الرباط | كان الخبر مفاجئاً وصادماً بأن تعلن مصفاة تكرير النفط الوحيدة في المغرب توقيف عمليات التكرير. الأمر مقلق في بلد غير نفطي يعتمد في تزويد سوقه من المحروقات على الاستيراد من الخارج. في السادس من آب/ غشت الجاري، أعلنت الشركة الوحيدة النشيطة في مجال تكرير البترول في المملكة، والمسماة «سامير»، أنها تعيش ظروفاً مالية صعبة، وأن النتيجة المباشرة لذلك ستكون بتوقفها عن إنتاج وتكرير البترول حتى منتصف الشهر.هذا الإعلان كان كافياً ليثير استياء الحكومة المغربية، التي عدته مفاجئاً، ولم يأخذ بعين الاعتبار «الأمن الطاقوي للمغرب»، فيما أوضح مصدر حكومي رفيع، في حديث إعلامي، أن شركة «سامير» للتكرير والتوزيع حاولت، عن قصد، ابتزاز الدولة المغربية بإعلانها الذي لم يراع حساسية الموضوع.

حكومة ابن كيران تتحرك

برغم أن الشركة (التي جرت خصخصتها عام 1997 وباتت مملوكة بغالبية أسهمها لمجموعة «كورال هولدينغ»)، حاولت إمساك العصا من الوسط، بالتشديد على أنها تتوافر على مخزون احتياطي يمكّنها من إمداد السوق باحتياجاته على نحو طبيعي، إلا أن الحكومة بادرت عبر وزارة الطاقة والمعادن والبيئة إلى التأكيد أنه «أمام الصعوبات التي تواجهها سامير، التي أوقفت إنتاج المنتجات البترولية المكررة، فإن السلطات العمومية عازمة على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات القانونية لتفادي أي خصاص (نقص) في المحروقات في المستقبل».

تدرك الحكومة
أن عدم التزود
بالمواد النفطية يهدد بانفجار اجتماعي


بلاغ وزارة الطاقة، التي يرأسها عبد القادر اعمارة (الصورة)، القيادي في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي متزعم الحكومة، كان ضرورياً لتفهم الشركة أن الدولة المغربية ستتجاوزها لتأمين احتياجاتها من المحروقات، وأنها «لن ترهن مصيرها بيد شركة واحدة مستعدة للتوقف عن تكرير البترول حتى دون أن تخبر السلطات بذلك»، يشدد المصدر الحكومي.
تزامناً، تحركت الحكومة في جميع الاتجاهات من أجل تأمين تزويد سلس للسوق بالمحروقات. فحكومة عبد الإله ابن كيران تدرك أن أي مشكل في التزود بالمواد النفطية يهدد بانفجار اجتماعي غير مسبوق تسعى الحكومة إلى تفاديه بأي ثمن.
المصدر الحكومي أوضح أن شركة «سامير» حاولت إعادة سيناريو عام 2011 حين استفادت من امتيازات كبرى في توزيع المحروقات إلى جانب إعفائها من ديون على شكل ضرائب مستحقة للدولة، فضلاً عن تشجيع الدولة للمصارف لتقديم قروض للشركة حتى تتجاوز وضعها المالي «المهدد بالإفلاس».
لكن هذه المرة لم تسلم الجرّة مع الشركة، إذ يظهر أن الحكومة كانت على استعداد للوقوف في وجه مطالبها. «كنا نعد العدة لكل الاختيارات، وقد خططنا لكل السيناريوهات، وكان همنا في كل هذا أن ننتهي من ارتهان الدولة المغربية لشركة واحدة في تزويد السوق بالمحروقات... لن نقبل تكرار سيناريو 2011، كما لن نقبل أن تتحكم شركة استثمارية في اختياراتنا الاقتصادية في مجال اشتغالها»، قال المصدر الحكومي المقرب من الملف.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن السرّ في «حزم الحكومة مع سامير» يكمن في استعداد «تجمع النفطيين بالمغرب» للتحرك وتطويق كل احتمال لوقوع نقص في السوق. تجمع النفطيين، من جهته، يدرك أن حصة «سامير» في السوق، التي تتجاوز نسبة 46 في المئة، هي بمثابة «كعكة» تغري بالمنافسة، وستمثل مساحة جديدة في حال تخلي الشركة عنها، أو عدم قدرتها على تغطية النقص للرفع من رقم معاملاتها. لذا سارع التجمع إلى الشراكة مع الحكومة للعمل على تجاوز المشكل من دون خسارات.
كذلك، فإن تضاؤل نفوذ الشركة في المغرب شجع حكومة ابن كيران على التعامل بحزم، إذ تراجعت نسبة احتكارها للسوق انخفاضاً من نسبة 80 في المئة إلى نحو 46 في المئة، وهو ما عبّر عنه المتحدث الرسمي بإسم الحكومة، مصطفى الخلفي، عقب المجلس الحكومي الأخير، حين أوضح أن زملاءه في الحكومة استمعوا إلى عرض للتطورات التي عرفتها المؤسسة المذكورة، وقرروا أنهم «لن يرضخوا لأي ضغط أو مساومة أو ابتزاز». وأضاف، في لهجة لا تخلو من التصعيد، أن الحكومة «ستعمل على استرداد حقوق الدولة وضمانها، مع حماية حقوق المستخدمين وفقا للقانون».

لقاء الحكومة والملياردير

كلام مصطفى الخلفي يفسر بعضاً مما جرى تداوله في الاجتماع الذي جمع الملياردير، محمد العمودي، مالك مجموعة «كورال»، مع مسؤولين حكوميين. فمباشرة بعد إعلان الشركة دخولها مرحلة «الأزمة الخانقة»، حط العمودي الرحال بالمغرب لإيجاد تسوية مع الحكومة المغربية، وقد ذكرت مصادر لـ»الأخبار» أنه كان يعوّل على اللقاء برئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، لكن ذلك تعذّر. وانتظر العمودي عدة أيام قبل أن يلتقي وزير الطاقة والمعادن، عبد القادر اعمارة، تلاه لقاء ثان ضم إضافة إلى العمودي واعمارة كلا من وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، ووزير الداخلية، محمد حصاد. وخلال اللقاء عبّر الوزراء الثلاثة عن استيائهم من طريقة تعامل «سامير»، لأنها قامت بخطوات أحادية الجانب في أكثر من مرة، وحاولت بقرارها وقف تكرير البترول جر الحكومة المغربية إلى طاولة المفاوضات وفق «شروط مجحفة»، كما أكدوا له أن سيناريو 2011 لن يتكرر.
وقال مصدر حكومي إن الحكومة المغربية ترى أنّ ما يقع في «سامير» يرتبط بمشكل إدارة، وأن الشركة حققت أرباحاً طائلة في السوق المغربي جرّاء احتكار توزيع المحروقات لسنوات طويلة، وأنه لا مجال لتدخل الحكومة عبر تقديم «هدايا جديدة» عبارة عن إعفاءات ضريبية أو غيرها، أو على شكل وساطة لمنح قروض.




لقاء بين محمد السادس والملك السعودي

عقد الملكان المغربي محمد السادس، والسعودي سلمان بن عبد العزيز، أمس، أول لقاء رسمي منذ أن حل الملك السعودي في المغرب بداية شهر آب الجاري لقضاء عطلته الصيفية.
وقالت وكالة المغرب الرسمية إن "العاهل المغربي محمد السادس، مرفوقاً بخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ترأس اليوم الجمعة (أمس)، بقصر مرشان بطنجة (شمال)، حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ 52 لميلاد العاهل المغربي". وأضافت الوكالة في خبرها، أن محمد السادس "قلّد عدداً من الشخصيات الوطنية والأجنبية، والعديد من الفنانين والرياضيين المغاربة والعرب أوسمة ملكية".
(الأناضول)