تونس | يم أمس انتخب الأمين العام لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، المنصف المرزوقي، رئيساً لتونس، لتكون تلك «الأمنية» التي عاش يحلم بها منذ «سنوات الضياع» في المنفى الإجباري في فرنسا أيام الرئيس المخلوع ليصبح رئيساً للجمهورية، ولو لمدة سنة. انتخاب المرزوقي جاء بعد أيام من انتخاب زعيم التكتل الديموقراطي للعمل والحريات رئيساً للمجلس التأسيسي، بعد تفاهمات شهدت شداً وجذباً كبيرين، حتى قبل استحقاق الانتخابات. ورغم تلك المشادات وطبيعة التحالف الهش الذي ضم حزبين علمانيين (المؤتمر والتكتل) إلى حزب إسلامي هو حركة النهضة، إلا أن حالة الوفاق غلبت على حالة الانشقاق التي هددت لأكثر من 3 مرات متتالية فك التحالف والائتلاف البراغماتي الذي جمع الأحزاب الثلاثة.
الانتخابات الرئاسية جاءت بعد مشادات شهدتها الأيام الأخيرة في تونس حول المشروع الذي تقدمت به النهضة كقانون لتنظيم السلط العمومية في الفترة الانتقالية الحالية والذي سيكون بمثابة «دستور صغير» للفترة الانتقالية المقبلة، والذي كان في صيغته الأولى يعطي صلاحات كبيرة لرئيس الحكومة على حساب رئيس الجمهورية الذي كان يتمتع بصلاحيات صورية وبروتوكولية أكثر منها تنفيذية، جعلت الأقلية المعارضة تدق «أجراس الخطر» وتنبه من رجوع الديكتاتورية في ثوب إسلامي والمتمثلة في هيمنة حركة النهضة الإسلامية.
وصُدِّق على القانون السبت الماضي بغالبية 141 صوتاً مؤيداً مقابل 37 صوتاً معارضاً وامتناع 39 عضواً في المجلس، وذلك بعد شهر ونصف شهر من الانتخابات وبعد 11 شهراً من إطاحة نظام الهارب بن علي الذي فر إلى السعودية في 14 كانون الثاني2011، فيما وقع انتخاب المرزوقي رئيساً لجمهورية نيابياً بعد موافقة 153 صوتاً، مقابل 44 صوتاً أبيض، ورفض 3 نواب.
المرزوقي قال بعد انتخابه إنه سيكون في مستوى ثقة «جميع الذين وثقوا فيه رئيساً للجمهورية» وإنه سيعمل بجانب حلفائه للمرور بالبلاد إلى بر الأمان، مستدركاً بأن «الديموقراطية الحقيقية هي ديموقراطية غالبية ضد أقلية»، وأن للمعارضة دوراً كبيراً في هذه العملية، وهو مستعد للاستماع إليها.
ورغم هذا التقدم الإيجابي سياسياً، إلا أن رئيس الوزراء التونسي المستقيل الباجي قائد السبسي أطلق صيحات فزع تجاوزت أصداؤها تونس لتمتد إلى المستوى الإقليمي، وليقول محذراً إنه «لن يوجد ربيع عربي إذا لم تنجح الثورة التونسية». وتابع السبسي، في افتتاح ندوة عن «تحفيز النمو والاستثمار خلال الفترة الانتقالية» بتونس: «ليس هناك ربيع عربي مثلما يطلق عليه، بل هناك بداية ربيع في تونس»، مضيفاً أنه لن يكون هناك ربيع إن لم تنجح تونس.
ودعم السبسي كلامه بمعدلات كارثية تتعلق بالاقتصاد التونسي، رابطاً نجاح الثورة بتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها مثل تفاقم البطالة والتنمية الاقتصادية غير المتكافئة بين المناطق، من أهمها زيادة معدل البطالة إلى 800 ألف عاطل في ظل ركود اقتصادي يلامس صفراً بالمئة. ورغم سوداوية الوضع الذي طرحه، إلا أن السبسي «دس بعض التفاؤل» بين سطور التشاؤم، قائلاً إن «تونس يمكنها أن تنجح وأن تكون نموذجاً في جنوب المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط».