القاهرة | شهدت مديرية أمن الشرقية في دلتا مصر، يوم أمس، أحداث عنف بطلاها كانا من وزارة الداخلية، وذلك بعد استعانة مدير أمن كفر الشيخ بقوات خاصة من «الأمن المركزي» للتصدي لوقفة أمناء وأفراد الشرطة داخل مديرية الأمن، لأنهم لم يحصلوا على بعض المستحقات المالية والترقيات مساواة بغيرهم في مناطق الجمهورية، فضلاً عن مطالبتهم بتوفير علاج لهم في مستشفيات الشرطة وزيادة بدل المخاطرة الذي يتقاضونه، وأيضاً إقرار اللوائح الخاصة بالتدرج في حالة الإحالة على مجلس التأديب.
وأعادت الأحداث، التي جرى فيها اقتحام أفراد وأمناء الشرطة مبنى مديرية الأمن وتدمير محتويات مكتب المدير، التذكير، بانتفاضة الأمن المركزي وعصيان أوامر القيادات عام 1986، وهي الحادثة الشهيرة التي وقع فيها المئات بين قتلى ومصابين، وأدت إلى خسائر جسمية، فيما فرضت «الداخلية» حالة من السرية على تفاصيل تبادل إطلاق النار الذي شهده المبنى قبل اقتحامه.
وقد جرى، وفق مصادر، تبادل لإطلاق قنابل الغاز والرصاص بين القوات الخاصة التي تلقت أوامر بمنع الاقتحام، والمحتجين الذين استخدموا أسلحتهم للرد على رصاص القوات الخاصة.
بداية الأحداث كانت أول من أمس، على أيدي العشرات من الأمناء والأفراد ــ الفئات المعاونة للضباط ــ الذين بادروا إلى إغلاق الأقسام اعتراضاً على تأخر صرف مستحقاتهم المالية، بالإضافة إلى تأخر الترقيات والعلاوات الخاصة بهم.
الاعتصام وصفه المتحدث الرسمي باسم «الداخلية» بأنه جرى بتحريض من «جماعة الإخوان المسلمين» التي تمتلك قاعدة كبيرة في الشرقية، خاصة أنها مسقط رأس الرئيس المعزول محمد مرسي، وهي تصريحات أثارت غضب المعتصمين، فقرروا تصعيد تحركاتهم إلى مبنى المديرية.

يرفض عبد الغفار منح المحتجين أي امتيازات حتى لا يتكرر ما فعلوه

ويطالب المحتجون بزيادة المبالغ التي يحصلون عليها بعد خروجهم على المعاش، بالإضافة إلى زيادة بدل المخاطرة وصرف معاشات تكميلية أسوة بالضباط، والإنصاف في التعامل مع الأمناء والأفراد الذين يقومون باجتياز الاختبارات الخاصة بترقيتهم لضباط، وأيضاً زيادة عددهم، خاصة الحاصلين على ليسانس الحقوق، وفقاً للقوانين التي عُدِّلَت بعد «ثورة 25 يناير».
جراء ذلك كله، اضطر وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، إلى إرسال مساعده للأمن العام، اللواء كمال الدالي، للتفاوض مع المعتصمين بعد سيطرتهم على مديرية الأمن وافتقاد المحافظة للأمن. كذلك دُفع بالقوات المسلحة لتأمين المحافظة التي تشهد اضطرابات غير مسبوقة، فيما طلب الأمناء حضور مندوب من رئاسة الجمهورية للتفاوض معهم بعدما وصفوه بـ«العنف والتعسف» من قيادات الوزارة.
وحتى كتابة هذا التقرير، لم تكن المفاوضات مع المعتصمين قد وصلت إلى حل نهائي خاصة مع تزايد التأييد لتحركات الأمناء من زملائهم في محافظات أخرى، فقد شهدت عدة أقسام على مستوى الجمهورية وقفات تأييد لمطالب زملائهم، بينما التزم المتحدث الرسمي لـ«الداخلية» الصمت، بعدما ساعدت تصريحاته خلال الساعات الماضية في تأجيج الموقف.
وشهد الديوان العام للوزارة استنفاراً كاملاً، حيث اجتمع الوزير مع عدد كبير من القيادات لاحتواء الموقف ومنع تفاقمه أكثر من ذلك، خاصة مع ترشيح الأمور للتصاعد بعد نشر فيديوات يتهم فيها الأمناء والأفراد ضباطاً بالاعتداء عليهم خلال محاولتهم التواصل مع مدير الأمن للتفاوض وحل مشكلتهم بودية.
وهدد التضامن الكبير وسرعة تواصل المحتجين مع زملائهم في المحافظات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف في زيادة الاستنفار في «الداخلية» بسبب المخاوف من تفاقم الأوضاع، فيما تمسك عبد الغفار برفضه منح أي امتيازات فورية للمحتجين، لتجنب تكرار أحداث مشابهة مستقبلاً، فيما صعّد الأمناء والأفراد مطالبهم لتشمل إقالة وزير الداخلية. لكن مصدراً أمنياً تحدث إلى «الأخبار» عن إجراءات تأديبية حازمة قرر وزير الداخلية اتخاذها باتجاه قادة الاعتصام والمحرضين، مشيراً إلى أن قطاع التفتيش في الوزارة سيحقق في «التجاوزات التي حدثت خلال اليومين الماضيين».