عشرون عاماً من عمر الوحدة اليمنية لم يتوانَ فيها نظام علي عبد الله صالح عن زرع الفتنة والمناطقية في اليمن، متبعاً أسلوب فرق تسد بين أبناء الوطن الواحد. ممارسات السنوات الماضية بدأت تظهر نتائجها في الآونة الأخيرة أزمة ثقة وكراهية لدى الجنوبيين تجاه كل ما هو شمالي. فلم يعد الأمر مقتصراً على نظام صالح، بل امتد ليشمل المواطنين أيضاً، بعدما أعادت تصريحات بعض السياسيين الشماليين تجاه القضية الجنوبية نكء الجراح، مطيحةً أحد أهم منجزات الثورة اليمنية، والتي ارتضى جزء كبير من أبناء الجنوب الانضواء تحتها.
فالجنوبيون يرون أن قضيتهم صمت عنها المواطنون في الشمال لأعوام. ولطالما كانوا يستغربون عدم التعاطف معهم، لا بل وعدم الاعتراف بالقضية الجنوبية والجنوب كدولة سابقة ذات سيادة وقانون همّشت ودمرت تحت مسمى الوحدة. واليوم وبعد سبعة عشر عاماً من حرب صيف 1994، التي شنها صالح وقواته على الجنوب وتم على أثرها هدم ما تبقّى من دولة مدنية في الجنوب، لا يزال الجنوبيون يتذكرون وبحسرة الفتوى التي صدرت إبان الحرب وهدرت دماءهم واستباحتهم من قبل علماء الدين في الشمال وسكوت الشعب، بل والتأييد من البعض، باعتبار الجنوب دولة شيوعية وكافرة ويجب القضاء على من فيها، من دون أن يلغي ذلك أنه لا يزال هناك شيء في قلوب أبناء الجنوب تجاه نصفهم الآخر وشريك الوحدة.
ولذلك اعتقد الجنوبيون مع اندلاع الاحتجاجات اليمنية وتصاعدها، أن الأمور قد تتبدل بعدما خفّت قبضة النظام وتقلصت سلطة الإعلام الرسمي الذي روّج للقضية الجنوبية والحراكيين بأنهم انفصاليون ومخربون.
وعلى الرغم من أن قسماً من الشماليين بات أكثر تقبلاً لمظالم الجنوبيين والقضية الجنوبية وأبعادها، إلا أن جزءاً لا بأس به من أبناء الشمال ظل مصرّاً على موقفه ويرفض الاعتراف بها، ما زاد من حدة الغضب وازداد التوتر بين الطرفين كأنهما طرفا نزاع وليسا شريكي وحدة.
وبينما يرى أبناء الجنوب أن الحصول على حق تقرير المصير أمر مشروع لهم، يرى جزء من الشماليين أن الوحدة خط أحمر عُمّد بالدم، وهنا تكمن المشكلة.
مظالم متشابكة
غسان الشعبي، ناشط سياسي من عدن، يؤكد أن أسباب تولد الكراهية بين الشمال والجنوب كظاهرة واقعية لا يستطيع أحد إنكارها تعود جذورها إلى قيام الوحدة بين كل من الدولتين على أسس خاطئة لم يؤخذ فيها رأي الشعبين، ولم تراع فيها الفوارق الاجتماعية والتركيبة السكانية. ويلفت إلى الخطأ الذي وقع باعتبار العدد السكاني معياراً للتقسيم السياسي وعدم النظر إلى كبر أرض الجنوب وثرواته. ومن الأسباب الإضافية، يشير الشعبي إلى «أن قيام حرب 94 الظالمة، التي احتلت بها الجنوب من قبل الشمال، تضرر منها كل أبناء الجنوب من دون استثناء وأدت إلى تدمير كل مقدرات الدولة الجنوبية واستباحة أراضي الجنوب ونهبها من قبل متنفّذين شماليين».
كما أن أهم الأسباب، من وجهة الناشط اليمني، «هي إبعاد وإقصاء كل الكوادر الجنوبية والموظفين العسكريين وإبدالهم بآخرين من الشمال، في سياق ممارسة ثقافة المنتصر، باعتبار أن الشمال انتصر على الجنوب بعد الحرب والاستيلاء على مصالح الجنوبيين من الأرض والثروة». ويضيف «وما زاد الطين بلة ممارسة كل أنواع القمع والإذلال ضد أبناء الجنوب، وزد إلى ذلك اعتبار أبناء الشمال أوصياء على الجنوب حتى من قبل المعارضين للنظام، والذين لم يحترموا إلى الآن حق شعب الجنوب في تقرير مصيره، واعتبارهم الخاطئ أن الوحدة المعمدة بالدم حق لا بد من المحافظة عليه، وهو رأي الغالبية من أبناء الشمال ليعيدوا بذلك ما كان يمارسه النظام البائد ضد الجنوب». هذا التعداد الموسع للمظالم يعيد التأكيد عليه الناشط أحمد العسل، الذي يشير إلى أن هذه الكراهية ما هي الا نتيجة لمواقف الشماليين من حرب صيف 94 وتأييدهم لها والسكوت عما يحدث في الجنوب من انتهاكات ونهب لأراضٍ وإقصاء وتهميش لأبنائه.
أما أسباب زيادة حدة التوتر في الآونة الأخيرة، فيرجعها إلى الموقف من مطالب الجنوبيين بحق تقرير المصير بعدما انجرّوا إلى الفخ الذي نصبه نظام صالح القائم على تعميمه لفكرة أن الجنوبيين هم دعاة للانفصال، وتصويره القائمين على الحراك الجنوبي السلمي بأنهم مخربون، وهو ما تجلى رفضاً شعبياً في الشمال للقضية الجنوبية والمشاحنات التي بدأت بها مجموعة من صحافيي الشمال بمهاجمة المنسحبين من المجلس الوطني لقوى الثورة، الذي أقيم بغالبية شمالية وعدم إعطاء الجنوب حقه في المناصفة، وهذا ما أجّج الأحقاد والكراهية.
من جهته، يسعى الباحث عبد الكريم قاسم فرج إلى التفريق بين مشاعر الجنوبيين من نظام صالح والمشاعر تجاه أبناء الشمال، مشيراً إلى أنه «ليس هناك كره لكل ما هو شمالي». ويضيف «هذا عسف للحقيقة. أبناء الجنوب احتضنوا الشماليين وتعايشوا معهم سنين طويلة في الجنوب، وكانوا يؤثرونهم على أنفسهم حتى أوصلوهم إلى سدة الحكم، من دون أن يتحسسوا من وجودهم ودون كره لهم».
أما عن سبب التحول، فيوضح فرج أنه «بعد الحرب الغاشمة على الجنوب في 1994، أراد إخواننا الشماليون فرض ثقافتهم على أبناء الجنوب، فظهرت ممارسات سيئة لم يألفها أبناء الجنوب، كحب المال وكسبه بأي وسيلة، حراماً كانت أو حلالاً. ويضاف إلى ذلك، الرشوة، اختلاس المال العام، عدم احترام الأنظمة والقوانين، الاستعلاء على أبناء الجنوب واعتبارهم مواطنين من درجات دنيا، كل ذلك خلق في نفوس أبناء الجنوب كرهاً لهذه الممارسات اعتقد أبناء الشمال أنه كره لهم». وأشار إلى أن «ما زاد الطين بلة أنه بعدما تأمل الجنوبيين خيراً من ثورة الشباب في الشمال، لعلها تعيد الحق الى نصابه وتعطي الجنوبيين حقهم في تقرير مصيرهم، انبرت مجموعة من قيادة الثورة وبعض مثقفيها الى الإعلان صراحة أنهم سيتخلّون عن الثورة من أجل الحفاظ على الوحدة، حيث رأى الجنوبيون أن هذا هو نفس خطاب رأس النظام الذي يثورون عليه، وعندما رد أبناء الجنوب على هذه التصريحات بقوة، ظن الشماليون أن الجنوبيين يكرهونهم».
10 تعليق
التعليقات
-
ثورتنا ثورة تحرير ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لا لانصاف الحلولاشكر جريدة الاخبارية اللبنانية وكاتبة المقال لينا الحسني ان قضية الجنوب ,,, قضية عادلة بكل المقاييش لمن اراد ان يرى الامور بعين الحقيقة لا بعين السياسة او المصالح الضيقة وما احتلال العراق للكويت ,,,,,,,,,,, خير دليل لولا اننا لما نلقى دعم اخواننا ,, كما كانت حالة الكويت ,,, وانما تخلوا عنا بكل بساطة ,,,,,,,, ولكن شعبنا لن يتخلى هذه المرة عن مطلبه ولو وقف كل العالم في وجهه ,,,,,,,,,,,,, اما نعيش احياءا بكرامة او نموت بشهادة ,,,,,,,,,,
-
نشكر موقعكم الحر والنزيهنشكر موقعكم الحر والنزيه لتقطية الاحداث والوقائع على ارض الواقع الشعب الجنوبي يطالب باستعادة دولته التي تم احتلالها باالقوه العسكريه باسم الوحده من قبل قوات الجمهوريه العربيه اليمنيه ومنذ حرب صيف 94 يرضخ الجنوب تحت القوه العسكريه لا حتلال همجي غاشم
-
الحرية لشعب الجنوببسبب التعتيم الإعلامي المطبق على القضية الجنوبية يلجئ الإعلام الخارجي بما فيه من صحف وقنوات فضائية إلى التحدث عن الحراك الجنوبي والقضية الجنوبي دون فهمها ، وهذا مايولد في نفوس الشعب الجنوبي الغضب الشديد تجاه تلك الوسائل ، فالقضية الجنوبية معروفة لا تقبل التأويل دولة الجنوب توحدت مع اليمن سلميا ووفق اتفاقيات نقضها اليمن واحتل الجنوب بالقوة العسكرية استمرت حرب احتلاله 70 يوماً اتخذ مجلس الأمن حينها قرارين 924 و 931 لعام 1994 ولازالا قيد النظر حتى اليوم !! إذا كان لابد من حوار مع الجنوب فسينطلق وفق هذه القرارات ومادونها فهو عبث
-
الشمال يحتل الجنوب ويدمرهان الشمال احتل الجنوب في سنة 1994م باسم الوحدة وهو يريد تدميره فدمر الجنوب ونهب الثروة النفطية والغازية واخذ الاراضي وفصل ابناء الجنوب وشردهم انه اسوا من الاحتلال الاسرائيلي فلقد اكل الشعب الشمالي الاخضر واليابس في الجنوب
-
الجنوبشعبالجنوبي عب الجنوب منذو عشرون عام وهو يقبع تحت الاحتلال اليمني الذي احتل الجنوب باسم الوحدة من الطبيعي ان يعاني ابنا الجنوب لأنهم تحت احتلال نشكر الأخت لينا الحسني ونشكر جريدة الاخبار المنبر الحر
-
نحن ابناء الجنوب مع التحرير والاستقلال واستعادة الدولةنشكر الاخبر على نشر ما يتعلق بالقضية الجنوبية ومطلب الجنوبيين في فك الارتباط واستعادة الدولة وهذا مطلبنا ولن نتنازل عنه
-
اقتباس(( جذورها إلى قياماقتباس(( جذورها إلى قيام الوحدة بين كل من الدولتين على أسس خاطئة لم يؤخذ فيها رأي الشعبين، ولم تراع فيها الفوارق الاجتماعية والتركيبة السكانية.)) اقتباس((أن قيام حرب 94 الظالمة، التي احتلت بها الجنوب من قبل الشمال، تضرر منها كل أبناء الجنوب من دون استثناء وأدت إلى تدمير كل مقدرات الدولة الجنوبية واستباحة أراضي الجنوب ونهبها من قبل متنفّذين شماليين».)) اقتباس(( «هي إبعاد وإقصاء كل الكوادر الجنوبية والموظفين العسكريين وإبدالهم بآخرين من الشمال، في سياق ممارسة ثقافة المنتصر، باعتبار أن الشمال انتصر على الجنوب بعد الحرب والاستيلاء على مصالح الجنوبيين من الأرض والثروة». ويضيف «وما زاد الطين بلة ممارسة كل أنواع القمع والإذلال ضد أبناء الجنوب، وزد إلى ذلك اعتبار أبناء الشمال أوصياء على الجنوب حتى من قبل المعارضين للنظام، والذين لم يحترموا إلى الآن حق شعب الجنوب في تقرير مصيره، واعتبارهم الخاطئ أن الوحدة المعمدة بالدم حق لا بد من المحافظة عليه، )) ابعد هذا يريدون منا ان نؤيد استمرار احتلالهم لارضنا لافرق بين سلطة ومعارضة وشعب في الجمهوريه العربية اليمنية التي احتلة ارضنا جمهورية اليمن الديمقراطيه (((الجنوب العربي ))
-
اريد تاكيد ما قاله الاستاذاريد تاكيد ما قاله الاستاذ عبدالكريم قاسم فرج----اننا حبينا الشماليين والشمال الى درجة اننا اعطيناهم مساكن افضل من مساكنا ---حصلوا على مقاعد دراسية ومنح افضل مننا ولم يشملهم التجنيد الالزامي ولا الخدمة الوطنية----الاان ممارسات النظام الحاكم وسكوت كل الشماليين تجاه ما جرى لنا وليس لهم هم الا ان الوحدة تعمدت بالدم---حاليا الكثير من الجنوبيين يكرهوا كل ماهو شمالي ----وحسب احد الأصدقاء قال انه يكره حتى الأمطار القادمة من الشمال---اما الرياح اذا كانت شمالية فإنها تكون غالبا محملة بالتراب والأمراض ---وقال كرهناهم مثل ما حبيناهم
-
الجنوب للجنوبيينالسلام عليكم الوحلة فرضت ثقافة اللا نظام وفرضة السلب والطمس على الجنوبييين الا من دخل معهم وقال سيدي قلي الا الشرفاء رفضوا ذلك ارفع راسك انت جنوبي نحن ننتصر او نموت لسنا فرع
-
تحرير الجنوب العربي من الاحتلال اليمنيمن الطبيعي ان نكرههم كرها اشده كره وهذا طبيعي لأنه لا يوجد شعب لديه كرامه يحب محتليه نحن نطالب بتحرير الجنوب من الاحتلال اليمني وعودة دولة اتحاد الجنوب العربي وهي دوله اتحاديه فدراليه برلمانيه ديمقراطيه بمشاركة جميع شرائح الجنوب منذ ماقبل 1967