لا يزال الهجوم الذي نفذه مستوطنون على معسكر تابع للجيش الإسرائيلي، في الضفة الغربية، يتفاعل في الوسط السياسي في تل أبيب، لما انطوى عليه من تجاوز لمعادلات تحكم العلاقة بينهم وبين المؤسسة الرسمية، التي أشعلت الضوء الأحمر إزاء هذا الحدث. وكشفت ردود الفعل، التي صدرت على لسان العديد من المسؤولين، مدى القلق الذي سيطر على أغلب قادة القوس السياسي الإسرائيلي، من أن يؤدي أي تهاون في هذا المجال الى توجيه رسالة ضعف إزاء نشطاء اليمين المتطرف، تدفعهم الى تكرار مثل هذه الخطوات وحتى مفاقمتها، وتحديداً في ظل التطورات الحساسة التي تمر بها المنطقة. وأوصى الطاقم الوزاري، الذي شكَّله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وضم كلاً من وزير القضاء ووزير الأمن الداخلي، بالإعلان عن جزء من نشطاء اليمين المتطرف، «شبيبة التلال»، على أنهم منظمة إرهابية، اقترن ذلك مع التشديد على وصف المهاجمين بأنهم حفنة لا يمثلون المستوطنين كافة في الضفة. كما أوصى الوزراء رئيس الحكومة بضرورة استخدام وسائل تكنولوجية، مثل الكاميرات، من أجل التمكن من توثيق الأحداث المختلفة.
ردود الفعل السياسية العنيفة، التي ظهرت في مضمون المسؤولين الإسرائيليين ولهجاتهم، شملت وزراء في الحكومة وقادة في المعارضة. من أبرزها ما صدر على لسان وزير الأمن إيهود باراك الذي شدّد على ضرورة التعامل معهم كما تتم معالجة المنظمات الإرهابية، وخاصة أنهم يتصرفون كما تفعل المنظمات المعادية.
بموازاة ذلك، حاولت رئيسة المعارضة، وحزب كديما، تسيبي ليفني، توظيف ما جرى لتسجيل نقاط على الحكومة، إذ اعتبرت أن «عنف المستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي هو مرحلة تطرف جاءت باتفاق وبصمت من الحكومة، سواء كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة». ورأت ليفني أن مسؤولية الحكومة تنبع من خلال تهيئتها لـ«الأرضية التي أثمرت هذه الاعتداءات» عبر موافقتها على اقتراحات قوانين متطرفة والسكوت عن تصرفات الحاخامين المتطرفين. ودعت المسؤولين في الحكومة الى إيقاف مثل هذه الأعمال بسرعة.
أما القيادي في حزب العمل، بنيامين بن أليعازر، فعبر عن أسفه لعدم إطلاق الجنود النار على المستوطنين الذين اقتحموا القاعدة العسكرية. لكن رئيس حزب الاتحاد القومي المتطرف «يعكوف كتشيله» اتهم الشاباك بالوقوف وراء هذه الاعتداءات بهدف تشويه صورة المستوطنين وتسهيل عملية هدم المستوطنات». ورأى أن «كل من يمسّ بالجيش الإسرائيلي وممتلكاته، هم أشخاص لا علاقة لهم بالمستوطنين».
إلا أن رفع الصوت السياسي العالي، في وجه اليمين المتطرف، لم يحل دون اعتداء نشطائه على مسجد مهجور يعود الى الحقبة الأيوبية في القرن الثاني عشر الميلادي، محاولين إضرام النار فيه وسط القدس الغربية، كما تم تدوين شعارات معادية للعرب والإسلام، على الجدران، مثل «العربي الجيد هو العربي الميت».