عشية اجتماع كل من أعضاء اللجنة الوزارية العربية المكلفة متابعة الأزمة السورية، ووزراء الخارجية العرب في القاهرة غداً، فاجأت روسيا أمس المجتمع الدولي بتقديمها الى مجلس الأمن مشروع قرار يدين أعمال العنف في سوريا من قبل «الأطراف كافة». ويدين مشروع القرار الروسي العنف المرتكب «من قبل جميع الأطراف، ومن ضمنه الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات السورية».
وتحدثت مصادر دبلوماسية عربية لـ «الأخبار» عن أن مشروع القرار الروسي «يدين العنف من الفرقاء كافة» في سوريا، ويعلن «دعم مبادرة الجامعة العربية على قاعدة أن الحل لا يكون خارج الإطار السياسي».
وقالت المصادر إن الروس يحاولون استباق رغبة غربية في انتظار انتقال رئاسة مجلس الأمن من روسيا الى بلد آخر مطلع السنة المقبلة. وإن الغرب يريد تقديم مشروع قرار يقتصر على إدانة النظام في سوريا.
من جانب آخر، قالت المصادر إن الاجتماع المقرر للجنة الوزارية العربية السبت في القاهرة قد شهد تعديلاً، إذ أعلنت مصادر مصرية أن الاجتماع أُلغي لأسباب متعددة، واستعيض عنه بلقاء تشاوري في الدوحة. واضافت المصادر انه ربطاً بهذا التعديل وبسبب الأعياد من المتوقع طرح مشروع القرار الروسي مع بداية العام المقبل.
من جهته، سارع السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارنو الى إصدار بيان وصف فيه مشروع القرار الروسي بالـ«الحدث العظيم.. لأن روسيا قررت أخيراً الخروج عن جمودها وتقديم قرار عن سوريا».
وأضاف البيان «إن النص الذي قدم إلينا يحتاج بالطبع الى الكثير من التعديلات لأنه غير متوازن. إلا أنه نص سيكون أساساً نتفاوض عليه».
في هذا الوقت، يلوح احتمالان اثنان بخصوص الأزمة السوريّة: إما أن يسير العرب بتصعيد إضافي ضد القيادة السورية من نافذة عدم توقيعها بروتوكول المراقبين وعدم تطبيق بنود المبادرة العربية على حد اتهام العرب لدمشق، أو تمديد مهلة الانتظار ريثما يخرج شيء عن الوساطة العراقية، المنتظر أن تبدأ ترجمتها مع قرب وصول الوفد العراقي إلى دمشق.
في غضون ذلك، تواصلت الضغوط الغربية على الحكم السوري، في مقابل إشارات دعم إيرانية جديدة لسوريا. وأعلن رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أنّ العراق سيرسل وفداً إلى سوريا لطرح مبادرة تهدف إلى فتح حوار بين المعارضة والحكومة السورية. ومن على متن الطائرة، التي أقلّته من الولايات المتحدة إلى العراق، قال المالكي «فور وصولي، سأعقد اجتماعاً لإعداد الخطط لإرسال الوفد إلى سوريا لتنفيذ مبادرة العراق التي تهدف إلى فتح حوار بين أطراف المعارضة السورية من جهة، والحكومة السورية من جهة أخرى للوصول إلى نتائج مرضية للجانبين». وتابع المالكي أن «الولايات المتحدة وأوروبا متخوّفتان من مرحلة ما بعد نظام بشار الأسد، لذا فقد تفهّمتا المبادرة» العراقية. وكان المستشار الإعلامي للمالكي، علي الموسوي، قد أكد في وقت سابق أن السلطات العراقية دعت المعارضة السورية إلى زيارة بغداد بهدف القيام بوساطة بينها وبين النظام السوري، مشيراً إلى أن المعارضة ردت إيجاباً على هذا الاقتراح.
أما في مدينة سترازبورغ الفرنسية، فقد جدّد البرلمان الأوروبي دعوته الأسد إلى التنحّي فوراً، وفوّض مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد، كاثرين آشتون، بدء مناقشات مع تركيا والجامعة العربية والمعارضة السورية بشأن الترتيبات «لإنشاء ممرّات إنسانية على الحدود السورية ـــــ التركية». وجاء في قرار للبرلمان الأوروبي، أنّ على «الرئيس بشار الأسد ونظامه التخلّي فوراً عن السلطة»، و«دان القمع الوحشي الذي يمارسه النظام ضد شعبه وطالب بوقف القمع العنيف». وطالب البرلمان بأن يحيل مجلس الأمن «الجرائم التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه إلى المحكمة الجنائية الدولية»، وفي تصعيد إضافي، طلب البرلمان من الدول الأعضاء «النظر في طرد الدبلوماسيين السوريين في الاتحاد الأوروبي المتورطين في تهديد نشطاء المعارضة المنفيين»، ودعا إلى المزيد من التعاون مع تركيا بشأن الوضع في سوريا.
ومن ليبيا التي يزورها، جدّد وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، حملته على النظام السوري، عندما حثّ الأسرة الدولية على عدم التزام الصمت «إزاء ما يتعرض له الشعب السوري من أعمال قمع وقتل على أيدي نظامه الحاكم». وجدّد دعوة بلاده الى رحيل الرئيس السوري.

وقد ارتأت كندا التصعيد على طريقتها ضد دمشق، فأعلن وزير الخارجية جون بيرد أن «الوضع في سوريا يزداد تدهوراً». وقال إن أوتاوا «أصدرت توجيهات إلى مسؤوليها بالقيام بعملية إجلاء طوعية خلال الشهر المقبل، وفي الوقت ذاته تدعو الكنديين إلى مغادرة سوريا فوراً بأي وسيلة متاحة، ما دامت الخيارات موجودة». خطوات وعقوبات ردّت عليها إيران في ختام اجتماعات لجنة التعاون الاقتصادي السورية ـــــ الإيرانية في دمشق، حيث «قررت منح سوريا إجراءات تفضيلية، وسيصار إلى خفض رسوم المنتجات السورية التي تستوردها إيران بمعدل 60 في المئة»، حسبما أوضحت وكالة الأنباء السورية «سانا».
ميدانياً، عادت الأنظار إلى مدينة حماه، حيث نقلت وكالة «رويترز» عن ناشطين معارِضين أن «قوات سورية معزَّزة بالدبابات قتلت ما لا يقل عن عشرة أشخاص عندما اقتحمت حماه لإنهاء الإضراب» العام المطبَّق منذ يوم الأحد الماضي. لكنّ النقطة الأكثر حماوةً بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» كانت درعا حيث «قتل منشقّون عن الجيش 27 جندياً على الأقل عند نقطة تفتيش واقعة على بُعد نحو 25 كيلومتراً شرقي درعا» وفق المصدر نفسه.
وقد سجّل يوم أمس حادثاً ذا طابع أمني قد تكون له تداعيات سياسية، إذ نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية عن مصادرها تأكيدها أن سيارتين تركيتين تعرضتا لهجوم قرب محافظة إدلب، ما أدى إلى إصابة مواطن بجروح. أما وكالة «سانا»، فقد نقلت وقائع تشييع «11 شهيداً من الجيش والقوى الأمنية استهدفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة أثناء تأديتهم واجبهم الوطني في حمص وحماه ودرعا».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)