بيت لحم | «فلسطين تحتفل بالأمل»، هي رسالة للعالم أجمع الذي تتوجّه أنظاره إلى مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح خلال الأعياد، مفادها أن الشعب الفلسطيني لا يزال يأمل إنصافه لإنجاز حقوقه الوطنية المشروعة بالحرية والعدل والاستقلال والعيش بكرامة. مدينة بيت لحم بدأت استعدادات كبيرة هذا العام تتميز بعوامل جديدة للاحتفال بالأعياد، تحت شعار «فلسطين تحتفل بالأمل». احتفالات ستركّز على السعي الفلسطيني من أجل إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، للتأكيد أن الشعب الفلسطيني لم ولن يفقد الأمل في إقامة دولته، مع الاشارة إلى أن هذه الأعياد ستكون مناسبة دينية ووطنية للتأكيد على هذا الأمل. كما أن الامل سيكون مرتبطاً بكل نواحي الحياة الفلسطينية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وفنياً رغم أنف الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه التي تعيشها بيت لحم، «مهد رسول المحبة والسلام». من أهم الفعاليات المميزة هذه السنة، حفل الاستقبال السنوي الأول الذي تستضيفه بيت لحم، تحديداً في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، ليكون تقليداً سنوياً للحديث عن هذه المدينة والأعياد الميلادية أمام القناصل والسفراء الأجانب المعتمدين لدى السلطة الوطنية في القدس المحتلة ورام الله، إلى جانب رؤساء الطوائف ورجال الدين والشخصيات الفلسطينية. المصادر الفلسطينية الرسمية أكدت أن هذا الحفل سيكون برعاية الرئيس محمود عباس وحضوره، ويتوقع أن يحصل قبل أيام من الحفل الذي تستضيفه الحكومة الإسرائيلية التي اعتادت العمل لتزوير الحقائق بشأن الأراضي المقدسة وبشأن ممارساتها القمعية والادعاء بأنها تقوم بالتخفيف من إجراءاتها الأمنية، بينما تعمل بعكس كل التصريحات خلال الأعياد، وتحرم معظم العائلات من الاحتفال من خلال منع التصاريح للكثير منها. هذا بالاضافة إلى أنها تحرم المسيحيين في غزة من الوصول إلى بيت لحم من أجل الاحتفال بأعيادهم. ويأمل الفلسطينيون أن تساهم هذه الخطوة في تذكير الدبلوماسيين الأجانب بضرورة العمل الجاد مع دولهم من أجل إنهاء الاحتلال وإحلال السلام العادل والدائم في الأراضي «المقدسة»، كذلك هي رسالة للإسرائيليين وللعالم بأن أعياد الميلاد تقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي يأمل أصحابها الخلاص من هذا الاحتلال الإسرائيلي.
وفي السياق، ثمة استعدادات حثيثة ومتواصلة لتلبس بيت لحم حلّتها التي تليق بها وبعيد ميلاد رغم قلة الإمكانيات المالية التي أثّرت بنحو كبير على صورة الاستعدادات، حيث تتحدث بلدية بيت لحم عن أزمة مالية خانقة تمر بها، مع أنها تعمل مع مختلف الجهات على تزيين شوارع المحافظة. وكانت البلدية قد عقدت مؤتمرها الصحافي السنوي العام في مقرها، تلته إضاءة شجرة الميلاد بحضور شخصيات وطنية ودينية وفعاليات.
وتتضمن استعدادات الأعياد إقامة مركز إعلامي فلسطيني يتولى مهمة إطلاع ممثلي وسائل الإعلام العربية والدولية على آخر المستجدات الفلسطينية، خصوصاً في ما يتعلق بممارسات إسرائيل في بيت لحم، ومصادرتها أراضي المدينة وإعلان ضمها لدولة الاحتلال. كذلك سيعمل المركز الإعلامي، باتفاق بين كافة الجهات، على إصدار المطبوعات والمنشورات التي تتناول الواقع الفلسطيني بكل تجلياته، وبشكل موحَّد، لتلافي الوقوع في تناقض الأخبار والتفاصيل كما حدث خلال الأعوام السابقة.
أما أهالي المدينة، فقد انتظروا طويلاً حتى بدأت البلدية بنصب شجرة الميلاد الجديدة التي تبرّع بتكاليفها أحد رجال الاعمال في بيت لحم، بعدما وصلت هذه الشجرة إلى ميناء أسدود. لكن الإجراءات الإسرائيلية أخّرت عملية تسلُّمها من قبل بلدية بيت لحم، وقد بلغ ارتفاع هذه الشجرة 25 متراً، ويصل عرض قاعدتها إلى سبعة أمتار.
وقد قامت بلديتا بيت جالا وبيت ساحور في محافظة بيت لحم باحتفالات متميزة من خلال إضاءة شجرة الميلاد في كل منهما، بحضور رئيس الوزراء سلام فياض وبمشاركة الآلاف من أهالي البلدتين. وذروة الاحتفالات تشهدها بيت لحم اليوم، حين تنطلق الفرق الكشفية من وسط ساحة المهد لاستقبال البطريرك اللاتيني الذي يصل ظهراً إلى المدينة، لتصدح بعد ذلك أصوات المرنّمين من مختلف الجوقات المحلية والعالمية، حتى انتصاف الليل، حين يقام القداس المعروف باسم «قداس منتصف الليل» بحضور الرئيس عباس والكثير من الشخصيات الرسمية والشعبية.
مع حلول العيد وازدياد الاهتمام الدولي ببيت لحم، يرى سكان المدينة التاريخية أن الاهتمام بها يجب ألا يكون «موسمياً»، وأن بيت لحم يجب أن تكون حاضرة على برنامج الاهتمام الدولي بوصفها من أهم مدن العالم، بل قلب العالم المسيحي، وبالتالي فإنّ حالها السياسية والاقتصادية يجب أن تكون مصدر اهتمام دائم، ولا تتوقف على موسم الأعياد فقط.