «المنطق السليم» للدول العظمى، ستعمد اسرائيل الى دراسة امكانية استخدام عناصر حركة حماس لتشغيل منظومة القبة الحديدية في المواجهة المقبلة مع قطاع غزة، كما انهم في وزارة الداخلية يدرسون ايكال المتسللين الى اسرائيل، اعطاء التأشيرات واذونات الدخول الى الاراضي الاسرائيلية.
واشارت الصحيفة الى اننا بتنا الان نفهم التصريحات التي صدرت عن ايران بعد اسبوعين من توقيع الاتفاق في فيينا، وتأكيدهم انهم لن يسمحوا لاي احد بدخول منشآتهم العسكرية، فـ»الدول العظمى تنازلت عمليا عن المراقبة، وقد تكون المرحلة الثانية من الاتفاقات السرية هي جهد ايراني مع الدول الكبرى لتنفيذ تجارب عسكرية نووية مشتركة، في نهاية فترة الاتفاق».