خطت السلطة الفلسطينية خطوة إضافية على طريق إحراج تل أبيب عبر تقديمها اقتراحاً إلى الرباعية الدولية يتضمن رؤيتها للحل الدائم في ما يتعلق بقضيتي الحدود والترتيبات الأمنية مع إسرائيل، بينما تمنّعت الأخيرة عن تقديم تصورها الخاص حيال القضيتين، مصرّة على أن يأتي ذلك في سياق مفاوضات مباشرة وسرية مع السلطة، وذلك خلافاً لصيغة الرباعية التي أُعلنت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي، والتي رحّبت بها إسرائيل. وأكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات شصحة تقارير صحافية إسرائيلية كشفت أمس عن تفاصيل العرض الفلسطيني المقدم إلى الرباعية الدولية. ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لتوضيح موقفها. وأوضح أن «السلطة الوطنية قدمت رؤيتها للرباعية الدولية يوم 14 تشرين الثاني، وإحدى هذه الوثائق تضمنت رسم حدود الدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967 مع تبادل أراضٍ تصل مساحتها إلى 1,9 في المئة من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة بنفس القيمة والمثل». وأضاف أن السلطة تنتطر رداً من الحكومة الإسرائيلية على الاقتراحات الفلسطينية أو تقديم رؤيتها للحل، معتبراً أنه في حال رفضت تل أبيب التجاوب مع هذا الأمر، «فحينها يكون حان وقت مساءلة إسرائيل، لأنه بدون مساءلتها يعني أنها ستستمر بخيار تدمير السلام ومبدأ الدولتين على حدود عام 1967 ورفض قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي».
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي ودبلوماسي أوروبي اطّلعا على تفاصيل الاتصالات بين الرباعية وكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن الوثيقة الأولى تمحورت حول مسألة الحدود وتضمنت خريطة لجغرافيا الدولة الفلسطينية، تتطابق مع ما أعلنه عريقات. أما الوثيقة الثانية فعُنيت بالترتيبات الأمنية وتضمنت موافقة فلسطينية على مرابطة قوة دولية على الحدود مع إسرائيل وفي غور الأردن، وكذلك تعهدا بعدم عقد تحالفات عسكرية مع دول معادية لإسرائيل وموافقة على تجريد الضفة الغربية من السلاح، بحيث تكون فلسطين «دولة ذات سلاح محدود».
وبحسب الدبلومسي الأوروبي، فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سعى إلى إظهار المرونة وإلى تجنيد المجتمع الدولي إلى جانبه من خلال تقديم التصور الفلسطيني للحل في غضون أقل من شهر من الاجتماع الذي عقد مع اللجنة الرباعية، وتعهد خلاله الأخير بتجميد كل الإجراءات الأحادية في الأمم المتحدة حتى 26 كانون الثاني ـــ الموعد الذي تنتهي فيه الأشهر الثلاثة التي خصصت للطرفين لرفع عروضهما.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإنه بعد يوم من تقديم الفلسطينيين وثائقهم، التقى مبعوثو الرباعية بالمسؤول الإسرائيلي عن ملف التفاوض إسحاق مولخو، وأوضحوا له أنهم معنيون بأن يحصلوا من إسرائيل على عرض مضادٍ في مسألتي الحدود والأمن حتى نهاية الشهر المقبل. إلا أن مولخو رفض طلب الرباعية، وشدد على أن إسرائيل لن تتعاون مع خطوة من هذا النوع، موضحاً أن الموقف الإسرائيلي بشأن الحدود والأمن لن يُقدم إلا كجزء من مفاوضات مباشرة وسرية مع السلطة. وطالب مولخو اللجنة الدولية بالعمل على إعادة عباس إلى المفاوضات المباشرة مع نتنياهو، وألا تجري مفاوضات باسم إسرائيل. كذلك أشارت «هآرتس» إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية طلبت من سفرائها في دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى إبداء الاستياء من سلوك الرباعية. وفي سياق متصل، أثار اللقاء الذي أجرته زعيمة المعارضة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، مع الرئيس الفلسطيني في الأردن أول من أمس حفيظة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رأى في اللقاء تجاوزاً للحكومة الإسرائيلية وإحراجاً سياسياً له. وقالت تقارير إعلامية إسرائيلية إن نتنياهو أبلغ ليفني أنه إذا أرادت السلطة الفسلطينية إجراء مفاوضات فإن الخيار الوحيد هو إجراؤها مع الحكومة الإسرائيلية المنتخبة. وألغى نتنياهو اجتماعاً كان مقرراً أن يعقده مع ليفني مساء أمس تعبيراً عن استيائه ممّا أقدمت عليه.