لم تنجح آلة القتل التي يواصل أنصار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح استخدامها، في مواجهة المطالبين بمحاكمة الرئيس وأقاربه، في ثني معارضيه عن الخروج في مسيرات جديدة، أمس، في الوقت الذي وجدت فيه الحكومة اليمنية نفسها، في أعقاب مقتل 13 من المشاركين في «مسيرة الحياة»، أمام اختبار إثبات قدرتها على إدارة شؤون البلاد. وشهدت عدة مدن يمنية مسيرات تدعو إلى سرعة محاكمة صالح وعزل أبنائه وأقاربه، إضافة إلى محاكمة كل المتورطين في قتل المحتجّين المشاركين في «مسيرة الحياة» التي وصلت السبت الماضي إلى صنعاء آتية من مدينة تعز، وذلك رغم إعلان وزير الإعلام اليمني علي العمراني أن حكومة الوفاق الوطني كلّفت وزيري الدفاع والداخلية بتأليف لجنة للتحقيق في عمليات قتل المتظاهرين. جرائم أثارت غضب رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة، ودفعته إلى التهديد بالاستقالة إذا لم يُكشف عن هوية منفّذي الهجوم، من دون أن يعفيه ذلك من التعرّض لانتقادات من قبل المحتجين الذين ذكّروه بأنه لم يعد في موقع المعارضة ليطالب بالكشف عن هوية القتلة، بل تقع عليه مسؤولية تحديدهم ومحاسبتهم. من جهته، دعا نائب الرئيس اليمني، الذي يتولى سلطات رئيس الدولة، أنصار صالح وخصومه إلى هدنة. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» عن هادي تأكيده، خلال اجتماعه مع السفير الأميركي في صنعاء جيرالد فيرستاين، «ضرورة التزام جميع الأحزاب والقوى السياسية بالتهدئة، والتقيُّد بقواعدها في شأن عدم التصعيد وعدم الإقدام على أي نشاطات وأعمال قد تتعارض وسير التهدئة»، بينما طالب المحتجّون بطرد السفير الأميركي من صنعاء، إثر تصريحات وصف فيها «مسيرة الحياة» بأنها غير سلمية واستفزازية.أما صالح، فخرج أول من أمس في مؤتمر صحافي جديد، حاول فيه تبرئة ذمته من أي مسؤولية عمّا يجري من عمليات قتل في البلاد، بدليل أنه سيغادر اليمن إلى الولايات المتحدة ليفسح الطريق أمام الحكومة الجديدة والانتخابات من أجل اختيار خليفة له على حدّ تعبيره. وفيما لم يحدد صالح موعداً لسفره، اكتفى بالتعهّد بالعودة إلى اليمن، ومواصلة العمل السياسي، لكن من مقاعد المعارضة. إلا أن صحيفة «الخليج» الإماراتية نقلت عن مصادر يمنية قولها إن صالح ألّف لجنة من ستة أشخاص لإدارة شؤون الحزب والبلاد خلال فترة سفره لتلقّي العلاج في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذه «اللجنة السداسية» ستكون بمثابة مجلس رئاسي ضمني، يتولاه نائبه هادي الذي تعهد بـ«عدم اتخاذ أي قرارات إلا بالرجوع إلى اللجنة»، وفق الصحيفة، في إشارة واضحة إلى سعي صالح المستمر إلى إحكام سيطرته على البلاد. بدورها، حرصت الإدارة الأميركية على التأكيد أنها ستستقبل صالح «لأسباب طبية مشروعة» فقط، وذلك بعد يوم من إجراء مستشار الرئيس الأميركي لقضايا مكافحة الإرهاب، جون برنان، اتصالاً بنائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للمطالبة بالتزام القوات الأمنية «أعلى درجات ضبط النفس» حيال المتظاهرين، فضلاً عن دعوته جميع الأطراف في عملية الانتقال السياسي باليمن الى تجنُّب «التصرفات الاستفزازية التي قد تؤدي إلى المزيد من أعمال العنف». أما فرنسا، فأكدت من جهتها أنها «لا تستبعد العمل مع شركائها لاتخاذ إجراءات بحقّ مسؤولين في الجيش والشرطة أو الأشخاص الذين يسعون عمداً، من خلال استمرار التوتر، إلى تقويض العملية السياسة».
في غضون ذلك، أفاد موقع «المصدر أونلاين» أن وزير الدفاع اليمني، محمد ناصر أحمد، أوقف رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش العميد علي الشاطر عن العمل، وذلك بعدما تظاهر نحو ألفين من ضباط وجنود الدائرة المسؤولة عن الخطاب الإعلامي للجيش، للمطالبة بتوقيفه بتهمة انتهاك حقوق الضباط وأفراد دائرة التوجيه.
إلى ذلك، أعلن مصدر عسكري يمني أمس مقتل 5 جنود وعنصرين من تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»، في مواجهات وقعت بين الجيش والتنظيم في محافظة أبين جنوب البلاد.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)