عشية وصول طلائع المراقبين العرب الذين قررت الجامعة العربية إرسالهم إلى سوريا للإشراف على تنفيذ الخطة العربية لحل الأزمة، صدرت العديد من المواقف الدولية المنتقدة لاستمرار العنف في سوريا بعد الأنباء التي تحدثت عن تخطي عدد القتلى أول من أمس المئة، معظمهم مما يسمى «الجيش السوري الحر»، في وقتٍ تستمر فيه المشاورات بشأن المشروع الروسي المطروح في مجلس الأمن الدولي وسط مطلب أميركي واضح بتشديده.
وذكرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أن وزيري خارجية أميركا هيلاري كلينتون وروسيا سيرغي لافروف، اتفقا على أنه «لا بد من الاستمرار بالعمل في نيويورك في مشروع القرار الروسي، الذي يشدد على أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة في سوريا يكون من خلال عملية سياسية سورية شاملة بهدف التصدي الفعّال للتطلعات المشروعة ومخاوف الشعب».
ووفقاً لنولاند، أوضح الجانب الأميركي أنه «لا بد من إجراء تحسينات في المشروع الروسي»، وأنه يريد «أن تُدعَم مبادرة جامعة الدول العربية»، مضيفةً: «لذا، نحن الآن على مسارين: الاستمرار في العمل على قرار في نيويورك، ومن ثم اختبار جدية السوريين في تطبيق التزاماتهم تجاه جامعة الدول العربية»، وذلك غداة اعتبار الخارجية الأميركية أن خطة الجامعة العربية الخاصة بسوريا يمكن أن تحقق نتائج، لكن هذا يعتمد على أن تفي دمشق جانبها من الاتفاق.
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي لنظيرته الأميركية أهمية التأثير بنحو فعال في المعارضة السورية بما يخدم إشاعة استقرار الوضع في سوريا، ومن خلال الاتصال بنحو معمق مع الأطراف السورية ضمن سياق خطة العمل العربية.
وفي السياق نفسه، طالبت فرنسا روسيا أيضاً بتسريع وتيرة المفاوضات في مجلس الأمن بشأن مشروع القرار الذي اقترحته بشأن سوريا والذي ينص في جزء منه على إدانة العنف الذي ترتكبه «جميع الأطراف»، وهو ما عدّته فرنسا غير مقبول؛ لأنه «يساوي بين قمع النظام والمتظاهرين».
من جهةٍ ثانية، تطرق بيان الخارجية الفرنسية إلى ما وصفه «مذبحة هائلة وغير مسبوقة حدثت أمس في سوريا الثلاثاء الماضي، ما أدى إلى مقتل نحو 120 شخصاً»، مشيراً إلى أنه «يجب القيام بكل ما يمكن لوقف دائرة القتل التي يدخل (الرئيس السوري) بشار الأسد شعبه فيها كل يوم أكثر فأكثر»، وذلك بعدما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن ارتفاع حصيلة قتلى بلدة كفر عويد بمحافظة إدلب أول من أمس إلى 111. بدوره، أعرب المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني عن الشعور «بانزعاج شديد» لأنباء مقتل «مدنيين» على أيدي السلطات السورية. وطالب «الداعمين القليلين الباقين لسوريا في المجتمع الدولي بتحذير دمشق من أنه إذا لم تُنفَّذ مبادرة الجامعة العربية كاملاً، فإن المجتمع الدولي سيتخذ خطوات إضافية للضغط على نظام الأسد لوقف حملته».
وذكر بيان للبيت الأبيض أن «الولايات المتحدة لا تزال تعتقد أن الطريقة الوحيدة لإحداث التغيير الذي يستحقه الشعب السوري هو أن يغادر الرئيس بشار الأسد السلطة»، مشيراً إلى أن كلام نظام الأسد ليس لديه صدقية عندما تليه أعمال مشينة ومدانة.
كذلك أعرب وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي، عن «رفض بلاده لتواصل العنف في سوريا، وعن القلق من توسع هذه الظاهرة على المستوى الإقليمي لوجود صلات مباشرة لسوريا مع جيرانها، أي تركيا ولبنان والعراق».
أما وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، فرأى أن أعمال العنف الدامية التي شهدتها سوريا في الساعات الماضية، رغم توقيع دمشق بروتوكول الجامعة العربية «غير مقبولة»، معرباً في الوقت نفسه عن الأمل في نجاح كل بنود المبادرة، ومؤكداً أن «تركيا ستبذل أقصى جهودها للعمل على إنجاح هذه المبادرة التي هي في الحقيقة مبادرتنا نحن أيضاً وسندعمها وندافع عنها وسنراقب تنفيذها».
من جهته، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الحكومة السورية إلى «تحمّل مسؤولياتها إزاء توفير الحماية للمدنيين السوريين، تنفيذاً لتعهداتها بموجب خطة العمل العربية»، معبراً عن «بالغ قلقه إزاء تواتر الأنباء عن تصاعد أعمال العنف في العديد من المدن السورية وخاصة في أنحاء مختلفة من محافظات إدلب وحمص ودرعا ودير الزور»، ومؤكداً «ضرورة التحرك السريع لتوفير الأجواء الملائمة لمباشرة بعثة مراقبي الجامعة لمهماتها في سوريا».
وفي السياق، طالب المجلس الوطني السوري المجلس الوزاري العربي بـ«عقد جلسة عاجلة لإدانة مجازر النظام الدموية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين السوريين بالتعاون مع الأمم المتحدة»، فضلاً عن مطالبته مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة لوقف «المجازر المروعة، التي أودت بحياة قرابة 250 شهيداً خلال ثمانٍ وأربعين ساعة».
ميدانياً، أعلنت محطة «الإخبارية السورية» أن الجهات المختصة في إدلب اشتبكت مع مسلحين في منطقة كفر عويد والمناطق التي حولها وتمكنت من قتل عشرات المسلحين، في وقتٍ شهدت فيه ساحة الأمويين تجمعاً حاشداً للسوريين «تقديراً لتضحيات الجيش ودوره في حماية أمن الوطن واستقراره وتصديه للمؤامرة التي تتعرض لها سوريا، وتأكيداً لتلاحم الشعب معه في مهمته الوطنية». وأكدت السفارة الإيرانية في دمشق خطف خمسة فنيين إيرانيين في مدينة حمص أثناء توجههم إلى مكان عملهم وطالبت بالإفراج الفوري عنهم، فيما أعلنت وزارة الكهرباء في سوريا «اختفاء 8 مهندسين من جنسيات مختلفة بمحطة كهرباء جندر في حمص، من بينهم 5 مهندسين إيرانيين».
في هذه الأثناء، أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأن اللجنة الوطنية المكلفة إعداد مشروع دستور جديد استكملت خلال اجتماعها اليوم برئاسة مظهر العنبري رئيس اللجنة مناقشة مواد الفصل الثاني من مشروع الدستور المتعلقة بالسلطة التنفيذية بشقيها، سواء تلك المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية أو رئاسة الوزراء.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)