رام الله | أبت إسرائيل أن تطلق سراح الدفعة الثانية من أسرى «صفقة التبادل»، في وقت متأخر من ليل أمس، من دون التسبّب بالمزيد من الأذى للفلسطينيين الذين أُصيب 25 منهم بالرصاص المطاطي لقوات الاحتلال، وبحالات اختناق بالغاز السام، خلال مواجهات وقعت بين أهالي أسرى المرحلة الثانية لصفقة التبادل وقوات الاحتلال، عند بوابة سجن عوفر، حيث جرت عملية التبادل. وأكّدت مصادر «الأخبار» أنّ قوات الاحتلال فتحت نيرانها على المواطنين الموجودين أمام سجن عوفر على نحو كثيف وعشوائي، ما أدى إلى إصابة 25 مواطناً، بينهم الصحافية ليندا شلش مراسلة فضائية «القدس»، جرّاء إلقاء جنود الاحتلال قنبلة صوتية باتجاهها مباشرة، فنقلت إلى المستشفى. وكان عدد من أهالي الأسرى المشمولين بالدفعة الثانية للصفقة قد تجمعوا عند بوابة سجن عوفر العسكري، ولكنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي لم يرقها ذلك، فطالبتهم عبر مكبّرات الصوت بإخلاء المنطقة، ثم بدأت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، واستخدمت سلاحاً جديداً سمّته «الصرخة». كل ذلك لم يحل دون إفراج تل أبيب في النهاية عن 550 أسيراً فلسطينياً تنفيذاً للمرحلة الثانية من صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة «حماس» التي أفرج بموجبها عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وبحسب المصادر، فقد جرى نقل معظم الأسرى إلى معبر بيتونيا، تمهيداً لعودتهم إلى منازلهم في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، بينما أفرج عن 41 سجيناً في معبر كرم أبو سالم على حدود قطاع غزة، فيما نُقل أسيران أردنيان إلى «جسر الكرامة»، المعبر الحدودي مع الأردن، في حين أفرج عن أسيرين من سكان القدس عند حاجز عطروت العسكري.وأشارت مصادر سياسية إسرائيلية في تل أبيب إلى أن الجزء الثاني من الصفقة لا يشمل أياً من أفراد «حماس»، جازمةً بأن جميع المفرَج عنهم ينتمون إلى حركة «فتح» وفصائل فلسطينية أخرى. وقد كشفت مصادر «الأخبار» أن نحو 400 من المعتقلين المشمولين بالصفقة قضوا ثلثيْ فترات محكوميتهم على الأقل، وهو ما اعتُبر نكسة للصفقة التي شملت دفعتها الأولى ذوي المحكوميات العالية. ومثلما فعلت في المرحلة الأولى من الصفقة، جدّدت سلطات الاحتلال تحذيرها من أنّ أياً من الأسرى المفرَج عنهم لن يتمتع بحصانة إذا ما عاد إلى «مهاجمة إسرائيل ومعاداتها». وكان مصدر مصري مسؤول قد أعلن نجاح الاستخبارات المصرية في إتمام المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين في موعدها المحدد سلفاً، لافتاً إلى أن السلطات الإسرائيلية بدأت باتخاذ التدابير القانونية والإدارية لإتمام تنفيذ تلك المرحلة في الموعد المقرر لها. وشدد المصدر على أن مصر سعت من خلال اتصالاتها مع الطرف الإسرائيلي إلى أن تضم صفقة الأسرى مختلف التنظيمات والفصائل الفلسطينية، خاصة التنظيمات التي لم يُفرج عن أعداد مناسبة من أسراها في المرحلة الأولى من الصفقة.
كذلك أوضح المصدر المصري نفسه أن المرحلة الثانية تتضمن الإفراج عمّا يزيد على 300 أسير من حركة «فتح»، و70 من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، و20 من «الجبهة الديموقراطية»، وما يزيد على 50 طفلاً تقل أعمارهم عن 18 عاماً، إضافة إلى أسيرين اثنين من الأردن، وخمس حالات مرضية. وطمأن إلى أنّ المرحلة الثانية تضمنت باقي الأسيرات الفلسطينيات اللواتي لم تشملهن المرحلة الأولى من الصفقة.
وسبق لوكيل وزارة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية زياد أبو عين أن كشف أن إسرائيل لن تفرج عن أي من أسرى «حماس» أو «الجهاد الإسلامي» في المرحلة الثانية من صفقة التبادل، واصفاً ذلك بـ«التلاعب الخطير جداً». وتابع أبو عين أنّ أحد الأسرى المفرج عنهم أمس «تنتهي مدة محكوميته اليوم»، مشيراً إلى أن ترك «الأمور للطرف الإسرائيلي لتحديد الأسرى المفرج عنهم هو خطيئة». وذكّر أبو عين بأن أكثر من 90 أسيراً من المفرج عنهم أمس تنتهي مدة محكوميتهم خلال الأسبوع المقبل، إضافة إلى 350 أسيراً سيطلق سراحهم خلال عام 2012، بمعنى أن نحو 70 في المئة من الأسرى المفرج عنهم تنتهي مدة محكوميّتهم بين يوم وعام.
أما وزير الأسرى والمحررين عيسى قراقع فرأى بدوره أن الخلل الرئيس في المرحلة الثانية من صفقة الأسرى يكمن في ترك الأمر لدولة الاحتلال لـ«اختيار المعايير للإفراج عن الأسرى»، ليخلص إلى اتهام «حماس» بأنها «تخلّت عن المرحلة الثانية من الصفقة لإسرائيل التي وجدتها فرصة لتفعل ما تشاء، وقد فعلت».
تجدر الاشارة إلى أنه أُعلن في تشرين الأول الماضي اتفاق إتمام مبادلة الجندي شاليط بنحو 1027 أسيراً على مرحلتين، ونفّذت الأولى في 18 تشرين الأول برعاية مصرية، علماً بأن المحكمة العليا الإسرائيلية ردّت الالتماسات التي قُدمت إليها ضد تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة التبادل.