القاهرة |‎كمال الجنزوري يتابع. المجلس العسكري ينشر تعزيزاته واللجنة العليا مرتبكة كعادتها. جولة ثانية من الانتخابات البرلمانية، أمس، أعادت ذكرى ما جرى في جولة الإعادة في المرحلة الأولى للانتخابات، حيث الانتهاكات نفسها، والإقبال أقل من متوسط. مرشّحو اللحى والجلابيب (الإخوان والسلفيون) يخالفون قواعد النزاهة الانتخابية. عدد من القضاة غاضب من سوء التنظيم، وعدد آخر اعتذر عن عدم الإشراف. الفلول يصارعون من أجل حدّ أدنى من البقاء في صعيد مصر (سوهاج وأسوان). طوابير الناخبين التي كانت طويلة صباح أمس أمام اللجان الانتخابية، انسحبت عصر اليوم نفسه، بسبب بطء الإجراءات، والناشط علاء عبد الفتاح، المدوّن المحبوس عسكرياً، انتزع حق التصويت بحكم القانون، فتوجّهت إليه لجنة قضائية مختصة لتمكينه من ممارسة حق التصويت.
‎المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، قال في مؤتمر صحافي عقد ظهر أمس في مقر اللجنة العليا، إن الجولة الثانية من انتخابات مجلس الشعب هادئة، حيث لم تظهر فيها إلا سلبيات قليلة جداً ستعمل اللجنة على تلافيها في اليوم التالي للتصويت، مشيراً إلى أن عدداً من اللجان فقط تأخر في فتح أبوابه، بسبب الأحوال الجوية وأمور بسيطة. إبراهيم نبّه إلى استمرار خرق الحظر الانتخابي، لكن بنحو أقل من المرحلة الأولى، حيث تقع انتهاكات من بعض المرشحين والأحزاب السياسية ونشر الدعاية الانتخابية في فترة الصمت الانتخابي. وبالفعل أصرّ عدد كبير من المرشحين على الدعاية أمام مقار الانتخابات، وانتشرت تلك التجاوزات في التسع محافظات التي تجري فيها انتخابات المرحلة الثانية، وهي «الجيزة، بني سويف، المنوفية، الشرقية، الإسماعيلية، السويس، البحيرة، سوهاج وأسوان»، حيث رصدت منظمات حقوقية تجاوزات عديدة، وتلقّت غرفة العمليات المركزية في وحدة دعم الانتخابات في المركز القومي لحقوق الإنسان 105 شكاوى من التسع محافظات، بعد أربع ساعات من فتح باب التصويت. وقالت الغرفة، في بيان، إن «أبرز المخالفات استمرار الدعاية الانتخابية إلى درجة تجاوزت 60% من الشكاوى الواردة إليها». ورصدت الوحدة كذلك عدم تمكين عدد من المندوبين من القيام بمهماتهم في مراقبة العملية الانتخابية ومنعهم من الدخول إلى مقار اللجان.
بدورهم، رصد مراقبو «التحالف المصري لمراقبة الانتخابات» وجود مندوبين داخل اللجان يوجّهون الناخبين للتصويت لمصلحة حزبي «الحرية والعدالة» و«النور». ومن الأخطاء التنظيمية التي رصدها التحالف تأخّر فتح أبواب الإقتراع في العديد من المحافظات لساعات، لتأخّر حضور القضاة المشرفين على الانتخابات. أما الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، فلاحظ مراقبوها استخدام الأحزاب الإسلامية سيارات أجرة وأتوبيسات للحشد لمرشحيهم في الأحياء الفقيرة، وعمليات تسويد بطاقات اقتراع، التي اعتادها النظام السابق، وحرروا محاضر فيها. أما أعمال العنف فكانت «فردية، وقليلة».
‎وأشرف كمال الجنزوري الذي شهد المرحلة الأولى للانتخابات بصفته مواطناً على المرحلة الثانية كرئيس للوزراء من مكتبه في وزارة التخطيط، لمتابعة تكليفات الاجتماع الذي جرى قبل يومين في على نحو موسّع ضمه والمجلس العسكري مع المجموعة الحكومية المسؤولة عن متابعة الانتخابات، وضمت رئيس اللجنة العليا للانتخابات، ووزراء الداخلية والتنمية المحلية ومحافظي المحافظات التسع التي تجري فيها انتخابات المرحلة الثانية.
أما المجلس العسكري، فأكد أن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي «يتابع من داخل غرفة عمليات القوات المسلحة سير عملية الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الثانية التي بدأت صباح أمس». وقد أعطى «المشير توجيهاته لقادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالمتابعة ميدانياً للجان الانتخابات، والعمل على تذليل أي عقبات أو معوقات من شأنها التأثير على سير العملية الديموقراطية»، لذلك شارك قادة المناطق العسكرية المشتركة في تأمين اللجان الانتخابية في المحافظات الـ9، ومروا بين اللجان في أكثر من دائرة لتفقّد سير العملية، فيما دفع الجيش الثاني الميداني بفرقة الموسيقى النحاسية لعزف مقطوعات من أغان وطنية في الإسماعيلية. وإذا كان المشهد غير الرسمي، في الانتخابات، شهد انتهاكات كبيرة من جانب المرشحين الإسلاميين في المحافظات التسع، أبرزها الدعاية داخل مقار التصويت وحشد الناخبين بمكبرات الصوت في المساجد، إلّا أن المشهد الأبرز تصدّرته السفيرة الأميركية آن باترسون التي وقفت في طابور السيدات أمام مدرسة جمال عبد الناصر الثانوية بالجيزة، معربةً عن سعادتها بسير الانتخابات ومشاركة المرأة. وهو ما لم ير فيه رئيس اللجنة العليا للانتخابات أي مشكلة، بعدما أكد حق باترسون في القيام بذلك على غرار باقي السفراء.



عبد الفتّاح يصوّت منفرداً


رئيس اللجنة العليا للانتخابات، عبد المعز إبراهيم، كان يعرف أن الصحافيين سيسألونه عن الناشط علاء عبد الفتاح، لذلك بادر إلى القول إن لجنة قضائية ذهبت إلى المحبوس احتياطياً لتمكينه من التصويت، تنفيذاً لحكم القضاء القاضي بأنه «من حق كل مصري محبوس احتياطياً التصويت في تلك الانتخابات». لكن إبراهيم لفت إلى أنه «لم تتقدم إلينا أي جهة أو شخصية تطلب أن يصوّت المساجين الاحتياطيون ما عدا حكم علاء عبد الفتاح» . ‎من جهةٍ ثانية، أوضح إبراهيم، الذي يواجه عاصفة من انتقادات قضاة مجلس الدولة الذين يعترضون على أداء اللجنة العليا، أنه التقى وفداً من هيئة قضايا الدولة الذين قدموا له تقريراً عن الملاحظات المأخوذة على المرحلة الأولى، فيما «لم ترد أي شكوى نهائياً من هيئة النيابة الإدارية التي تتولى مهمة الإشراف على الانتخابات». أما اعتذار عدد من قضاة مجلس الدولة عن عدم المشاركة في المرحلة الثانية فكان راجعاً، وفقاً لإبراهيم، «إلى خلافات داخلية على انتخابات النادي، وأراد من خلالها القضاة إثارة القلق، لكننا استبدلناهم بآخرين من مجلس الدولة».
إلّا أن قضاة مجلس الدولة غاضبون من رئيس اللجنة العليا وتصريحاته التي يرون فيها استخفافاً بحقيقة موقفهم. وفي السياق، قال المستشار يحيي الدكروري، رئيس نادي مستشاري مجلس الدولة السابق، قد «نلجأ إلى النائب العام لتقديم بلاغ ضده». ويضيف «ما كان لها (التصريحات) أن تخرج من قاض»، موضحاً أن «تلك التصريحات سنردّ عليها باتخاذ جميع الإجراءات القانونية التي تكفل عدم ضياع هيبة قضاة مجلس الدولة».