حلب | لم تكن حلب يوماً خارج المسار العام للنبض السوري، لكنها أيضاً لم تكن يوماً رائدة في أي مسار يحمل أي تغيير، سواء على المستوى السياسي أو الثقافي في البلاد. زواج المتعة الذي عقده تجّار حلب مع السلطة، أضفى على المدينة ملامح لا تشبه ملامح أبنائها الثوريّي الهوى، لكن في الوقت نفسه، الصامتين لاعتبارات عدّة، منها ما يتعلق بلقمة العيش والخوف من القمع. لكل هذه الاعتبارات غير المقنعة بالنسبة إلى المدن التي التحقت بالحراك الشعبي، تأخّرت حلب عن الالتحاق بركب الحراك. اعتقد الحلبيون، وخصوصاً التجّار أن مدينتهم ستكون خارج دائرة ما يرى المعارضون أنه أقرب إلى «العقوبات الجماعية» التي يمارسها النظام، تحديداً في ما يتعلّق بأزمة الغاز والمازوت. وكانت المفاجأة أنّ حلب لم تختلف عن إدلب أو حمص أو درعا، فطاولتها الأزمة وطوابير الانتظار أمام محطات الوقود. يقول أحد الأطباء في حلب إنه سُجِّلَت في الشهر الماضي «عشر وفيات لأطفال لم تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات نتيجة التهاب القصبات الهوائية الناتج من البرد الشديد». ويضيف أنّ هناك وفيات تحدث نتيجة الاختناق بغاز الكربون «لأن الناس يستخدمون الفحم وسيلة للتدفئة، فهو المتوافر والأرخص ثمناً» في ظل ندرة المازوت خصوصاً. معاناة حلب من البرد تصل إلى تقنين الكهرباء الذي طاول المحافظة شأنها شأن غيرها من المحافظات. ويرى متابعون لصمت حلب أن «هذا التصرف جعل حلب تدرك أنها أضاعت العنب، وأن الناطور سيُقتل لا محال». ويتابع الناشط الحلبي نفسه ليشير إلى أن الحلبيين استغلّوا «الرشى» التي قدمها النظام لهم في بداية الحراك الشعبي، «فقد تغاضت الدولة عن تراخيص البناء غير الشرعية فنشأت أحياء كاملة بلا رخصة قانونية، لكن في الجهة المقابلة كان هناك حراك شعبي خجول»، عُبِّر عنه بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يكشف الرجل أنه «جرت حملة في حلب لمقاطعة المحال التجارية التي تعلّق على جدرانها صور الرئيس بشار الأسد»، ويلفت إلى أن هذه الحملة «نجحت نجاحاً ملحوظاً، بدليل أنه نادراً ما عدتَ ترى صوراً للرئيس في المحال التجارية». وتحت هذا الضغط الشعبي، قرّر التجار، كعادتهم، «التذاكي وحمل العصا من الوسط»، فأصدروا بياناً يقولون فيه إنهم سينتظرون شهر شباط المقبل ليروا نتائج انتخابات مجلس الشعب، ووفق النتائج سيحدّدون موقفهم. ويضيف البيان: «إذا كانت الانتخابات نزيهة، فسندعم النظام، وإذا لم تكن كذلك فسنأخذ خط الثورة».
هذا «التذاكي»، على حد وصف أحد الناشطين المعارضين، كلّف أحد صناعيي حلب، بل أشهرهم، حياته. فبسام العلبي، صاحب أكبر معمل نسيج في الشرق الأوسط، احترق مصنعه، ما أدّى إلى إصابته بسكتة قلبية قاتلة. وقُدِّرَت الخسائر وفق النتائج الأولية للتحقيق بمليار ليرة سورية. وهناك روايتان عن سبب الحريق: يقول أحد أصدقاء الفقيد إنّ المرحوم رفض أن يتابع تمويل «الشبيحة» الذين ينتشرون في كافة أنحاء المحافظة فحرقوا المعمل. ويقول صديق آخر للعلبي في الرواية الثانية إنه «يوم إضراب الكرامة (الأحد الماضي)، امتنع عدد من العمال عن الحضور إلى المعمل، فصرفهم بنحو تعسُّفي، وفي اليوم التالي انتقم منه العمال وأرادوا أن يجعلوه عبرة لغيره، فأحرقوا المعمل».
«تخبُّط» حلب بين الشائعات والرواية حول هذه القصة أو تلك الواقعة، له وجهان مختلفان، وكلٌّ يصدق الحقيقة التي تناسبه، لكن يبقى حراك الطبقة المثقفة من أطباء ومحامين وطلاب جامعيين أكثر جرأة من موقف طبقة التجار. ويشير محام ناشط إلى أن هناك «شبه اعتصام يومي للمحامين في القصر العدلي، للمطالبة بالإفراج عن زملائهم المعتقلين»، جازماً بأن عدد المعتقلين من زملائه قد تجاوز الخمسين محامياً. ويكشف أيضاً أن الأطباء «ليسوا أفضل حالاً، فكل طبيب يشارك في إسعاف متظاهر هو مشروع معتقل، أي مشروع شهيد، وخير دليل على ذلك الطبيب صخر حلاق الذي وُجد مقتولاً ومنكّلاً بجثته في ضواحي حلب».
المحامون والأطباء ليسوا وحدهم في وسط الحراك الحلبي الخجول حتى الآن. فالطلاب بدأت مدارسهم تشهد نوعاً من «التمرُّد» السلمي، وإن كان لا يزال محدوداً. ووفق شهادة أحد الطلاب، فهم عندما دخلوا الأسبوع الماضي إلى المدرسة، وجدوا الشعارات المناوئة للنظام منتشرة على جدرانها. ويتابع: «على الفور أخذ المدير على عاتقه معالجة هذا الأمر، وأقدم بنفسه على طلي تلك الشعارات». هذا التصرُّف السريع من مدير المدرسة، كان له وجه آخر في مدرسة أخرى عند أطراف مدينة حلب، حيث خرج الطلاب في تظاهرة داخل حرم المدرسة، فما كان من المدير إلا أن أبلغ الجهات المختصة ليرفع عن نفسه المسؤولية، وقد اقتيد الطلاب بالفعل إلى جهة معلومة نالوا فيها ما يلزم من «تأديب».
13 تعليق
التعليقات
-
بما انو كتاب الاخبار الثورجيةبما انو كتاب الاخبار الثورجية من سوريا عم يكتبوا ما يقال لهم فساكتب ما قيل لي من حلب صديقتي وهي من احدى اعرق العائلات الحلبية واكثرها تدينا اخبرتني انه بالشهرين الماضيين عم يندفع 200 يورو لكل شخص ليطلعوا بمظاهرة خمس دقائق ويصورها ببعض الاحياء ومع هيك الناس عم ترفض .بريف حلب في منطقتين من فترة عم تطلع مظاهرات باعداد قليلةو راح لعندهم المحافظ وتلف ليعرف شو بدهم ما كانوا يقولوا شو المشكلة ليحللهم اياها
-
أحمد حسون؟سؤال للمعلقين من حلب الذي هبوا للدفاع عن خيارهم الحر مع النظام فيه حدا يخبرني كيف صار أحمد حسون(الغير مؤهل علميا لهكذا موقع) مفتي للجمهورية؟ أحمد حسون هذا ... هو كلمة السر
-
تحية يا لولو وتحية لاهل حلبتحية يا لولو وتحية لاهل حلب اللي بوعيهم قهروا اعداء سوريا .الحلبيين يا استاذ سماح يعرفون ان يميزوا بين من لديه اعتراض على النظام ومن لديه مظالم ومطالب وبين من لديه اعتراض على سوريا الوطن يعني فيه معارض نظام وفيه معارض وطن والحلبية احفاد سيف الدولة بشجاعتهم وذكائهم فهموا القصة رغم تحريض العرعور وتحريض المثئفين امثالك ورفضوا معركة الاحزاب ضد وطنهم .عيب كتير اللي كتبته ولازم تعتذر لان وصفك للمسلحين بالام سكستين وناصبي الكمائن وخاطفي البنات انهم اشجع من الاخرين يستحق54 الادانة ويتطلب الاعتذار
-
حلبيانا حاطط اكتر من صورة للسيد الرئيس ومع هيك زاد الشغل اكتر يعني الكاتب لايرقى ان يحمل بكالوريا المقال غير موضوعي ومجحف
-
اذا كان هناك من يريد ثورةاذا كان هناك من يريد ثورة فالحلبية هم اول الناس. لانهم الاكثر تأذيا من القرارات الجائرة للحكومات المتعاقبة و اتأثر الاقتصادي بها فمعظم الحلبية يعملون بالتجارة و اول القرارات السيئة تصيب تجارتهم و ليس المزارع الذي ينتظر محصوله و هو بعيد عن تأثيرات هذه القرارات و انه اخر شخص يتأذى بها. لكن لن يركب الحلبية ركب اللذين يدعون ثوار و ينصبون زعيما لهم من بلاد الواق الواق. ليكون زعيمهم الثائر. لانهم وطنييون يحبون بلدهم و يريدو ان يملو لاجلها. لواقع افضل. و ليس المجهول
-
المقال غير موضيعي اهل حلبالمقال غير موضيعي اهل حلب واعين لبرهان غليون و حمد و غير مستعدين ليحرقوا البلد لخدمه امريكا
-
حرية الرأيجذر المشكلة العربيةيبدأ حين يتاح لمثل سماح عبدو أن يكتب مقالا في جريدة مقروءة، فهل لعاقل دعك من مثقف أن يشتم مليوني شخص على صفحات صحيفة لمجرد أنهم يخالفونه الرأي، كيف يريد هذا الكاتب أن ينضم أهل حلب لحركة تصادر حقهم في أن يكون لهم رأيهم الخاص.وكيف تسمح الأخبار بأن يحرض عبر صفحاتها على القتل والتخريب، كيف يسر الكاتب لقتل رجل بحرق مصنعه؟،فإن كانت الحكومة على ما يدعون تقتل الشعب فنحن لم نقرأ لها إقرارا مثل إقراراتهم بقتل المخالفين والدعوة لحرق ممتلكاتهم. من يقرأ جريدة الأخبار وأمثالها من الجرائد يعرف مدى الهوة التي يسقط فيها المواطن العربي المسكين.
-
حلبي أصيللقد تجنى كاتب أو كاتبة المقال كثير على مدينة حلب ولا نعرف سبب هذا التجني متهماً حلب بأنها خارج دائرة الإبداع وهذا كذب وبهتان على حلب التاريخ ولحلب تاريخ عريق وهي أقدم مدينة سورية مأهولة في التاريخ هذا بالإضافة إلى مبديعها وإبداعها في التاريخ واختراع الأرقام السورية التي تسمى بالإنكليزية وفي الموسيقى وفي مجال المسرح والعلوم المختلفة والفالسفة والشعر والهندسة المعمارية
-
مشغولين بأكل الكبةيا عيب الشوم على التعليقات وكأن مطالب الشعب الحقيقية ضد الظلم والإستبداد الذي حكم سورية لا تمس حلب. أليست حلب هى المدينة التي كانت أكثر جمالا في سورية فأصبحت بفضل النظام من أبشع المدن بتوسعها العشوائي وإهمال النظام لها؟ أما كانت حلب هي قلب العروبة ضد القمع والإستعمار فأصبحت بليدة وخاملة بسبب الرشاوي والمحسوبيات؟ الحلبي الأصيل هو من خرج في الثمانينات ضد النظام والحلبي الأصيل هو الذي سوف يرفع رأس سورية عاليا فإن ثارت حلب إهتزت لها مدن سورية من شمالها لجنوبها. من كتب التعليقات لا يمكن أن يكون من حلب وإنما منتفعين خانعين مشغولين بأكل الكبة.
-
موضوع حريق المصنع في حلببالنسبة لمصنع النسيج الذي أحرق في حلب ، فهو أحرق للضغط على هذل التاجر الحلبي واخرين في مدينة حلب لينضموا بالقوة للاضراب ويكون العلبي مالك المصنع عبرة لغيره من الذين يؤيدون الدولة ..سلمية سلمية !!
-
انا من حلبالى كاتب المقال انا من حلب واصلي حلبي، الحلبية مو خايفين من حد واكبر سبب لعدم خروجهم اسياد المعارضة الي ما نعرف قرعت ابوهم منين والسبب الاهم هل تعلم انو اهل حلب بيكرهو الخليجي حتى الموت واكيد لا يخفى عليك دعم السعودية وقطر للثورة المزعومة ام عن سبب حرق معمل علبي تكس حاطط سبابين طيب في رائيك الخاص في عز هيك ازمة تمر على سورية معقول الامن السوري يحرق معمل فيو 16000 عامل وانا اخبرك الي حرق المعمل شباب من ادلب انتقاما من صاحب المعمل بعد ما فصلون بسبب اضرابهم عن العمل وكان كلامو بالحرف الواحد(الي بدو يعمل اضراب خليه في بيتو انا معملي بدو يضل يشتغل وفي الف واحد يدور شغل)
-
حلب واعية "بلاك"كيف تسمح لنفسك يا حضرة الكاتب بأن تضع هذا العنوان المهين لأهل حلب على مقالك؟؟ أنا سورية أسكن في حلب مع عائلتي، لا خائفة ولا منتفعة ولا مرعوبة ولا تاجرة ولا محامية ولا طالبة. أنا راشدة وجامعية حائزة على شهادة علوم سياسية على فوقها، وأعرف تماماً كيف وعلى أي أساس أفكر . لست وأهل مدينتي بحاجة لأي متفذلك لينظر علينا ويتهمنا بالجبن والانتفاع لأننا لسنا مقتنعين بفوضاه العارمة، والتي يريد منّا أن نتبعها كالحمقى وبعد كل ما شاهدنا وسمعنا !! أنا مع الإصلاح، ومع الإبقاء على إيجابيات النظام وتغيير سلبياته لتدعيم الدولة ومؤسساتها وإن كان هذا لا يعجبك، فهذه مشكلتك الخاصة ، لا تقحم أهل حلب في دوامة ارتباكك فنحن أدرى بشعابنا