خاص بالموقع | واشنطن | بحث الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في البيت الأبيض، أمس، مستقبل العلاقات الأميركية العراقية ورفع مستوى التعاون بين البلدين في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية الشهر الجاري. وفي هذا المجال، قال أوباما، في المؤتمر الصحافي المشترك، عقب انتهاء المحادثات انه تم طى صفحة الماضي، وبدأ فصل جديد في تاريخ العلاقات بين البلدين لتكون علاقة طبيعية بين بلدين لكل منهما سيادته مبنية على التساوي في المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مشيراً إلى أن اليوم يبرز مدى التقدم الذي وصلت إليه العراق في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها، إلا أنها تسعى لبناء مؤسساتها المستقلة في إطار من الشفافية.
وألمح اوباما إلى أن العراق على الصعيد الاقتصادي تواصل الاستثمار في مجالات البنية التحتية والتطوير، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد العراقي خلال السنوات المقبلة بوتيرة أسرع مما هي عليها في الصين أو الهند، وتعود من جديد إلى مكانتها الرائدة بين الدول المنتجة للنفط.
وأضاف ان العالم العربي سيشاهد كيف تحولت العراق إلى بلد يحدد مصيره بنفسه، وأن في استضافة العراق للقمة المقبلة لجامعة الدول العربية للمرة الاولى منذ نحو عشرين عاماً رسالة قوية تؤكد ذلك. ووجه أوباما حديثه إلى المالكي بقوله «إن الشعب العراقي ينبغي أن يعرف أنك لن تكون بمفردك، فلديك شريك قوى قادر على تحمل المسؤولية... وهو الولايات المتحدة».
وقد اعتبر المالكي أن اتفاق الانسحاب الأميركي من العراق جاء عبر التزام ثنائي أميركي-عراقي. وقال إن اتفاقية الإطار الاستراتيجي للتعاون بين البلدين الموقعة في عام 2008 هي التي ستحكم العلاقة بين الجانبين مستقبلاً. وكشف أن آلية اتفاقية الإطار لها هيئة عليا مشتركة من البلدين تجتمع بشكل دوري وتضم ممثلين كافة الوزارات الأميركية والعراقية التي لها علاقة ببنود الاتفاقية.
وشدد أوباما على أن الشراكة بين البلدين من شأنها تقوية دور المؤسسات التى تعتمد عليها العراق بدلاً من كونها دولة أفراد، وذلك من خلال الانتخابات الحرة والصحافة النابضة بالحياة والمجتمع المدنى القوى والشرطة «المحترفة» التي تقدر دور القانون والقضاء المستقل والشفافية في جميع المؤسسات التي تخدم الشعب العراقي. كما تقتضي هذه الشراكة أيضاً - حسبما يوضح أوباما - توسيع الإطار التجارى بين البلدين بتسهيل حركة الصادرات وتبادل الخبرات التجارية والعمل سويا لتطوير قطاع الطاقة العراقي.
وأشار أوباما أن قطاع الأمن من بين اهتمامات الشراكة بين البلدين، موضحاً انه بحث مع نوري المالكي سبل دعم الولايات المتحدة لقطاع الأمن العراقى من خلال التدريب والإمداد بالمعدات، وليس من خلال توطين قوات أميركية داخل العراق أو من خلال القواعد الأميركية فيها لأن هذا الأمر انتهى، موضحاً ان البلدين يشتركان في قطاع الأمن الإقليمى، داعيا العراق إلى ضرورة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وأن الدول الأخرى ينبغى ألا تتدخل في الشأن وان سيادة العراق لابد من احترامها. وقال إن الوجود الأميركي في العراق ساعد الولايات المتحدة على التركيز على اهتماماتها الأخرى مثل «التقدم الكبير» الذى أحرزته قواتها فى أفغانستان وإضعاف تنظيم القاعدة الذى «بات على وشك الانهزام».
من جانبه، شدد المالكي على أن العراق في حاجة إلى تعاون سياسي مع الولايات المتحدة إضافة إلى التعاون في المجال الأمني أو الاقتصادي أو التجاري، معرباً عن سعادته من التصميم والإرادة القوية الذي يجده من قبل الجانب الأميركي على تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي، والتي تعد ضرورية لمصلحة العراق كما هي ضرورية لمصلحة الولايات المتحدة. وأوضح ان العراق يمتلك ثروات كبيرة ولكن يحتاج إلى الخبرة والشركات الأميركية للمساعدة في استثمار تلك الثروات بالشكل الأمثل، مؤكدا أن بلاده تعاني من نقص في الموارد، وأنه تم وضع استراتيجية لتضخيم الثروات.
وقد تناولت المباحثات أيضا الموضوعين الإيراني والسوري في ظل الأزمة السياسية التي تشهدها سوريا بسبب تعاظم الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام السوري وموقف العراق من تطبيق عقوبات الجامعة العربية ضد سوريا. وقال أوباما انه بحث مع المالكي الوضع في سوريا، حيث اعتبر أن الرئيس الأسد يفقد شرعيته داعياً إياه مجدداً إلى التنحي عن السلطة، فيما رفض المالكي هذا المنطق، وقال إنه ليس من حقه أن يطالب أي رئيس بالتنحي عن السلطة. وأضاف ان بلاده ليست ضد تطلعات الشعب السوري ولا أي شعب عربي آخر، مشيراً إلى أنها مع ترسيخ مبدأ حق الشعوب في الحصول على حريتها وإرادتها، خاصة أن هذه المبادئ تحققت في بلاده التي أصبحت تتسم بالديمقراطية والحرية خلفاً عما كان موجوداً في السابق.