بدا أن القادة العراقيين تحسّسوا خطر الأزمة المستفحلة على خلفية اتهام نائب الرئيس طارق الهاشمي بعمليات إرهابية كبيرة، بينها محاولة تفجير البرلمان العراقي في 28 تشرين الثاني الماضي، فتداعى جميع المعنيين، بينهم الرؤساء الثلاثة، إلى اجتماعات ومؤتمرات لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة التي يخشى البعض أن تتحوّل إلى نزاع دموي. فبعد إصدار مذكرتي اعتقال ومنع سفر بحق الهاشمي، المقيم منذ أيام في إقليم كردستان بحماية الرئيس جلال الطالباني، دعا كل من رئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي إلى عقد مؤتمر وطني عام لمناقشة الأزمة. وقبل ذلك، أعرب الهاشمي عن استعداده «للمثول أمام القضاء»، لكن في إقليم كردستان حيث يقيم حالياً. وقال الهاشمي، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة أربيل، عاصمة الإقليم الكردي: «أقترح تحويل القضية إلى إقليم كردستان، وعلى هذا الأساس أنا مستعد للمثول أمام القضاء». كذلك طالب بأن «يحضر التحقيق والاستجواب ممثلون عن الجامعة العربية ومحامون عرب لضمان التحقيق». تطور تزامن مع عرض قناة «العراقية» الحكومية ما ذكرت أنها «اعترافات لأفراد حماية الهاشمي» بشأن ارتكاب «أعمال ارهابية»، حيث تحدث ثلاثة أشخاص عن قيامهم بمهمات اغتيال وزرع عبوات ناسفة قالوا إنها كانت بتكليف من الهاشمي وأحد مساعديه الكبار.
غير أن نائب الرئيس نفى التهم الموجهة اليه، مشيراً إلى أن «القضية سياسية»، قائلاً: «أقسم بالله العظيم إني لم أرتكب أي معصية بحق الدم العراقي». وردّت قيادة عمليات بغداد على عرض الهاشمي بإحالة الملف على إقليم كردستان بالتشديد على أنها «ملزمة» تنفيذ أمر القبض على الهاشمي «في جميع المناطق من دون استثناء».
في غضون ذلك، تدخّل المالكي على خط الأزمة، داعياً إلى عقد مؤتمر للقادة السياسيين يناقش الأزمة الحالية، بحسب المستشار الإعلامي للمالكي علي الموسوي، الذي أوضح أن المؤتمر سيبحث «القضايا المختلفة وتوضيح الخلل الأمني والسياسي في هذه المرحلة وسيكون الدستور هو المرجع الوحيد للحل».
وفي السياق، دعا النجيفي قادة البلاد إلى «مؤتمر وطني عام» لمناقشة الأزمة المستجدة، فيما طالب الرئيس الطالباني بضبط النفس، محذراً من «أوقات عصيبة» تمر بها البلاد. ودعا النجيفي، في بيان، «لعقد مؤتمر وطني عام في وقت تتعرض فيه العملية السياسية لهزات عنيفة وصدمات خطيرة ليست محمودة العواقب». وتحدث أيضاً عن «أيام عصيبة من تاريخ العراق»، إذ إن البلاد «تعيش في مناخات الانسحاب الأميركي وتقاوم ارتدادات وانعكاسات التطورات الإقليمية وبعض دول الجوار العراقي» على حد تعبيره. وحذّر من استمرار «الخطاب الطائفي وترويجه»، وذلك بعدما قرّرت قائمة «العراقية» التي يقودها إياد علاوي وتضم الهاشمي في قيادتها، مقاطعة جلسات الحكومة (9 وزراء من بين 31) بعد يومين من إعلانه مقاطعة جلسات البرلمان، رغم أن مستشار المالكي، علي الموسوي، كشف أن «نصف وزراء كتلة العراقية شاركوا في اجتماع مجلس الوزراء اليوم (أمس)»، رغم إعلان القائمة مقاطعة جلسات الحكومة. وعن المسار القضائي لقضية اتهام الهاشمي، أصرّ النجيفي على ضرورة إجراء تحقيق «نزيه وشفاف وتأليف لجنة مشتركة من كافة الكتل والفعاليات السياسية للإشراف على مراحل التحقيق».
بدوره، أشار الطالباني إلى أن التطورات المتسارعة في البلاد، وبينها مذكرة التوقيف الصادرة بحق الهاشمي جرت «من دون التشاور والتخابر» معه.
واستشعرت الولايات المتحدة خطر التطورات العراقية الأخيرة، فسارع البيت الأبيض إلى الإعراب عن قلقه بشأن مسار القضية. ورداً على سؤال عما إذا كان لدى البيت الأبيض أي رد على التقارير الصادرة عن بغداد بعد انسحاب القوات الأميركية، وإصدار الحكومة مذكرة توقيف بحق الهاشمي، قال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية، جاي كارني، إن واشنطن «تراقب الوضع والتقارير عن مذكرة الاعتقال، ونتحدث مع كل الأطراف وعبرنا عن قلقنا بشأن هذه التطورات». وتابع: «نحن نحث كل الأطراف على العمل لحل الخلافات سلمياً عبر الحوار، بطريقة تتماشى مع حكم القانون والمسار السياسي الديموقراطي».
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب)