دخلت الحركة الاحتجاجية في سوريا، اليوم، شهرها العاشر، مع اتخاذها أكثر فأكثر منحىً مسلَّحاً يثير المزيد من المخاوف من تحوّلها إلى حرب أهلية، مع تكرار زعماء العرب والغرب عدم استعدادهم للتدخل عسكرياً لإسقاط الحكم السوري. بورصة المواقف السياسية تراوح مكانها بانتظار ما ستؤدي إليه اجتماعات العرب في القاهرة بعد غد السبت، وسط نفي الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي للتصريحات التصعيدية التي نقلت عنه. وآخر المطمئين إلى عدم وجود نيات عسكرية ضد سوريا، كان مسؤولي تركيا والحلف الأطلسي.
أما الجهود الكبيرة، فتبذل في هذه الأثناء لإقناع روسيا بالتخلي عن موقفها المدافع عن دمشق. كلام اعترفت به مفوضة الشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، قائلةً إن الاتحاد سيحاول إقناع روسيا بالمشاركة في العقوبات على سوريا خلال قمة الاتحاد الأوروبي ـــــ روسيا التي تبدأ اليوم وتنتهي غداً في بروكسل. وقالت آشتون، أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: «آمل أن يتحرك مجلس الأمن. على جميع اعضائه أن يتحمّلوا مسؤولياتهم؛ لأن الوضع ملحّ للغاية». في غضون ذلك، نفى العربي ما تناقلته بعض الصحف من أقوال منسوبة إليه عن توقعاته بأنّ «عقوبات الحظر الجوي على سوريا ستدخل حيز التنفيذ قريباً، وبأن النظام السوري في النهاية لن يستجيب للمبادرة العربية». وقال العربي: «أستغرب نقل مثل هذه التصريحات والأحاديث غير الدقيقة، في الوقت الذي لا تزال فيه الجهود والاتصالات جارية لتذليل العقبات التي تعترض مهمة بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريا، وإنجاح الحل العربي».
أما الحكومة الأردنية، فقد حسمت عدم نيتها الاعتراف بـ«المجلس الوطني السوري» المعارض، فيما رجحت خفض رحلات الطيران مع الجانب السوري في سياق قرارات الجامعة العربية بفرض عقوبات على سوريا، على حد تعبير المتحدث باسم الحكومة الأردنية، راكان المجالي. وكانت السفارة الإيرانية في سوريا قد نفت قيامها بأي اتصال «مع المعارضة السورية»، وهو ما أوردته إحدى الصحف العربية أول من أمس. وجاء في بيان السفارة أن طهران «لا تنوي دعوة المعارضة السورية أو التشاور والحوار معها، وإذا اتُّخذ مثل هذا القرار، فإن ذلك سيكون بالتنسيق الكامل مع السلطات الرسمية السورية».
أما وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، فقد جدد التأكيد أن بلاده لا تضع أي خطط لغزو سوريا، لا بمفردها ولا إلى جانب أي دولة أخرى، «كذلك فإننا لا نملك أي معلومات ولم نتلق أي طلب يشير إلى أن أية دولة لديها خطة مماثلة». وفي الإطار نفسه، رفض وزير الدفاع الإيطالي، القائد العسكري لحلف شماليّ الأطلسي، جامباولو دي باولا، المقارنة بين الوضعين السوري الراهن والليبي السابق، لافتاً إلى عدم وجود أي مؤشر من المجتمع الدولي يمهّد للتدخل العسكري في سوريا.
غير أن الولايات المتحدة حافظت على وتيرة التصعيد نفسها ضد دمشق، فقال فريدريك هوف، المنسق الخاص لشؤون الشرق الاوسط في وزارة الخارجية الاميركية في جلسة استماع في مجلس النواب، «نحن نرى ان هذا النظام السوري يساوي مجموعة من الاحياء الاموات». وأضاف «من الواضح ان نظام الاسد لن يبقى». لكنه تابع «من الصعب توقع المدة التي لا تزال امام» النظام السوري. وقال انه اذا تمكن الاسد من التشبث بالسلطة، فسيكون كمستبد «يرأس بيونغ يانغ في بلاد المشرق» تكبله العقوبات تماما مثل نظام كوريا الشمالية المعزول.
داخلياً، كان لافتاً تعيين الرئيس بشار الأسد، سفير بلاده لدى واشنطن منذ عام 2005، عماد مصطفى، سفيراً لسوريا لدى الصين. ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصادرها أن الأسد أصدر مرسوماً يقضي بتسمية مصطفى سفيراً لدى الصين الشعبية، خلفاً لسفير سوريا الحالي الدكتور خلف الجراد، وذلك بعد استدعاء مصطفى الشهر الماضي من واشنطن. على صعيد متصل، ميدانياً، أوحت بيانات المعارضة السورية بأن يوم أمس كان دامياً وسط استمرار حالة الإضراب العام والعصيان المدني لليوم الخامس على التوالي، وخصوصاً في المدن ذات الثقل المعارِض. وقد أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن 25 مدنياً قتلوا أمس برصاص قوات الأمن، بينهم 11 في حماه وحدها. وتحدث «المرصد» عن مقتل ثمانية جنود في حماه نفسها «في هجوم مسلح قام به منشقون واستهدفوا أربع سيارات جيب عسكرية عند مدخل قرية العشارنة في ريف حماه». أما وكالة «سانا»، فقد أعلنت تشييع جثامين 7 شهداء من الجيش والقوى الأمنية من مستشفيات تشرين وحمص والسويداء.
إلى ذلك، اعلن عبدالله تركماني، ممثل المجلس الوطني السوري المعارض في تونس، ان المؤتمر الاول للمجلس سيعقد بين السادس عشر والثامن عشر من كانون الاول/ديسمبر الحالي في تونس. واوضح ان برهان غليون سيحضر المؤتمر اضافة الى نحو مئتين من اعضاء المجلس.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)